غزة والمقاومة.. ملحمة صمود!
سارة خليفة
لم ولن يكون الصراع بين أهل فلسطين وعدو مغتصب فقط، فالأمر لا دخل فيه للحدود وبعض التراب! سيبقى هذا الصراع بين الحق والباطل! بين الإسلام وبين أشد من يعاديه!
ستبقى المشكلة في وجود مقاومة تقوم على أساس الجهاد وبناء وتربية الفرد والمجتمع، لا مقاومة مدجنة تكتفي بقيادة هزلية لفتات من بقايا الأرض!
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
غزة تقاوم
أستيقظنا منذ عدة أيام، على أنباء قصف قطاع غزة! وانطلقنا عندها نحاول معرفة أخبار أهلينا هناك بكل طرق التي تستطيع أناملنا أن تصل إليها! وكان ذلك ردًا تصعيديًا من قبل الكيان الصهيوني لموت 3 من مواطنيه!
وبدأت الأخبار تتلاحق.. قصف للمنازل، استهداف من مجموعات يهودية متتطرفة لأهلنا هناك، عدو محتل يحاصر القطاع تحسبًا لبدء عملية برية.. ترقب من قبل الجميع.. وقلوب تلهج بالدعاء أن يحفظ الله دماء أخوة لنا.
عند إعلان الكيان الصهيوني بدء عملية "الجرف الصامد"، مشاهد من الحرب السابقة بدأت تتقافز إلى الأذهان.. يا رب سلم سلم! وبدأت عمليات العدو المحتل والقصف لا يقف على أهلنا هناك .. وتضوي السماء كل يوم من آثار القصف المتواصل على القطاع!! الذي أوصلنا إلي ما يقرب من 70 شهيدًا وأكثر من 500 جريحًا!! أغلبهم من المدنيين ومنهم الأطفال والنساء، نفس الاستراتيجية السابقة لبني صهيون في استهداف المدنيين للضغط على المجاهدين! لم يمر يوم إلا وبدأت عمليات الكتائب تتوالى، و بتدأت الأخبار تتوالى عن مفاجأت كتائب العز.. كتائب القسام! فتحول المشهد للعدو إلي كابوس!
فالمعروف أن مدى الاستهداف من صواريخ القسام لا يتجاوز الـ 80 كيلو متر.. وكانت المفاجأة أنهم تعدت كل ذلك!! وقُصفت تل أبيب!! ووصلت لحيفا! حتى القدس في وسط تكبير من المقدسيين بما فتح الله به على إخوانهم! ولم نجتاز هذه المفاجأة بعد وتم الإعلان على عمليات نوعية من نوع آخر! عمليات بحرية على قاعدة زيكيم!! وتحول في أبعاد المعركة، حتى لتخرج الصحافة العبرية وتقول: "إسرائيل مشلولة!".ولم يبقى مكان في الكيان الصهيوني إلا ودوت فيه صفارات الإنذار!! وفروا هاربيين وبات منهم الكثير في الملاجئ!! يا الله!
وفي ظل ما يحدث من استهداف للمدنيين وقصف يومي لأهلنا بالقطاع.. انشغل المسلمين بمتابعة كأس العالم! بينما تدك البيوت على أهلها، وتتناثر الأشلاء، ويصرخ الأطفال، وتمتلئ المستشفيات بالقتلى والمصابين.. يبكي المسلمون على خروج البرازيل من كأس العالم!!
وفي ظل ما جاء من بيان لقطاع الصحة بغزة؛ بضرورة وقف القصف، والمناشدة بفتح المعابر أمام المصابين؛ تقفل مصر المعابر أمام أهلنا هناك! وتخذل غزة وما ذلك بالخبر الجديد!! ويتفاخر متحدثها العسكري بالنجاح في ضرب الأنفاق في سيناء! وكأن لسان الحال: "نقف مع أخوتنا الصهاينة ضد إرهاب حركة حماس ونتضامن مع ضحاياها!! وهذا أقل ما نستطيع تقديمه.. ضرب أنفاق وإغلاق المعابر". ويبدأ إعلامها في تشويه المقاومة حتى لا نستغرب إن خرجوا يومًا علنًا وقالوا: "وما لنا ومال فلسطين! وأن الصهاينة أقرب لنا منهم! وأن تطهير مصر يبدأ من محاربة الإرهاب في غزة!!".
حقيقة الصراع
لم يكن ولن يكون الصراع، بين أهل فلسطين وعدو مغتصب فقط، فالأمر لا دخل فيه في حدود وبعض التراب! سيبقى هذا الصراع بين الحق والباطل! بين الإسلام وبين أشد من يعاديه!
ستبقى المشكلة في وجود مقاومة تقوم على أساس الجهاد وبناء وتربية الفرد والمجتمع، لا مقاومة مدجنة تكتفي بقيادة هزلية لفتات من بقايا الأرض! وهذه المرة يزيد عليها شعوب من العرب والمسلمين منشغلين بساحرة مستديرة تضرب بالأرجل ويهللوا ويفرحوا حسب تأرجحها!! وقوة إعلامية تعيد تشكيل وعي جديد، فبعد ما كانت قضية دين، أصبحت قضية قومية، وبعدها وطنية لا دخلنا فيها إلا نظرة شفقة وتحويل القناة حتى لا يتكدر صفو اليوم بمشاهد الموت البارد! حتى نظرة الشفقة يريدوا تحويلها إلى غضب من مقاومة تقاوم دولة من أجل ضحايا وهميين وإرهاب في سيناء وبنزين يُهرب! وبعض الشجب بصوت خفيض حتى لا يزعج أسياد الغرب والصهاينة!
فلنعي حقيقة الصراع، ولنعي أن تحرير فلسطين هو دين ولا دخل للحدود ولا التراب فيه! وأن الجهاد يجدد يقين وإيمان تلك الأمة بربها وفي قدرتها على المقاومة! حتى ترفع راية التحرير على الأقصى! فهو ليس حلم ولا يفصلنا عنه غير تغيير القلوب والنفوس وجهادها حتى يرى الله منا خيرًا.
وماذا بعد؟!
إن كان أهلنا في غزة يجاهدوا فلا أقل من أن نشاركهم هذا الجهاد أيضًا:
1. جهاد الكلمة والعلم:
في كل دوائر معارفك، أحيي القضية وعرفها لمن حولك.. اجعلهم يدركوا أبعاد القضية. فما باع أهل فلسطين أرضهم ولا الصهاينة ضحايا!! وتذكر فهي أمة واحدة! «» (رواه مسلم)، وما أكثر السبل في ذلك:
- تابع الأحداث وبلغ عن إخوانك، هذا يزيد من نشر الحقيقة وهذا أقل دعم يقدم لهم، فلا أنسى في يوم حكى لي أحدهم في أيام الانتفاضة، كانت هناك مسيرة تضامنية في جامعة القاهرة مع أهلنا في فلسطين وتحدث الشيخ الأمة أحمد ياسين -رحمه الله- هاتفيًا لهم وكيف أن هذا يحيي القضية ويعزز من فكرة الأمة الواحدة ويشد عضد أخوتنا هناك.
- تحدث عن الأمر في كل من حولك بكل السبل المتاحة لديك، من أول المجالس إلى مواقع التواصل.
- ابحث عن تاريخ فلسطين وأبعاد القضية الكبرى. فهي ليست معركة اليوم أوالغد أو البارحة. حتى تستطيع أن ترد على أي من الشبهات التي تثار أمامك. وما أكثر الكتب التي تتحدث عن تاريخ فلسطين.
2. جهاد المال
لا نقوم بالتبرع لإخواننا، ولكنه جهاد! فإن كنا لا نستطيع الجهاد بالنفس، فجهاد بالمال! {ٱنفِرُوا۟ خِفَافًۭا وَثِقَالًۭا وَجَـٰهِدُوا۟ بِأَمْوَ ٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ ذَ ٰلِكُمْ خَيْرٌۭ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [التوبة:41].
- أحيوا فكرة الجهاد بالمال.. حتى يتجدد روح الجهاد وأن لا يوجد ما يسمى "لا أستطيع فعل شيء!".
- أبحث حولك عن أي هيئة إغاثية -وما أكثرها في بلادنا- وجاهد بمالك وحث غيرك على ذلك.
3. جهاد الدعاء
- الدعاء هو سهام الليل، وسهام الليل لا تخطئ! فلا تنسى الدعاء ولا تستهين به ابدًا.
وكما قال الإمام الشافعي:
سهام الليل لا تخطئ ولكن *** لها أمد وللأمد انقضاء
فيمسكها إذا ما شاء ربي *** ويرسلها إذا نفذ القضاء
- اجعل جزء من دعائك يوميًا في هذا الشهر الكريم لأهلنا وعلى عدوهم، وتلمس أوقات استجابة الدعاء.
- وليكن بيقين {وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِىٓ أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر من الآية:41].
4. جهاد القلوب
- كن عونًا لإخوانك بتغيير نفسك، فلا تكن أنت سبب في مزيد من تأخر النصر، {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد من الآية:11].
- اعزم اليوم فلا أقل من جهاد نفسك نصرة لإخوانك!
5. لا تنسوا الصغار!! أطفال المسلمين اليوم هم جند غد!
- فاعزم وخذ النية في تعليم وتربية الصغار على القضية. عرفهم بها وعرفهم فضل الأقصى وفلسطين. فإن كانوا هم جيل الفتح أجرت –بإذن الله- معهم في تربيتك لهم.
- أشركهم في جهاد المال ولو بالقليل جدًا من مصروفهم، وحثهم على ذلك. وهي فرصة لتعويدهم على الصدقة أيضًا والإحساس بغيرهم من المسلمين وإدراك قضايا الأمة وأنهم جزء لا يتجزء منها مهما كان عمرهم!
- أشركهم في الدعاء بعد الصلاة لإخوانهم.
- أشركهم في البحث عن المسجد الأقصى وتاريخ فلسطين والجهاد فيها، حتى يتعرفوها وتتعلق قلوبهم الصغيرة بها منذ الصغر.
ندعو الله أن يجعل في تلك المحنة منحة للأمة، وأن يحفظ دماء إخوتنا في فلسطين وفي كل مكان، ويسدد رمي المجاهدين ، ويهلك عدوهم ويلقي في قلوبهم الرعب. فكن يا رب لهم وكيلًا وعونًا ونصيرًا فلا حول ولا قوة إلا بك.