تدبر - [340] سورة الصافات (2)

منذ 2014-07-25

هبَّ نبي الله إبراهيم عليه السلام من نومته.. لقد ثبتت الرؤيا واستقر الوحي ورؤى الأنبياء حق.. لقد صدر الأمر بالتضحية وجاء موعد البلاء المبين.. بعد كل تلك البلاءات المتتابعات من جفوة الأهل وإلقائهم إياك في برد الجحيم، وارتحال في البلدان أليم، ومراودة لزوجك من أفاك أثيم، وتركك لذريتك في واد غير ذي زرع عن الماء عقيم. بعد كل ذلك يأتي البلاء المبين وتكون وولدك عند حسن الظن يا إبراهيم.

هبَّ نبي الله إبراهيم عليه السلام من نومته..

لقد ثبتت الرؤيا واستقر الوحي ورؤى الأنبياء حق..

لقد صدر الأمر بالتضحية وجاء موعد البلاء المبين..

بعد كل تلك البلاءات المتتابعات من جفوة الأهل وإلقائهم إياك في برد الجحيم، وارتحال في البلدان أليم، ومراودة لزوجك من أفاك أثيم، وتركك لذريتك في واد غير ذي زرع عن الماء عقيم.

بعد كل ذلك يأتي البلاء المبين وتكون وولدك عند حسن الظن يا إبراهيم.

لقد أقدم الخليل على تلك التضحية التي لا توصف وقال الكلمات لولده الذي طالما انتظره وها هو قد بلغ معه السعي واشتد عوده وآن الوقت ليكون له سندا وعونا فإذا به يؤمر بذبحه!

تُرى كيف كانت مشاعره في تلك اللحظات وهو يتفرس في وجهه؟!
كيف كان حال قلبه المتدفق بمشاعر الأبوة الحانية وهو يردد على مسامعه: 
{يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ} [الصافات من الآية:102]؟ ​

 فقال الولد الصالح الذي ورث عن أبيه الخليل أدبه مع الرب الجليل: {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖسَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات من الآية:102].

فلما أسلما وخضعا واستسلما ورقد الغلام على وجهه وصار للأرض الجبين ولامس العنق السكين رُفع البلاء المبين وحدث الفداء من الكريم وقال:  وفديناه بذبح عظيم.


هذا المشهد الذي يحمل أسرارا عميقة ومشاعر يعجز القلم عن وصفها تلخصه كلمة واحدة: إنها التضحية

التضحية التي ربما لم يعرف العالم مثلها.

قد يجوع المرء ليشبع ولده ويتحمل البرد ليدفئ ولده، وقد يحرم نفسه من اللذة والمتاع ليهنأ فلذة كبده. 
أما والد يقدم على ذبح ولده امتثالا لأمر مولاه ودون لحظة تردد!
إن هذا لشيء عجاب! 

وبيده هو وليس بيد غيره ورغم ذلك يقبل!
ويقبل الولد وكأنما يقولان للعالم بلسان الحال: (لا نقدم شيئا على تعظيمنا لله، لا شيء يقف بيننا وبين مراد الله، لن يعطلنا عن إرضائه وامتثال أمره شيء ولو كان أقرب الناس إلى قلوبنا وفلذات أكبادنا).


هذا في تقديري أهم معنى ينبغي أن يستقر في قلوبنا بينما نتأمل تلك القصة القرآنية..


معنى التضحية. المعنى الذي لا يستقر إلا في قلب المعظّم، ولهذا كان يوم النحر هو اليوم الأعظم، يوم التعظيم.

يوم الإعلان والصدع بهذه القيمة؛ أنه لا شيء ولا شخص ولا محبوب ولا مرغوب ولا مرجوّ أعظم في قلبي من الله، وأنني على استعداد لأن أضحي بكل شيء في سبيل رضاه. 

لهذا استحق أن يكون الأعظم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 2
  • 0
  • 3,496
المقال السابق
[339] سورة الصافات (1)
المقال التالي
[341] سورة الصافات (3)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً