ولكن حياة في سبيله
سارة خليفة
إن كانت الجنة غايتك..
فكن في ركب التائبين.. الذين أتوا إلى الله وفروا إليه..
كن مع من عمل صالحًا.. وقلبه يرجو القبول والإخلاص..
كن مع من يتقوا الله.. من يحيا بالتقوى.. ويتتبعها في حياته
- التصنيفات: الزهد والرقائق - الطريق إلى الله -
(1)
نسير في دروب تلك الحياة..
نصل لمكان نتمناه فيه..
فنبدأ البحث عن مكان بعده..
نتسابق لنفوز فيها..
نتنافس في سبيلها..
وما هي إلا دنيا.. ولا تساوي جناح بعوضة تطير فيها..
وإن فهمنا عنها ذلك..
ما شغلت كل أوقاتنا..
فنحن لا نمتلك في تلك الحياة الدنيا..
إلا أنفاس معدودة.. ودقائق تمضي ولا تأتي مرة أخرى..
أنفاس معدودة.. سنُسأل عن كل واحدة منها..
فيما خرجت.. فيما بذلت..
دقائق تمضي.. ستشهد علينا فيما قضيناها..
هل كان القلب فيها حاضرًا..؟!
أم غافلًا في دروب تلك الحياة..؟!
(2)
نسير فيها..
فاز فيها من جعل حياته فيها ومماته..
لحظاته وسكانته..
كله.. فيها لله {قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُۥ ۖ وَبِذَ ٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162-163]..
فالله لا يحب أن يشرك في عبادته شيء.. ولا أحد..
إن كان هو الخالق.. المنعم.. الرزاق..
لما تشرك معه في قلبك.. عباده ومخلوقته..
لما تعلق قلبك بأحد غيره..؟!
لما يتعلق قلبك بأحد أسباب رزقك.. من عمل أو مال..؟!
إن كان الأمر كله يرجع له.. {إِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلْأَمْرُ كُلُّهُۥ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود:123]..
لما يتعلق قلبك بغيره..؟!
لما تتوكل على غيره..؟!
فالأرض والسموات في قبضته {وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦ وَٱلْأَرْضُ جَمِيعًۭا قَبْضَتُهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌۢ بِيَمِينِهِۦ ۚ سُبْحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:67]..
والكون كله بين الكاف ونون يقولها {إِنَّمَآ أَمْرُهُۥٓ إِذَآ أَرَادَ شَيْـًٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} [يس:82]..
وقلبك بين يديه..
(3)
خلقنا الله في تلك الحياة..
ووبعث لنا من يتم نعمته علينا.. ويعلمنا ديننا..
كيف نحيا ونعيش في رضاه..
كيف نصل لسكينة القلب والهدى..
كيف يكون لنا قلب سليم.. نصل به للجنة..
فهو السبيل.. كما دعا خليل الرحمن {وَلَا تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ . يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌۭ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍۢ سَلِيمٍۢ} [الشعراء:87-89]..
وجعل لنا في الثقلين حياة.. هدى ونجاة
القرآن وسنة الحبيب « » (صحيح الجامع، حكم المحدث: صحيح)..
فلما نرغب فيما دونهما..؟!
لما نترك كتاب الله.. وهو في متناول يدنا.. ونبغي الهدى في ما دونه!
فكم منا إن نظر إلى مصحفه، وجد عليه التراب.. ولا يذكر آخر مرة قرأ فيه آياته..
متى تدبر..
متى وقف خاشعًا أمام آياته..
أمام نداء ربه له فيه..
لما نترك سنة الحبيب.. ونهتدي بهدى آخرين..
لما نترك قدوتنا.. في كل تفصيلات حياتنا.. ونتتبع سيرة غيره..
فما حياة حبيبنا وأصحابه إلا هدى لنا.. كيف أثر تطبيق مراد الله في تلك الحياة.. حياتهم نور وهدى وفلاح..
فنعيم في الجنة وصحبة..
(4)
إن كانت الجنة غايتك..
فكن في ركب التائبين.. الذين أتوا إلى الله وفروا إليه..
كن مع من عمل صالحًا.. وقلبه يرجو القبول والإخلاص..
كن مع من يتقِّ الله.. من يحيا بالتقوى.. ويتتبعها في حياته {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحًۭا فَأُو۟لَـٰٓئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْـًۭٔا . جَنَّـٰتِ عَدْنٍ ٱلَّتِى وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلْغَيْبِ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعْدُهُۥ مَأْتِيًّۭا . لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَـٰمًۭا ۖ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةًۭ وَعَشِيًّۭا . تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّۭا} [مريم:60-63]..
فالأمر ليس بالتمني..
ولكن حياة في سبيله..