بيان هام وخطير!
أبو محمد بن عبد الله
لو أن بيانًا أُعْلِن أنه سيلقيه الرئيس للشعب، أو قائد في جيش لاشرأبَّت الأعناق وألْقِيَت الأسماع؛ تنتظر البيان، تسمعه كلمة كلمة، ثم تتبعه بالتحليل والتفسير، ثم يصير حديث كل نادٍ... فهذا بيان قرآني ربّاني؛ هو الأصل في البيان والإيضاح، وما كلام الناس معه إلا كالجسر الذي يربط بين الضفتين، حين يبعد الناس عن فهم كلام الله مباشرة، واستنباط حِكَمِه وأحكامه منه مباشرة كما كان السلف الصالح رضي الله عنهم.
- التصنيفات: الطريق إلى الله -
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد؛ فهذا بيان قرآني، هو الأصل في البيان والإيضاح، وما كلام الناس معه إلا كالجسر الذي يربط بين الضفتين، حين يبعد الناس عن فهم كلام الله مباشرة، واستنباط حِكَمِه وأحكامه منه مباشرة كما كان السلف الصالح رضي الله عنهم.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
{هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)} [آل عمران:138-148].
بيان واضح عظيم ودرس بليغ من سورة آل عمران .
الأصل أن كلام الله بيان بنفسه.. آياته بيِّنات.. مُبَيَّنات ومُبَيِّنات.. ولبعد الناس عن القرآن تَدَببُّرًا ولغة وجوًّا.. جاءت ضرورة التفسير والبيان... ومن هنا نقول في هذا البيان بيان لأمرو كثيرة جدًّا؛ منها:
1 - أن القرآن بيان، فيه آيات مُبَيَّنات في ذاتها ومُبَيِّنات لغيرها، مما يتعلق بالحياة الدنيا والآخرة، ومما يتعلق بحياة البشرية قاطبة.. {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ}، وهو بيان لجميع الناس، فمن شاء اتبع بيانه وأخذ به فقد أفلح، وإلا فعى نفسه جَنَى.
2 - وهو هدى للتي هي أقوم.. أقوم منهجا وعقيدة وخُلُقا وتشريعا: {وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} ، وإنما يهتدي بهذا الكتاب المتقون المؤمنون العاملون بما علموا به،{إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} [يونس:9]، أما الذين يرفضون الإيمان ويجانبون التقوى فهو عليهم عمى وعذاب: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت:44].
3 - وأنه موعظة.. تعظنا بكل معروف وجميل ونافع، وفي جميع مناحي الحياة، بل موعظة الدنيا والآخرة، ولكن يتَّعظ بالموعظة وينتفع بالذكرى المتقون: {وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}.
4 - بيان بأنه ما دمتم مؤمنين فأنتم الأعلون وإن غُلِبتم في ظاهر الأمر.. الأعلون حالا ومآلا.. فإن العاقبة للمتقين دنيا وأخرى.. ومهزوم ظاهريًّا في رضى الله خير من ممَكَّن في سخط الله.. {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
5 - بيان بأن الأيام دول .. والابتلاء سنة.. وأن ما أصابكم فقد أصاب القومَ مثلُه، {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}، ولكنه كما في الآية الأخرى: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون} [النساء: 104]. نرجو إحدى الحسنيين:
فإن أنا مُتّ فإني شهيد .. و أنت ستمضي بنصر جديد
6 - أننا منهيون عن التهاون والهوان والاستسلام والحزن الذي يُكبِّل صاحبه ويُسخِط قبلَهُ عن قضاء ربِّه: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا}، {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد:(35]، وفي الآيتين : {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}، وفي الأولى شرط العلو: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .
7- وأن ما يلقاه المؤمنون من شقوة ولأواء، ليس إهمالا لهم من الله سبحانه، وإنما لاختبارهم، واتِّخاذ الشهداء منهم على هذه الأمة، {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}، وليس معنى الشهادة أن تموت في سبيل الله فحسب، {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143]، فَ {كَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء:41].وإنما معناها أن تؤدي الشهادة الحقَّة لهذا الدين، وتوقِّعها بالختم الأحمر والدم القاني حين تنفق حياتك في سبيل الله، وتقدم روحَك على راحتك..
8- وأن هؤلاء ظالمون لا عاقبة لهم لأن الله لا يحبهم، {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}، وإنهم إنما يحاربون الله تعالى بحرب لدينه ولأنبيائه وللدعاة إليه، والذين اختاروا أن يقولوا ربنا الله: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [الحج:40]، إنهم لا ينتصرون لأنهم يحاربون أولياء الله، فآذنهم بحربه سبحانه، كما في الحديث: « »(البخاري؛ صحيح البخاري، برقم:[6502])، فكيف ينتصر من يحاربه الله تعالى، وإن طالت المعركة ابتلاءً وتمحيصًا للمؤمنين، واستدراجًا للظالمين، فإن العاقبة للمتقين
9- وأن من السنة تمحيص المؤمنين قبل محق الكافرين؛ حتى لا تخلوَ الأرض من قيادة {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}، ولاحِظ أن تمحيص المؤمنين قبل محق الكافرين، وقد سُئل الإمام أحمد رحمه الله: أيبتلى الرجل أو يُمكَّن؟ فقال: لا يُمكَّن حتى يُبتلى. فلا ننتظر أن يذهب الكفر وتزول دولته ولمَّا نجتهد في ضبط سكتنا على طريق الإسلام، ونتحلى بأخلاقه، ونرتفع بهاماتنا إلى مهمَّاته، تاركين وراءنا، بل تاركين أسفل منّا سفاسف الأمور وأسافِلها، وبُنيَّات الطريق، التي أهلكت وأنهكت كثيرًا من المسلمين.
10 - للمؤمن من وراء صبره وجهاده غايتان: إحداهما في الدنيا، وهي النصر على الأعداء والتمكين لهذا الدين، وهي إحدى الحسنيين، والثانية هي دخول جنة ربِّ العالمين التي أعدَّها للمتقين، وهي إحدى الحسنيين الأخرى، وكما أنه لا تمكين ولمَّا يُبتلى الرجل، ولمَّا يدفع ثمن التمكين من الابتلاء؛ فلا يحسب أنه يدخل الجنة بمجرد الأماني، ولمَّا يدفع الثمن من الصبر والجهاد {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}؟!
11- أيها المؤمنون قد جاءكم ما تمنيتم من البذل والصبر والاستشهاد في طريق الجنة... فإياكم والنكوص على الأعقاب: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}، وليس من رأى الموت كمن سمع عنها، ليس من رأى بوارق السيوف، عفوًا؛ أي سيوف؟! بل الصواريخ والطائرات تنشر الموت على رؤوس الخلائق! فالصبر الصبر، والثبات الثبات.. حتى الممات.
12 - فيها بيان بأن التعلق بالأشخاص ممنوع.. غير محمود العاقبة.. ولو كان هذا الشخص هو خير البشر وسيد الأنام وإمام الأنبياء والرسل.. {مَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}، وكما قال الصديق رضي الله عنه يوم المصاب الأكبر: "ألا من كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"(البخاري في صحيحه، برقم:[3668])، ولنا بحثُ مند سنين مطوَّل بخصوص التعلق محوره الأساسي هذه الآية. ومن قبل قال الله تعالى للنصارى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المائدة:75].
13 - بيان في أن الآجال بيد الله، وأنها آجال مضروبة سلفًا، لا يقدمها إقدام، ولا يؤخرها إحجام.. فالشجاعة لا تقتل، والجبن لا يطيل العُمُر.. {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا}، خلافًا لمنطق المنافقين والكفرة حين قالوا بجهل: {لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا} [آل عمران 156].
14 - بيان أن الناس على نياتهم: منهم من مريد بجاهده وتضحيته وجه الله والدار الآخرة، ومنهم من يريد الدنيا من ( مال وكراسي..)، وليس لنا إلا الظاهر، ولكن لا نكون مغفَّلين، فللصدق علامات، وللكذب علامات، والله يعلم ذلك، وسيجزي الشاكرين الصادقين، ومِن شكره سبحانه لهم أن يُبَيِّن صدقهم في الدنيا والآخرة، ويفضح عُبَّاد الدنيا {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ}، كما أن هذا الطريق يستحق الشكر لله تعالى رغم كل ما ظاهره مشقة وعنت وخوف ونقص من الأنفس الثمرات.
15 - فيها بيان أنها سنة الأنبياء وأتباعهم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}، وأنَّ هذاالطَّرِيق "طَرِيقٌ تَعِب فِيهِ آدم وناح لأَجله نوح وَرمي فِي النَّار الْخَلِيل وأضجع للذبح إِسْمَاعِيل وَبيع يُوسُف بِثمن بخس ولبث فِي السجْن بضع سِنِين وَنشر بِالْمِنْشَارِ زَكَرِيَّا وَذبح السَّيِّد الحصور يحيى وقاسى الضّر أَيُّوب وَزَاد على الْمِقْدَار بكاء دَاوُد وَسَار مَعَ الْوَحْش عِيسَى وعالج الْفقر وأنواع الْأَذَى مُحَمَّد"[ابن القيم، الفوائد:43]، وأنك مهما سالمْتَ وهادنْتَ وداهنتَ فلا بد من أن تذوق الكأس.. وإلا فاتهم نفسك أو منهجك.. وكما أنه :{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}؛ فكذاك اعلم علم اليقين أنه لا ولن يرضى عنك أتباعُهم من طواغيت الحكم العلماني حتى تتَّبع عَلمانيتهم، لأنهم أصلا أتباع ومنفذوا خطط اليهود والنصارى وأولياء لهم... ولا يحتاج العاقل إلى توضيح هذا ولا البرهنة عليه، وهم ما أحوجونا إلى برهان، إلا من أراد الله فتنته وطمس بصيرته!
16 - وبيان أن زاد المعركة- سلمية كانت أو غير سلمية - هو التوجه إلى الله تعالى بالذكر والدعاء والتضرع.. وسؤال السداد والعون والنصر والتوفيق .. وأنه يغفر الزلات والأخطاء ولو كانت إسرافًا، لأنه الغفار التواب {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
17 - وبيان بأن المرجو في ثواب الدنيا والآخرة هو الله سبحانه، ومن غيره لا نرجو نصرًا ولا ثوابًا {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ}.
18- وفيه بيان أن ثواب الآخرة حسن من ثواب الدنيا، فالمرجو فيها أحسن، تجد ذلك في قوله تعالى في هذا البيان {ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ}، فالحسن أضيف فقط لثواب الآخرة.
أرجوا أن أكون قد وضعت بهذه المُطَط عناوين البيان لا تفاصيله، وكما يقال: اللبيب تكفيه الإشارة؛ فكيف بمختصَر العبارة؟!..
ولا يفوتني التنبيه إلى مقصد عرض هذا البيان الهام والخطير، أنه ليس محدودًا بزمان ولا مكان، وإنما متعلق بوجود الإيمان الحي المتحرك، ووجود الكفر الشانئ.. في أشخاص، في هيئات.. في دول وحكومات.
والله أعلم