الجندي الناعم.. والجندي الصلب!
أبو محمد بن عبد الله
لقد هزمنا في هذه المعركة هزيمة واضحه وهذه الهزيمه ستطيح برؤوس سياسيه وعسكريه كثيره وكبيره لكن هل ستكون هناك اصلاحات واستنتاج للدروس والعبر؟ هل سيعود جنودنا مقاتلين بدلا من ممارستهم لألعاب الكمبيوتر العسكريه؟ هل سيحمينا جيش "اسرائيل "من الكارثه التي اسمها حماس!
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الحمد لله الذي نصر محمدًا صلى الله عليه وسلم بالرعب مسيرة شهرٍ، الذي قال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ }[الأانفال:60]، والقائل: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ، لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [الحشر:13-14].
فقد أخبرنا القرآن لا بظواهر أعمالهم، ولكن حتى بدواخل أنفسهم، لا باستعراضاتهم، ولكن حتى في اجتماعاتهم السرية.. ولكننا أمة ابتعدت عن القرآن-إلا من رحم الله-، إذ كان واقع كثير من الأولياء كذلك، فإن فئامًا ممن لحق بالمشركين، وصدَّق أخبارهم، وصاروا على عكس ما في الايات، صار بنو صهيون أشد رهبة في صدورهم من الله..
فنحدثهم بما يقول بنو صهيون، لعله فيهم بقية من دفينِ خيرٍ، ومن شفاء غيظ قوم مؤمنين، ننقل لهم شهاداتهم على أنفسهم..
فخبراء استراتيجيون صهاينة يقولون:
(الجيش يتصدع على يد حماس التي انتصرت وعملية ناحل عوز مذهلة حطمت قدرة الردع، ومحطة فارقة للأبد وتأثيرها فاق ألف صاروخ على تل ابيب)
رام الله
قال ( يوآف شاروني) وهو خبير استراتيجي صهيوني في مؤتمر هرتسيليا العام لشؤون الأمنيه والعسكريه في مقال له نشرته الصحف العبرية اليوم تحت عنوان "هزيمة جيشنا المدلل العزيز"؛ بأنه أصابه الذهول من هذا التسجيل (لعملية ناحل عوز) الذي فاق تأثيره ألف صاروخ على تل أبيب.
وأضاف: "فقد أظهر جنودنا جبناء وحطم قدرة الردع إلى الأبد وبرأيي سيكون محطة فارقه إلى الأبد".
وتابع :" جيشنا أصبح يريد أن يقاتل دون أن يموت ويريد أن ينتصر دون أن يتقدم على الأرض، نحن أكثر جيش في العالم ينفق المليارات على حماية جنوده محولين إياهم الى اتكالين على النظم الحديثه التي يتفوق عليها العقل البشري".
وقال: "جيشنا شهد مجموعه من الظواهر المخزيه في الآونة الأخيرة ستتسبب في كارثه في نهاية المطاف مثل السماح للشواذ بالخدمة في الوحدات القتاليه والكتائب المختلطه بين المجندين والمجندات ناهيك عن الحفلات والترفيه والرحلات وقضايا الفساد والاختلاسات".
وأضاف: "الجيش هو خط دفاعنا الأخير وبدأ يتصدع في هذه الحرب أمام مقاتلي حماس، جيشنا أصبح من أشد جيوش العالم نعومة وتراخي وتباكيا على حياة الجنود".
وقال: "لقد هزمنا في هذه المعركة هزيمة واضحه وهذه الهزيمه ستطيح برؤوس سياسيه وعسكريه كثيره وكبيره لكن هل ستكون هناك اصلاحات واستنتاج للدروس والعبر؟ هل سيعود جنودنا مقاتلين بدلا من ممارستهم لألعاب الكمبيوتر العسكريه؟ هل سيحمينا جيش "اسرائيل "من الكارثه التي اسمها حماس!
وقال: "عندما ولدت دولة "اسرائيل "من رحم الألم والمعاناة خاضت معارك وجوديه وحاربت على كل الجبهات العربيه مجتمعه كان المقاتل اليهودي مقاتلا صلبا عزيزا يعتز بانتمائه وقضيته كان مقاتلا يعيش بحد سيفه على الشظف والبساطه والخشونه هزمنا كل دول المنطقه وأجبرناها على اتفاقيات سلام يمكن أن نسميها سلما رومانيا تحت سلاح القوي".
وتابع: "لم يعرف جيشنا الهزائم فقد كان جيشا صلبا خشنا انتصر في حرب الاستقلال 48 وحرب الأيام السته 67 وفي حرب الغفران 73 استطاع أن يرد الهجوم ببساله وان يقوم بهجوم معاكس جبار".
وأضاف: "لكن الكارثة التي طالما حذرنا منها حصلت وفات الأوان لقد تحول جيشنا من جيش خشن صلب لا يهاب الموت الى جيش ناعم جبان؛ فبدلا من اعتماده على صلابة المقاتل أصبح يعتمد على صلابة تصفيح الدبابه التي فتتها كورنيت حماس و يعتمد على الجدران الاسمنتيه التي حفرت حماس الأنفاق الشيطانيه تحتها؛ ليخرج مخربو حماس في مشهد هليودي من عين النفق باتجاه موقعنا ثم يقومون في خلال أقل من دقيقتين بذبح عشرة جنود من النخبه مثل الخراف المرتعبه.
وتابع: "هذه الكارثة يتحمل مسؤوليتها قسم التخطيط والتعبئه في جيش الدفاع الذي حول الجيش إلى كتله هلاميه ضخمة من الأجهزة الاكترونيه المعقده لتنحط قدرات الجندي القتاليه ويصبح معاقا عسكريا جل اعتماده على وسائل الاسناد التكنولوجيه ؛ في هذه الحالة تقل قدرات الجندي القتاليه ويصبح جنديا كسولا في حين أن العدو يعتمد على الجندي الصلب البسيط الذي لا تستعبده التكنولوجيا العسكريه....".
منــــــــقول، وهو غيض من فيض.. يعترف فيه العدو بالألم الشديد والذهول لما اصابهم من مفاجأة!
أقول: صدقتَ في وصف جنديك أيها المحلل الناعم أيضًا، ولكنك كذبت في أن السبب هو الخلفية التكنولوجية للجندي الصهيوني، والخلفية البسيطة للجندي الحمساوي!
ذلك أن الله تعالى نبَّأَنا من أخباركم فقال:
{لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ، لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}[الحشر:13-14].
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ، الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأانفال:65-66].
وعكسها لــــــــــــــــــــــــنا.
ولنا أيضًا:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد:7]، {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ}[التوبة:14]. وإنا لنعتبر أن هذه التصريحات التي أخرجها الله من صدوركم وأجراها ‘اى أفواهكم.. إنا لنعتبرها من من معاول الهدم التي يُمَوَّنُ بها تخريب بيوتكم بعدما ما أحدث فيها المؤمنون من الخراب بإذن الله تعالى، وذلك مصداق قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر:2].
إن الحرب عقدية بالدرجة الأولى، فأول سلاح فيها، سلاح العقيدة في الله، والإيمان به سبحانه، ومن ثَمَّ، فنصوص الوحي هي دستور المعركة وقانون الحرب، والقائد في المسيرة، والموجِّه في المعركة، والمفسِّر للأحداث، والمعلِّق على نتائج الصراع من نصرٍ أو هزيمة، تمتما كما كان يحدث بعد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، فتنزل السورة من القرآن نعقيبًا على كل ذي بال مما حدث فيها، من مسلمين أو كفار.
ولا يصلح آخر هذا الأمر إلا بما صلُح به أوله، كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى، وما بقي لأولي الأبصار إلا الاعتبار كما في الآية، فاللهم اجعلنا من أُولي الأبصار.