تدبر - [121] سورة يوسف (6)

منذ 2014-07-12

{وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} [يوسف من الآية:100]..

سبحان من أدَّبك يا نبي الله..

ما أصبرك أصبرك أيها الصديق وما أعظم خُلقك!

أَوَ بعد كل ما لاقيت من جفوةٍ الإخوة، وظلمة الجب، وألم الفِراق، وربقة الأسر، ومرارة الرق، ووحشة الغربة، وفتنة المراودة، وضراوة السجن، وعلقم الظلم؛ أبعد كل ذلك لم يشهد قلبك إلا الإحسان؟!

لم تقل وقد فتنني ربي وقد ابتلاني ليختبر صبري وجلدي ولو قلت لصدقت؛ لكنك لم ترَ إلا الإحسان في ختام قصتك الحافلة بالمِحن والآلام؟

أي قلب هذا؟!

ليس بغريب عليك يا من قلت من قبل بينما كنت في أصفاد السجن وخلف أسوار الأسر: {ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ} [يوسف:38]..

لقد رأيت الفضل والنِّعمة وأنت حبيس جدران السجن الرطبة، فكيف لا تراه هاهنا؟!

لكأني أرى جدك إبراهيم عليه السلام في خِضمِّ البلاء، وهو يترك امرأته ومعها فلذة كبده في صحراء قاحلة، امتثالًا لأمر مولاه، فلا يترك الحمد، ولا ينسى النِّعم، قائلًا في هذا المقام الحزين: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم من الآية:39]!

وكيف أسمع لكلماتك تلك ولا يقفز إلى ذهني مشهد أخيك أيوب عليه السلام، وهو يتجرَّع مرارات الابتلاء أعوامًا مديدة، ما بين فقد أهل ومال، وآلام سُقم، وأنَّات مرض، ورغم ذلك لا يُعبِّر عن كل ما رأى من بأس إلا بنفثة يُكلِّلها الثناء: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء من الآية:83]!

إنه لدأب الشاكرين المحبين..

لا يرون إلا الفضل..

ولا يتذكَّرون إلا الإنعام..

وكل ما دون ذلك عندهم هيِّن..

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 2,255
المقال السابق
[120] سورة يوسف (5)
المقال التالي
[122] سورة يوسف (7)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً