وفي العشر حياة .. هلا اغتنمناها؟!
إن كنا من المقصرين في هذا الشهر الكريم، ها هي فرصة جديدة لاغتنامه، وإن لم نحسن الاستقبال فلنحسن الوداع!
أُذِنَ للشهر بالرحيل
ها هي أيام وليال رمضان تمضي سريعة، وها قد مضى ثلثي الشهر وبدأت نفحات العشر الأخيرة في رمضان، ومعها يخفق القلب ويرتقب ليلة القدر.
فمن نعم الله علينا في هذا الشهر -وهي نعم لا تحصى- أن أنعم علينا بأفضل عشر ليال في العام كله فيه، ليال مغفرة وعتق، فمن قصَّر في العشرين الأولى، جاءت العشر الأواخر تحيي القلوب وتعطي أمل كل ليلة لنيل عطايا الرحمن من رحمة ومغفرة وعتق من النيران.
ونعم الله لا تتوقف في هذا الشهر العظيم، فمنَّ الله علينا بليلة خير من ألف شهر يقول ربنا جلَّ وعلا عنها {{وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ . لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌۭ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍۢ}} [القدر:2-3].
فتحكي أمنا عائشة رضى الله عنها عن نبينا صلى الله عليه وسلم في هذه العشر: " «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره» " (رواه مسلم)، وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر"، فنبينا صلى الله عليه وسلم، كان هذا اجتهاده في العشر وهو المغفور ذنبه، فكيف يكون حالنا نحن؟!
وفي العشر حياة
إن كنّا من المقصرين في هذا الشهر الكريم، ها هي فرصة جديدة لاغتنامه، وإن لم نحسن الاستقبال فلنحسن الوداع! ولكن كيف؟! وإن لم يغفر لنا في رمضان، فمتى؟! عَنْ أنس بن مالك قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «هذا رمَضانُ قد جاء تُفتَّحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ وتُغلَّقُ فيه أبوابُ النَّارِ وتُغَلُّ فيه الشَّياطينُ، بُعْدًا لِمَن أدرَك رمَضانَ ولَمْ يُغفَرْ له إذا لَمْ يُغفَرْ له فيه فمتى»" (حديث مرفوع).
هذه بعض المقترحات لإحسان ختام الشهر:
1. الإحسان لقلوبنا:
ماذا يملك الإنسان أغلى من قلبه حتى يتعهده ويطّوِّعهُ لحب الله والعبادة؟! هذا الشهر وهذه الأيام فرصة لمن أراد أن يطهر قلبه، ويزاحم سيئاته ونكاتها في قلبه بالطاعات والرحمات. فرصة لمن أراد أن يستشعر حلاوة الإيمان واليقين في قلبه، وحضور قلبه في الصلاة.
فإن كان الكم مهم، فلا أهمية له إن لم يترك أثر في القلوب، فاجعل لك قبل أي إقبال على عمل وطاعة في تلك الأيام وقتاً لتذكر نيتك، ولتستحضر معية الله ومراقبته لك، وأنت تقف لصلاة أو دعاء وذكر استحضر أنك بين يدي الله تدعوه وترجوه. فأهم ما يمكنك اغتنامه في رمضان هو حضور قلبك وخشوعك، فلا تغفل عن ذلك.
2. شهر القرآن:
رمضان شهرالقرآن، ففيه أُنزل {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًۭى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ} [البقرة من الآية:185]. فاجعل القرآن جليسك في هذه الأيام، وأكثر في القراءة فيه ولا أقل من أن تجعل لنفسك ختمة في تلك العشر! ولا تنسى التدبر! فاجعل لنفسك ورد يومي لتدبر آيات القرآن تحيي قلبك بها، فهذا كلام الله لك.
3. القيام:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" (متفق عليه) فإحياء الليل بالقيام وليس بالنوم. وكن من عباد الرحمن الذي وصفهم الله في آياته { {وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًۭا وَقِيَـٰمًۭا}} [الفرقان:64]. فالقيام وإن كان نافلة ولكنه ركن أساسي لحياة قلب المسلم ومصنع الإخلاص. ولا تبخل على أهلك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله، فهيا أيقِظ الجميع! فإن وقت السحر ليس لطعام السحور فقط!
4. الاعتكاف:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر، وأهمية الاعتكاف تأتي أن المؤمن يجمع عليه قلبه ويكف نفسه عن الانشغال عن كافة مشاغل الحياة. فهو يترك روتين الحياة ويجتمع مع ربه، يزكّي قلبه. ولمن لا يستطيع أن يفرغ جميع العشر للاعتكاف، فلا تبخل على نفسك بأن تمكث في أحد المساجد بنية الاعتكاف وتجمع عليك قلبك، حتى ولو لمدة ساعات قليلة كل يوم.
5. نصيحة لأختنا:
لا تجعلي شيء يسرق منك تلك الأيام! فلن تأتي مرة آخرى!
- اجتهدي أن تُحسِني من استغلال وترتيب وقتك، لتجعلي مهام البيت في الصباح في سويعات قليلة، وإن أتى الليل تجعليه وقتك المخصص للعبادة.
- خذي في كل حركة وسكنة لكِ في البيت نية لتُثابي عليها.
- واجعلي لسانك رطبًا بالذكر دائمًا.
- تذكري أنكِ "دينمو" البيت؛ فلا تبخلي عل نفسك أن تُذّكِّري الجميع بأهمية تلك الليال وفضلها، وأيقظي أهلك للقيام، وحثيهم على الطاعات.
- أولادك؛ حبِّبيهم في تلك الأيام، واجمعيهم معك في الصلاة والدعاء.
- اجعلي جزءاً من طعامك كل يوم يخرج إطعام لصائم محتاج، حتى وإن كان تمر وماء، وأشركي أولادك معك في هذا الأمر حتى يتعلموا حب إطعام الطعام والشعور بإخوانهم وتفريج الكروب.
6. لا ننسى إخواننا:
الدعاء الدعاء لكل إخواننا المستضعفين في كل مكان، أن يحفظهم ويسدّدهم ويرهب عدوهم.
7. ليلة القدر:
هي أهم ليلة في العشر الأواخر، وهي خيرٌ من ألف شهر يقول ربنا جلَّ وعلا عنها {{وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ . لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌۭ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍۢ}} [القدر:2-3]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نتحرى بركتها في أيام الوتر «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» (متفق عليه).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم عنها: ««مَن قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه»» (صحيح البخاري)، وقيامها يكون بالصلاة والذكر والدعاء، فتقول أمَّنا عائشة رضي الله عنها: «"قلت: يا رسول الله، أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟، قال: «قولي: اللهم إنك عفو كريم، تحب العفو، فاعف عني» » (رواه أحمد).
8. زكاة الفطر:
عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما: « "فرَض النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صدقةَ الفِطرِ، أو قال: رمضانَ، على الذكرِ والأنثى، والحرِّ والمملوكِ، صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعيرٍ، فعدَلَ الناسُ به نصفَ صاعٍ من بُرٍّ» " (رواه البخاري). فلا ننساها، ووقتها قبل الخروج إلى صلاة العيد لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ««أمر بزكاة الفطر أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة» » (متفق عليه).
- التصنيف:
- المصدر: