[341] سورة الصافات (3)
محمد علي يوسف
التضحية في الحقيقة هي نتيجة التكبير والتعظيم وليس العكس..
فالأصل هو التعظيم وحينما يأتي التعظيم وتكبير الله بصدق تأتي التضحيات والمجاهدات وتظهر البطولات وتتحدد الاختيارات.
فالتضحية قرينة التعظيم ونتيجته.
- التصنيفات: التفسير -
التضحية في الحقيقة هي نتيجة التكبير والتعظيم وليس العكس..
فالأصل هو التعظيم وحينما يأتي التعظيم وتكبير الله بصدق تأتي التضحيات والمجاهدات وتظهر البطولات وتتحدد الاختيارات.
فالتضحية قرينة التعظيم ونتيجته.
وما من مضحٍ يضحي إلا إن كان معظّما لما يضحي لأجله، فتهون بالمقارنة قيمة أي شيء يُضَحَّى به، أو أحّب ماله إليه كما في فعل سليمان عليه السلام حين شغلته الصافنات الجياد عن ذكر ربه فطفق مسحا بالسوق والأعناق وذبحها قربانا إلى الله معلنا أنه لن يقف شيء بينه وبين طاعة مولاه، وحتى لو كان ولده ! {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات من الآية:102]. بل حتى لو كانت نفسه.
لذا كان للشهادة تلك المنزلة العظيمة التي ما نالها صاحبها إلا لأنه اختار أن يضحي بنفسه في سبيل الله عن طيب خاطر وذلك من تمام التعظيم والتكبير المستقر في قلبه فهو بلسان الحال قال: الله أكبر من كل مخاوفي ومرجواتي ومقامه في قلبي أكبر من كل شيء حتى من حرصي على حياتي ونفسي.
ولقد كان حال المضحين دوما مثار استعجاب ودهشة لمن لم يدرك هذه القيمة.
قيمة التعظيم.
فما أقدم إبراهيم على تضحيته بولده إلا لأن مقام الله كان في قلبه أعظم.
وما ضحى يوسف بحريته ومكانته وأعلن أن السجن أحب إليه إلا لأن خشية الله في قلبه أكبر.
وما جاد صهيب الرومي بماله كله أثناء هجرته إلا لأن حبه لله ورغبته في رضاه كانت أظهر.
وما كان خبيب يبالي حين يقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعه إلا لأنه معظّم.
وما قال سعد لأمه حين حاولت فتنته عن ربه بقتل نفسها: (لو أن لك مائة نفس خرجت كلها نفسا نفسا ما تركت ديني فكلي إن شئت أو لا تأكلي) إلا لأن حبه لله أكبر.
وما أقدم عبد الله بن عبد الله بن أبيّ بن سلول على قتل أبيه حين سب نبيه صلى الله عليه وسلم إلا لأن إرضاء الله كان في نفسه أهم.
وما قام حنظلة غسّيل الملائكة ملبيا نداء المنادي يا خيل الله اركبي ومضحيا بليلة عرسه ثم بعد قليل بنفسه إلا لأنه أحب الله أكثر وعظمه أكثر.
وكذلك كان حال كل شهيد صادق وكل منفق مخلص وكل مضح محتسب.
التعظيم والتكبير.