غزة تحت النار - (63) الصواريخ العبثية والقبة الفولاذية

منذ 2014-08-13

أثبتت صواريخ المقاومة الفلسطينية على اختلاف أنواعها وأجيالها، وتعدُّد أسمائها، وتفاوت مداها، وتنافس فصائلها، أنها ليست صواريخًا عبثية، وأنها ليست ألعاب أطفال، لا تضر ولا تنفع، أو مفرقعاتٍ صينيةٍ تصدر صوتًا وتفرقع، وتسمع لها قعقعة ولا ترى لها طحنًا، وأنها لا تصل إلى أماكنها، ولا تصيب أهدافها، ولا تؤذي من تقع عليه، ولا تُلحِق ضررًا في المكان الذي تسقط فيه، وهي غالبًا تسقط في أراضٍ غير مأهولة، أو في الشوارع والطرقات العامة، ذلك أنها عمياء غير مهدفة، ودقة اصابتها محدودة، وقدرتها التدميرية بسيطة.

أثبتت صواريخ المقاومة الفلسطينية على اختلاف أنواعها وأجيالها، وتعدُّد أسمائها، وتفاوت مداها، وتنافس فصائلها، أنها ليست صواريخًا عبثية، وأنها ليست ألعاب أطفال، لا تضر ولا تنفع، أو مفرقعاتٍ صينيةٍ تصدر صوتًا وتفرقع، وتسمع لها قعقعة ولا ترى لها طحنًا، وأنها لا تصل إلى أماكنها، ولا تصيب أهدافها، ولا تؤذي من تقع عليه، ولا تُلحِق ضررًا في المكان الذي تسقط فيه، وهي غالبًا تسقط في أراضٍ غير مأهولة، أو في الشوارع والطرقات العامة، ذلك أنها عمياء غير مهدفة، ودقة اصابتها محدودة، وقدرتها التدميرية بسيطة.

شهد العدو الصهيوني أن صواريخ المقاومة مؤلمة وموجعة، وأنها غزيرة ودقيقة، وأنها باتت تصل إلى أهدافها، وتصيب مراكز حسّاسة، ومنشآتٍ صناعية، ومقار عسكرية، وثكناتٍ ومراكز تجمعات الجنود، فضلًا عن أنها أصبحت تصل إلى أماكن بعيدةٍ، ومدنٍ شمالية وأخرى في أقصى الجنوب، وأن أصواتها لم تعد فرقعةً، بل أضحت انفجاراتها مخيفة، وآثارها مرعبة، ومكان سقوطها متهتك ومخرب، يهرب منه المستوطنون، ويخاف من الاقتراب منه المسؤولون السياسيون والعسكريون.

لكن العدو الصهيوني لم يكن ينظر إلى صواريخ المقاومة الفلسطينية كما الأنظمة العربية على أنها صواريخ عبثية، وأنها ألعاب صبيانية، وأسلحة ولدانية يعبث بها الصغار، ويعرض عنها الكبار، بل اعتقدوا أنها خطرة، وأن مفعولها كبير، وأنها قادرة على تغيير موازين القوى، وإنشاء درعٍ فلسطينية واقية، وخلق معادلةٍ رعبٍ حقيقية وفاعلة.

راهن العدو الصهيوني كثيرًا على قبته الفولاذية، ومنظومة الباتريوت، التي اعتقد أنها ستحميه وستنقذه، وأنها ستكون بمثابة مظلةٍ فولاذيةٍ تقيه خطر الصواريخ، وتمنع سقوطها على الأماكن السكنية والمنشئات الاقتصادية، وأن مواطنيه سيأمنون على أنفسهم من خطر الصواريخ المتساقطة عليهم، ذلك أن الصواريخ المضادة ستعترضها وستسقطها، وستبُطِل مفعولها، أو ستقلل من أخطارها.

لهذا فقد اعتمد كثيرًا على منظومته الصاروخية السحرية ليواجه بها الأمطار الصاروخية الفلسطينية، واعتمد كثيرًا على الولايات المتحدة الأمريكية لتموله بما يكفي لتشغيلها، وتُزوِّده بالقذائف المضادة الكافية، التي تُعوِّض النقص المطرد في مخزوناتها الإستراتيجية، ذلك أن كل صاروخٍ فلسطيني كان يتطلَّب على الأقل ثلاثة صواريخ إسرائيلية لإسقاطه، ومع ذلك فإن المنظومة لم تسقط سوى أقل ثلث الصواريخ التي سقطت عليها، بينما فشلت في إسقاط واعتراض أكثر من الثلثين، الأمر الذي خلق احباطًا كبيرًا لديهم، وشكَّل خطرًا على مخزونهم الصاروخي الذي بدأ في التناقص، رغم الجهود الأمريكية الحثيثة للتعويض والتزويد.

العدو الصهيوني راهن كثيرًا على قدراته الصاروخية، وتفوقه العسكري، وطيرانه الحربي، التي ستُدمِّر منصات صواريخ المقاومة، وستُدمِّر مخزونها الإستراتيجي، وستُعرقِل عمل مشغلي الصواريخ، وستضيق على القدرات اللوجستية لسلاح الصواريخ المُتعلِّق بالإخراج من المخازن، والنقل إلى مواقع المنصات وتلقيمها، فاعتقد أن قدرة المقاومة على إطلاق الصواريخ ستتراجع خلال الأيام الأولى للعدوان، وأن مخزونها سيتضرَّر، وفِرقها الفنية ستتبعثر وستتمزَّق، ومنصاتها ستكشف وستضرب.

لكن الواقع أثبت عكس ذلك تمامًا، فقد نضبت المخازن الإسرائيلية، وتراجع مخزون العدو من الصواريخ المضادة، وكادت منصات الباتريوت تتوقف عن العمل لعدم وجود الذخيرة الكافية، فضلًا عن أسعار صواريخها الباهظة بالمقارنة مع صواريخ المقاومة الفلسطينية المحلية الصنع، والقليلة الكلفة، والكثيرة نسبيًا، نظرًا إلى أنها أصبحت تصنع في غزة، ولا يتم الاعتماد على تهريبها من الخارج بعد تدمير الأنفاق، وملاحقة القائمين على عمليات التسليح وتهريب السلاح.

تواصل العدوان الصهيوني على قطاع غزة أكثر من شهرٍ وما زال مستمرًا، لكن صواريخ المقاومة الفلسطينية القصيرة والبعيدة المدى، ما زالت تتساقط على البلدات الإسرائيلية، بنفس الكثافة والحِدّة، ومن مختلف مناطق القطاع، لم تتراجع يومًا، ولم ينقص عددها عن المعتاد حتى اللحظات الأخيرة قبيل دخول الهدنة حيِّز التنفيذ، إذ تتواصل مباشرةً بعد انتهاء مفعولها، ولعل بعضها قد سقط على البلدات الإسرائيلية بعد أقل من دقيقة واحدة على انتهاء الهدنة، الأمر الذي يشير إلى جاهزية المقاومة واستعدادها، وأن مخازنها ما زالت عامرة، وقدراتها حاضرة، وأوامرها صادرة.

تطرح الأوساط الإعلامية الإسرائيلية تساؤلًا موضوعيًا، وتثير شكوكًا حقيقية حول دوافع قيام الحكومة الإسرائيلية بقبول التهدئة، والتوقف عن العمليات الحربية، والانسحاب من مناطق قطاع غزة، والكف عن المعركة البرية، وتسريح الجنود والضباط الاحتياط.

هل أن السبب في ذلك يعود إلى أن الجيش الإسرائيلي قد حقَّق الأهداف التي انطلقت من أجلها الحملة العسكرية على قطاع غزة، ولكنهم يستبعدون هذه الفرضية نظرًا لأنهم يعلمون أن جيش كيانهم لم يحقق شيئًا من أهدافه، ولم يتمكَّن من تنفيذ تهديداته التي أعلن أعنها.

أم أن السبب يعود إلى التخوف من التوغل أكثر في قطاع غزة، والتورُّط في حربٍ بريةٍ طويلة المدى، تُلحِق به خسائر كبيرة، وتُعرِّضه لتقديم تضحياتٍ هو غير مستعدٍ ولا متهيئٍ لها، خاصةً أن عدد قتلاه اقترب من المائة أو يزيد، فضلًا عن وجود جنديين أسيرين، رغم عدم التأكد من كونهما ما زالا على قيد الحياة، أم أن المقاومة الفلسطينية تحتفظ بجثتيهما فقط.

يؤكد كثيرٌ من الإعلاميين والمُحلِّلين العسكريين الإسرائيليين، أن أحد أهم أسباب قبول كيانهم بالتهدئة، يعود إلى عجز القبة الفولاذية عن حمايتهم، نظرًا لعدم كفاءتها وقدرتها لأن تكون مظلة واقية بنسبة مائة بالمائة، وكذلك نتيجة النقص الملحوظ في ذخائرها المضادة، في الوقت الذي أثبتت فيه صواريخ المقاومة جاهزيتها وقدرتها وكثافتها واستمراريتها، وحفاظها على المنسوب والمستوى ومناطق الاستهداف، الأمر الذي يؤكد أن صواريخ المقاومة ليست عبثية، أو أنها لم تعد عبثية، بل أصبحت سلاحًا رادعًا ومخيفًا، ومن الممكن تطويره وتحسينه، وزيادة مداه، وتوسيع إطاره، وتدقيق إصابته.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

مصطفى يوسف اللداوي

كاتب و باحث فلسطيني

  • 0
  • 0
  • 2,124
المقال السابق
(62) العرب شركاء أم متضامنون؟!
المقال التالي
(64) الأنفاق الحربية قدسية وطنية وسرية عسكرية

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً