كيف أتفاهم مع حماتي؟

منذ 2014-07-09

إن العنف يولد العنف، والغضب يولد الغضب، أما الهدوء فإنه يطفئ الغضب كما يطفئ الماء النار، فكوني هادئة في تعاملك مع أم زوجك، واستخدمي لباقتك وتكلمي بعبارات رزينة وودية فهذا هو الطريق لكسب حبها ونيل إعجابها، واعلمي أن علاقة الزوجة غير علاقة الأم، فهذه لها شكل وحب وهذه لها شكل وحب، ولا تتداخل المشاعر مع بعض عند الزوج وسيظل يحتاج إلى زوجته وأمه.


تكثر القصص الطريفة منها والغريبة في شكل العلاقة بين الزوجة وأم الزوج وقد رأيت نموذجين من الزوجات:

النموذج الأول:
من تنظر إلى الحماة على أنها في منزلة والدتها فتعاملها بالمعروف وتتفهم تصرفاتها وتفهم شخصيتها وكيف تفكر، وهذه الزوجة تتميز بالذكاء وسعة الأفق.

النموذج الثانى:
من تنظر إلى الحماة نظرة المنافسة والندية، فهي دائمًا في صراع معها ولا تحاول فهم شخصيتها وكيف تفكر، وبالتالي تفسر تصرفاتها تفسيرات خاطئة أحيانًا وتعسفية أحيانًا أخرى. وهذه الزوجة للأسف تتميز بضيق الأفق وقلة المرونة وتضع زوجها في مأزق كبير لأنه يتمزع بين اثنين هامين في حياته: أمه وزوجته. وفي حالة وجود صراع بين الزوجة والأم يحدث للزوج عدم توازن في علاقته بين هذين الطرفين.

نماذج من الحياة: 
أسيل تحكي عن تجربتها مع حماتها فتقول: "واجهت مشكلة مع حماتي فهي دائمًا تثور على أتفه المواضيع، وإذا ذهبت للزوج وشكيت له عبس في وجهي واعتقَدَ أني أحرضه على أمه، ويصبح الزوج واضعاً في قرارة نفسه أن الزوجة هي السبب في كل مشكلة بالمنزل، وتكون فضولية زيادة عن اللزوم، وأيضًا وقت السفر تتدخل وتذهب معنا ولا تتركنا على الأقل مرة واحدة مع احترامي وتقديري لها وقد حاولت بشتى الطرق أن أكسب رضاها لكن دون فائدة.
 

أنا ولله الحمد علاقتي بحماتي جيدة فإذا أمرتني بشيء أطيعها ولا أعارضها، ويجب الأخذ بهذه النصيحة: "عاملي والدة زوجك ما تحبي أن تعاملي عندما تصبحين مكانها، الحماة أم، ومن حقها أن ترى ابنها سعيدًا وعليها أن تسعد بوجود من تقوم بتوجيهها للوسائل التي تستعين بها من أجل كسب رضا زوجها، فهي أدرى بذلك"، وأضافت: "لا أجادل حماتي في النصائح التي تمليها عليّ وإن كنت أراها أحياناً غير مقنعة ولكن أتقبلها كما أتقبل نصائح أمي الحقيقية لي والحمد لله أرى أن فيها الخير.
 

حماتي تحب الاهتمام بأدق التفاصيل وربما هو أمر يضايق الكثيرات كما كان يضايقني في بداية زواجي، حيث كنا في صراع دائم للفوز بقلب زوجي، ووجدتها في النهاية معركة خاسرة، فهي تحبه بطريقتها وأنا أحبه بطريقتي، وطالما أن سعادة زوجي لا تكتمل إلا بوجود كلتينا قررنا أن نتفاهم لنصل إلى أرضية مشتركة لتستمر الحياة.

اعرفي شخصية حماتك:
ومن خلال معرفتك بشخصيتها؛ قومي بالتعامل معها وإليك أنماط الحموات وطرق التعامل معها:
1. الهينة الودودة وهذه:
- يسهل التعامل معها.
- يسهل كسب ودها ورضاها.
- ويجب الحرص على برها.

2. فضولية بدون إيذاء وهذه:
- تحب معرفة الخصوصيات، وكل شيء عن الحياة مع ابنها بدون إبداء رأي.
- أشبعي فضولها بدون التدخل في الخصوصيات، ولا تسردي كل ما في الحياة الزوجية.
- التعامل معها يحتاج إلى ذكاء.
- أكثري الحديث معها حول حياتك دون الخوض في الخصوصيات.
- أكثري من استشارتها في أمور المنزل (تنظيف- عمل الطعام) سواء كنتِ تعلمين هذه الأمور أو تجهلينها.

3. الغيورة وهذه:
- تغار من زوجة ابنها بدرجات متفاوتة ولأسباب كثيرة.
- لا تظهري مشاعرك تجاه زوجك أمام حماتك.
- عدم المبالغة في التزين أمام الحماة ويفضل الاحتشام.
- التقرب منها والتودد إليها وإشعارها بحبك لها.

4. المتذبذبة وهذه:
- أحياناً تتعامل بلطف وود، وأحياناً أخرى تتعامل بغلظة وسوء.
- تتأثر شخصيتها تأثراً شديداً بأي عامل ولو كان بسيطاً، سواء كان داخلياً أو خارجيًا.
- تعاملي معها بالحسنى في أوقات تعاملها بالحسنى.
- عند تعاملها بغلظة أو سوء، تجنبيها ولا تصطدمي بها ولا تحاولي استفزازها.
- حاولي معرفة أسباب تغيرها إن كانت واضحة، أما إذا لم تكن واضحة فلا تبحثي عنها.

5. المتسلطة وهذه:
- تحب أن تعطي الأوامر ويجب طاعة أوامرها وعدم اتخاذ أي قرار بدون الرجوع إليها.
- السعي للاستقلال بشقة إن أمكن.
- إرضاء غرورها بتركها تأخذ القرارات في الأشياء العامة مع الاحتفاظ بمساحة للقرارات الخاصة بالزوجين.
- محاولة عدم الاصطدام بها.
- التعامل معها يحتاج إلى ذكاء وفطنة.

مفتاح للسعادة أو للمشاكل:
تعتبر أم الزوج أو الزوجة مفتاح من مفاتيح السعادة الزوجية أو باب من أبواب المشاكل. كيف ذلك؟ ففي حالة وجود علاقة طيبة ومتوازنة مع الحماة تصبح الحماة أداة دعم قوية للزوجة؛ فتقف معها في الخلافات بينها وبين الزوج، وتساعدها على فهم شخصيته، وتحكي لها عن طفولته وما يحب وما يكره، وتساعدها أيضًا في تربية أبنائها بالتوجيه والهدايا وغير ذلك من أشكال الدعم.
 

أما في حالة وجود علاقة مضطربة بينهما؛ فتكون الحماة متربصة لكل ساقطة ولاقطة كما قال الشاعر:

عينُ الرضا عَنْ كُل عيبٍ كليلةٌ *** و لكنّ عَين السخط تُبدي المساويا

وقد تكون سببًا في الوقيعة بينها وبين زوجها، ولا قدر الله تكون سبًبا في طلاقها.

وراء كل سلوك نية إيجابية:
هذه فرضية من فرضيات البرمجة اللغوية العصبية (مثلا: إذا سألت لصًا عن سبب سرقته، قد يقول لك أنه لجأ إلى السرقة لكي يطعم عائلته). قال أرسطو: "أعتقد أن الهدف من وراء كل علم وكل تساؤل وكذلك كل نشاط هو قصد الخير" (البرمجة اللغوية العصبية د/ إبراهيم الفقي ص25).

لذلك فكري بأفكار إيجابية مقبولة عن أم الزوج، أي تقولي: أم زوجي لا تقصد إهانتي، أو هي بمنزلة أمي، أو تقصد مساعدتي، أو أحتاج وقت أطول لأفهم أم زوجي، أو هذه هي الطريقة التي تعرفها وإن كانت تعرف غيرها لتصرفت بشكل مختلف.
 

وتذكري عزيزتي الزوجة دومًا بأنك في يوم من الأيام ستصبحين حماة أيضًا فعاملي والدة زوجك كما تحبي أن تُعامَلي عندما تصبحين مكانها.

من صفات الزوجة الصالحة:
من بر الزوجة المسلمة وحسن معاشرتها زوجها: (إكرام أمه واحترامها وتقديرها، لأن أعظم الناس حقًا على الرجل أمه، فهي تعينه على إكرام أمه وبرها فتعينه على البر والتقوى وتكون في الوقت نفسه حبيبة إلى قلبه، وما من شيء أبغض الى قلب الرجل من تفكك الأواصر والبغض والضغينة والكيد بين زوجته وأهله) (شخصية المرأة المسلمة د/ محمد علي الهاشمي ص176).

من أبر البر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن من البر أن يحفظ الرجل أهل ود أبيه} (رواه مسلم).
فلئن تحفظ المرأة أهل ود زوجها فمن باب أولى (صورة البيت المسلم، عصام محمد الشريف، ص 127).
يقول الشيخ الجابري: "الزوج فلذة كبد أمه وهو أمانة أمه في يد زوجته فوجب أن تتلطف بصاحبة الأمانة وتجعلها دائمًا مطمئنة على أنها لن تفقد أمانتها؛ وذلك يكون بالتودد إلى هذه الأم وإظهار الاحترام لها باعتبارها أمًا للزوجين" (المرأة في التصور الإسلامي، ص 118).

نصائح ذهبية:
المثل الشعبي القائل: "مصيرك يا زوجة أن تصبحي حماة" هو مثل بليغ في الواقع الاجتماعي.
وفي الحديث الشريف: «البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، افعل ما شئت فكما تدين تدان» (ضعيف الجامع: 2369). 

إليكي أيتها الزوجة هذه الخطوات التي تقربك من حماتك:
- تجنبي الشكوى لزوجك عما فعلته أمه.
- تكلمي عنها بخير.
- زيارتها وتفقد أحوالها.
- احترمي خصوصية العلاقة بين زوجك ووالدته.
- اغرسي في نفوس أطفالك محبة جدتهم وجدهم.
- قابلي حماتك بوجه طلق وابتسامة صادقة.

والزوجة الواعية تستطيع أن تتعلم من حماتها إذا أحسنت معاملتها، ولكنها تخسر مستقبلها وراحتها إذا عاملتها معاملة ندية أو فظة، أو عدائية، فالإسلام يأمرنا أن نحسن معاملة الكبير، وهناك مثل قديم يقول: "إن نقطة من العسل تصيد من الذباب أكثر مما يصيد برميل من العلقم" وكذلك الحال مع البشر.
 

والحقيقة إن العنف يولد العنف، والغضب يولد الغضب، أما الهدوء فإنه يطفئ الغضب كما يطفئ الماء النار، فكوني هادئة في تعاملك مع أم زوجك، واستخدمي لباقتك وتكلمي بعبارات رزينة وودية فهذا هو الطريق لكسب حبها ونيل إعجابها، واعلمي أن علاقة الزوجة غير علاقة الأم، فهذه لها شكل وحب وهذه لها شكل وحب، ولا تتداخل المشاعر مع بعض عند الزوج وسيظل يحتاج إلى زوجته وأمه.

 

 أم عبد الرحمن محمد يوسف

المصدر: مفكرة الإسلام
  • 19
  • 0
  • 93,158

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً