تدبر - [317] سورة الأحزاب (3)

منذ 2014-08-05

{إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ}..! لقد جعلوا لفظ العورة ذريعة للقعود لستر هذه العورة المزعومة..! لكن يأتي الرد كاشفًا: {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ}.. دعكم من هذا التلبيس واستعمال الألفاظ الشرعية المُلجِمة.. ما هي بعورةٍ وما هم إلا كاذبون جبناء يُبرِّرون خورهم وهم {إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا}.. هذه هي الحقيقة التي كثيرًا ما تلبس بثياب الشرع والحكمة أو تدثر بدثار المصطلحات المختلفة..

{إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [الأحزاب من الآية:13]..

والعورة لفظ شرعي وحكم إسلامي له وقعٌ مألوف في نفوس المؤمنين..

إنها علة أخرى للمنافقين يُبرِّرون بها تخاذلهم عن نصرة الدين..

لكنها هذه المرة عِلَّة مصبوغة بصبغةٍ شرعية تُرهِب أي رافض لها..

إيَّاك أن تتكلَّم أو تعيب عليهم قعودهم عن دفع المشركين يوم الأحزاب أو تنتقد تخاذلهم عن مقاومة المعتدين..!

لقد صدروا عِلَّة شرعية لتسكت وترضى بما يفعلون..!

{إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ}..

لقد جعلوا لفظ العورة ذريعة للقعود لستر هذه العورة المزعومة..!

لكن يأتي الرد كاشفًا..

{وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ}..

دعكم من هذا التلبيس واستعمال الألفاظ الشرعية الملجمة..

ما هي بعورةٍ وما هم إلا كاذبون جبناء يُبرِّرون خورهم وهم {إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا}..

هذه هي الحقيقة التي كثيرًا ما تلبس بثياب الشرع والحكمة أو تدثر بدثار المصطلحات المختلفة..

وتلبيس المصطلحات وتسميتها بغير أسمائها ثم تكرارها حتى تتأصل وتهون مدلولاتها في القلوب - منهج مُتكرِّر مطرد في كل زمانٍ ومكان.. وبشكلٍ يكاد يكون مطابِقًا..

ولقد حدَّثنا المولى جل وعلا عن أمثلة لذلك في غير موضع بكتابه العزيز..

فتجد -مثلًا- تسمية الشيطان للشجرة المُحرَّمة بشجرة الخُلد والمُلك الذي لا يَبلى..

وكذلك تسمية ما بُعِثَ به النبي صلى الله عليه وسلم من الرسالة والوحي بالشعر والسحر والكهانة والأساطير..

ولقد فعلوها يوم تبوك حين قال بعضهم {ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي}[1] فجعلوا الفتنة وهي هاهنا فتنة النساء حجة لترك الجهاد..

وفعلها كبيرهم حين سمّى النبي بالأذل وسمَّى نفسه بالأعزّ..

في عصرنا سُمِّيت المشروبات المُسكِرة والخمور التي تخمر العقل وتغطيه باسم جميل "المشروبات الروحية"..!

وسُمِّيَ الابتذال والتعرِّي فنًا واعتبرت مقاومة المحتل الغاصب إرهابًا مرفوضًا...!

وما تسمية الأشياء بغير اسمها إلا مسوغًا يجعل المتلقِّي يقبلها، مستحسنًا إيَّاها، غير معظمٍ لجرمها، لما تضفيه عليها تلك المسمياتُ "اللطيفة" من طابعٍ ليِّن يُهوِّن من فظاعتها وشدة حُرمتِها..

أو يرفضها مستبشعًا إيَّاها إن كانت من نوعية المُسميات التشويهية..

المهم.. أن ينساق إلى اللفظ الذي استعمل لتغطية الحقيقة..

سواءً كان لفظًا شرعيًا أو غير شرعي.. يظل التلبيس واحدًا في الحالتين.
 

ـــــــــــــــــــــــــــــ

[1]- [التوبة من الآية:49].

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 3,306
المقال السابق
[316] سورة الأحزاب (2)
المقال التالي
[318] سورة الأحزاب (4)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً