تدبر - [329] سورة فاطر (3)

منذ 2014-08-03

إن تذكر هذا المعني لابد أن يملأ القلب بالحماس والرغبة في المتاجرة مع الشكور جل و علا، الشكور الذي يربحك أعلي الأرباح علي أقل الأعمال وأيسرها، كم عمل بسيط وذكر يسير يكفر أعتي الذنوب ويمحو الله به أعظم الخطايا، فها هي مئة تسبيحة بحمد الله تكفر ذنوبك ولو كانت كثل زبد البحر.

وغالبًا ما تجد معنى الشكر فى القرآن مصحوبًا بالزيادة و المضاعفة {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُور} وهذا معنى جليل نفيس ينبغي للعبد أن يعرفه ويتأمله وأن يعامل به ربه، معنى شكر الله لعباده الطائعين و كثرة خيره و فيض ثوابه، الله يشكر علي العمل القليل بالجزاء الجزيل، الله لا يعاملنا في الطاعات فقط بعدله ولكن بفضله وكرمه ومنه وفيض عطائه وشكره. وهذا هو معني الشكر لغة وشرعًا؛ في اللغة الشكر هو الزيادة 
وإن المرء ليذهل حين يتأمل قدر الشكر فى مقابل العمل، إنها زيادة ليس كمثلها شىء ومقابل لا يعد ولا يحصى 
فالشكور جل وعلا من معانيه السامية أنه هو الذى يغدق على عباده الطائعين بالجزاء الجزيل على العمل القليل {وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} [الشورى من الآية:23].

{إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن:17]، إن أقل الأعمال و أهون القربات تورث ما لا يسعنا وصفه من الخيرات و الحسنات، وتلك الأيام والليالي التى نحن فيها عليها أنموذج واضج لذلك القدر العظيم، ليلة واحدة العمل فيها ببضع وثمانين عام، ليلة بألف شهر، لا تعجب فهو الشكور سبحانه، الشكور الذي لا يشكرك على قدر عملك، ولكنه يشكرك على قدر كرمه وهو ما لا تدركه العقول ولا الأبصار ولا يحيطون به علمًا وليس كمثله شئ.

إن تذكر هذا المعني لابد أن يملأ القلب بالحماس والرغبة في المتاجرة مع الشكور جل و علا، الشكور الذي يربحك أعلي الأرباح علي أقل الأعمال وأيسرها، كم عمل بسيط وذكر يسير يكفر أعتي الذنوب ويمحو الله به أعظم الخطايا، فها هي مئة تسبيحة بحمد الله تكفر ذنوبك ولو كانت كثل زبد البحر، وها هو استغفارك للمؤمنين والمؤمنات تنال به أكثر من "مليار" حسنة بكل مؤمن حسنه، وذكرك في السوق موطن الغفلات ومرتع الشهوات تنال به "مليون" حسنة ويحط عنك "مليون" خطيئة وترفع به مليون درجة ويبني لك بيتًا في الجنة، نعم والله مليون كما صرح بذلك النبى بلفظ ألف ألف، وصلاتك ووضوءك وعيادتك للمريض وغير ذلك من الأعمال اليسيرة التي لها من الفضائل ما لا نستطيع حصره فى هذه السطور ومكانها كتب الفضائل. 

الشكور لا يشكرك على مجرد العمل، وإنما على تفاصيل العمل أيضًا، فالأجر ليس فقط على الصلاة ولكن من بداية الوضوء والثواب مستمر حتى آخر قطرة، ويستمر الأجر بإذنه على كل خطوة وتسبيحة ودعوة بل وعلى كل حرف تتلوه من آياته فسبحان من يشكر على تفاصيل العمل. بل إنه يكافئك على ما لم تفعل بعد وإنما فقط هممت أن تفعل ويثيبك على الترك إن كان لأجله وابتغاء مرضاته فتبارك الشكور.

والأعجب أنه يشكرك إن صدقت وأخلصت على ما قد يأنف منه البشر، ألم تر إلى خلوف فم الصائم كيف أنها أطيب عند الشكور من المسك. إن شئت فانهل ولاتبخل على نفسك بالعشرات بل المئات من أسباب المضاعفة التى لاتقل إن لم تزد عن فضائل تلك الأيام الحاسمة التى نحن فيها.

  • 0
  • 0
  • 5,411
المقال السابق
[328] سورة فاطر (1)- (2)
المقال التالي
[330] سورة فاطر (4)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً