هَمُّ الطفولة هَمُّ أمّة

منذ 2014-07-20

التربية ميدان واسع، وآفاق رحبة، من الاجتهادات والأساليب، والمواقف والرؤى، وهي قابلة للتجديد والتطوير، والتفنّن والإبداع وبخاصّة في هذا العصر، الذي اكتظّ بأمشاج من العلوم والمعارف، التي تتنازع الحقيقة وتتجاذبها، وينعكس تأثيرها على فكر الإنسان وسلوكه، وواقعه وعلاقاته.


كثر الحديث عن الطفولة والأطفال، وكثر ادّعاء الدفاع عن الطفولة وحبّ الأطفال، وربّما كان كثير من المتحدّثين يركبون موجة تتلاشى مع الزمن، وتبقى الطفولة ضحيّة عرجاء، تنتظر اليد الحانية الصادقة، التي تسندها، والفكرة الصائبة التي تسعفها.

وربّما كان الحديث عن الطفولة استرضاءً لتأنيب الضمير، وتسكينًاً لعذاباته، وربّما كان تستّرًاً على مآرب مشبوهة بل مغرضة، تتاجر بأجساد الأطفال، وتغتال دينهم، وتعبث بعقولهم.. وتبقى الطفولة المعذّبة بأهواء الكبار ومشكلاتهم، لا تجد الواقفين معها إلاّ بالكلام، ولا المدافعين عنها إلاّ بالمتاجرة والمزايدة، وعقد المؤتمرات، وتصدير القرارات.

ولا أدرك مدى جنايتي على الحقيقة إن كنت أظنّ أنّي بما كتبت، وبكلّ ما كتب غيري، وما يكتب الكاتبون أنّنا نحيط بشئون التربية في علاقاتها المتداخلة بين الأبوّة والبنوّة! وإنّما هي معالجات لهموم حاضرة، وطرح لرؤى مُلِحّة، قد يكون كثير منها معالم للتربية الإسلاميّة، التي نستشرف آفاقها وننشدها، ورسمًا لطريق جيل المستقبل، الذي نتطلّع إلى غده الواعد بكلّ أمل وشوق.. وحسبنا أن تكون الكلمة الطيّبة لبنة تنضمّ إلى مثيلاتها في البناء، وشمعة على الطريق.. ويبقى الباب مفتوحاً لكلّ مجتهد جادّ، ينشد الحقّ، ويجاهد في سبيله.

وإنّ أهمّ أوجه أزمة الأمّة، وما يعوّق نهضتها: أزمة التربية بمفهومها الشامل المتكامل، وهي تكاد أن تكون أزمةَ الأمّة الكبرى، فلو أعدتَ كلّ أزمة إليها لما كُنتَ مغاليًا ولا مبالغًا، وأحسب أنّ من يعرض عن الاهتمام بأزمة التربية، ويشتغل بغيرها من الشئون والأزمات كمن يشتغل عن معالجة المرض بالعرض، فسيجد نفسه بعد حين أنّه لم يفلح في إزالة العرض، وفاته القضاء على المرض.

والتربية التي نريد تلك التربية الشاملة المتوازنة، التي تعطي كلّ ذي حقّ حقّه، فهي تشمل عقل الإنسان وجسده وروحه، وتوازن بين حقوق الإنسان وواجباته، وتجمع بين علاقاته الخاصّة والعامّة، وتقتنص الحكمة حيث كانت دون تفريط بالثوابت أو خروج عنها.

والتربية ميدان واسع، وآفاق رحبة، من الاجتهادات والأساليب، والمواقف والرؤى، وهي قابلة للتجديد والتطوير، والتفنّن والإبداع وبخاصّة في هذا العصر، الذي اكتظّ بأمشاج من العلوم والمعارف، التي تتنازع الحقيقة وتتجاذبها، وينعكس تأثيرها على فكر الإنسان وسلوكه، وواقعه وعلاقاته.

 

 عبد المجيد البيانوني

  • 0
  • 0
  • 3,429

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً