عشر وقفات في مشهد غزة

منذ 2014-08-09

في صراعات الحق والباطل، وعلى امتداد مآسي المسلمين وظلمهم هنا وهناك، فلا تغتر بتواطئ الزعماء، ولا تفتن بضعف دور العلماء، ولا تُسلم عقلك لإعلام جائر زاد البلية بلاءً، وإن قصرت في النفقة والدعم المادي، فإياك أن تبخل بالدعوة والدعاء، ولا تحجر عينيك عن البكاء، ولربما قطرة دمعة حَرّى كانت أحبَ إلى الله من الخيل المسومة، وقناطيرَ مقنطرةٍ من الذهب والفضة، ستأتي ربَك فرداً، وستُسأل عمّا تستطيع أنت لا بما ينبغي أن يفعله غيرُك، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً..

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد فهذه وقفات عشر في مشهد (غزة) اتسع لها ظرف الزمان والمكان، فأقول مستعيناً بالله:

1- أيها المسلم: في صراعات الحق والباطل، وعلى امتداد مآسي المسلمين وظلمهم هنا وهناك، فلا تغتر بتواطئ الزعماء، ولا تفتن بضعف دور العلماء، ولا تُسلم عقلك لإعلام جائر زاد البلية بلاءً، وإن قصرت في النفقة والدعم المادي، فإياك أن تبخل بالدعوة والدعاء، ولا تحجر عينيك عن البكاء، ولربما قطرة دمعة حَرّى كانت أحبَ إلى الله من الخيل المسومة، وقناطيرَ مقنطرةٍ من الذهب والفضة، ستأتي ربَك فرداً، وستُسأل عمّا تستطيع أنت لا بما ينبغي أن يفعله غيرُك، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، وحين تذهب أيها المسلم لتشتري ملابس العيد لأهلك، لا تنس أن تساهم في شراء أكفان لإخوان لك يُمطرون بأنواع السلاح براً وبحراً وجواً، وإن شحّت نفسُك عن إغاثة الملهوفين ونصرة المظلومين..

2- تحيةُ إجلالٍ وإكبارٍ للمرابطين على أكناف بيت المقدس، وأنتم ترفعون رؤوسَ المسلمين أمام العالم، وتُحيون الأمل، وتبعثون العزة والكرامة في زمن الذلة والفرقة، ومعذرةً إن خُذلتم من الناس فحسبكم رب الناس، ولا يفتننكم المخذّلون والمرجفون وقولوا حسبنا الله ونعم الوكيل، والتزموا وصية ربكم: {..اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:200].

3- قالوا: "بلغ بنا الذّلُ حتى ذهبت غيرة العربي، وقد كانوا في الجاهلية ينصرون المظلوم ونموذجهم حلف الفضول"، قلت: أبدلنا الله بغيرة المسلم على أخيه حتى كأن الأعجميّ أقرب للعربي، وكذلك تتسع دائرة الولاء للمؤمنين لتشمل كلَّ من نطق بالشهادتين.

4- وقالوا: "هذا زمانٌ رديء كادت مسلمات الدين تُنسى"، قلت: كلا. بل ينبعث الإيمان في الصدور ولو كان المؤمنون قلة، وأكرم بأزمة يُحيَى فيها الإيمان، ويتميز المؤمنون، والزبد يذهب جفاءً..

5- يا أهل الإيمان، لا يأس ولا إحباط، فمن رحم البلايا والمحن يولد الأمن والنصر، وخيار الخلق مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب.

6- وكما يمتحن أهل الرباط في ثغورهم على الصبر واليقين والتوكل والصدق، والمجاهدة يُمتحن الآمنون على النصرة والشكر والدعم والدعاء والإغاثة والمشاعر الحقة تحقيقاً لأخوة الإسلام.
7- وكما يُمتحن الحق ويُبتلى أهلُ الحق، كذلك يتعرى الباطل وينكشف المبطلون، ومن قبل قيل لخير القرون: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ..} [الأنفال:37]، فكن في صف الحق وإن خُذل، وإياك والمبطلين وإن كثروا.

8- أيها الصائمون: وأنتم حديثو عهد بآيات محكمات لا تقبل الشك والمزايدة، فحققوا معانيها على صعيد الواقع من مثل قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10]، {..وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ..} [الأنفال:72]، {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا..} [المائدة:82]، {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [البقرة من الآية:193، والأنفال من الآية:39].

9- ويُفتن عوامُ المسلمين حين تُصور المعركةُ مع اليهود، والرباطُ لتحرير المقدسات على أنها حربٌ حزبية، ويُستغل مصطلحُ (الأخونة) للتشويه والتزوير بعد أن أفلس مصطلح (الإرهاب) للتشويش والتنفير؟ فمتى ولدت هذه الإخوانية؟ وهل تحول إخوان القردة والخنازير إلى ملائكة؟

10- وأخيراً: فمعنى النصر أوسع مما يتخيله البعض، فالثبات على الحق نصر، وانتصار المبادئ نصر، واليقين والتوكل على الله نصر.. أجل: لقد فاز (أصحاب الأخدود) وهم يحرقون، و(فزت ورب الكعبة) قالها المسلم يُطعن ويودع الدنيا، وما النصر إلا من عند الله..

اللهم اجعل لنا ولإخواننا المسلمين في كل مكان من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل عسرٍ يسراً، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد..

سليمان بن حمد العودة

أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الإمام محمد بن سعود

  • 13
  • 0
  • 5,196

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً