تبرئة الإسلام من جرائم تتم في ساحة الشام
إياد قنيبي
أهم أمر بالنسبة لنا هو تنزيه الشريعة عن الممارسات المشوهة والجرائم التي تتم باسم الإسلام وتصحبها صيحات (الله أكبر) والإسلام منها براء!
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
1. أهم أمر بالنسبة لنا هو تنزيه الشريعة عن الممارسات المشوهة والجرائم التي تتم باسم الإسلام وتصحبها صيحات (الله أكبر) والإسلام منها براء!
2. فليسمعها أهل الشام والمسلمون والعالم: إنا برآء إلى الله من القتل العشوائي الذي نراه في الشام، وليس هذا من الشريعة في شيء. فلا تقولوا لنا غدًا حين ندعو إلى الشريعة والخلافة (قد جربناها). فما هذه الشريعة التي ندعو إليها ولا الخلافة ولا الدولة الإسلامية التي ننادي بها!
3. الإسلام براء من قتل أسرى مسلمين لمجرد مبايعتهم لجماعة من الجماعات. فإعدام أسير مسلم بتهمة انتمائه لجماعة ما ومبايعتها هو جريمة أيا كان القاتل وأيا كانت جماعة المقتول. إن أتى الأسير المسلم ما يوجب القصاص حسب القضاء الشرعي فلولي المتضرر إيقاعه، وإلا فمجرد الانتماء لجماعة لا يُحل دمه أيًا كان ضلال ممارسات بعض منتسبيها.
4. والإسلام براء من وصف مجموعة بأنهم مرتدون دون بينة، وحتى لو غدرت هذه المجموعة أو العشيرة بجنود جماعة أخرى، أو حتى بجنود دولة على فرض شرعيتها، فإن هذا لا يعني ردة هذه المجموعة. بل الغدر معصية تُعامَل بما ذكرنا أعلاه من تمكين أولياء القتلى من القصاص أو العفو.
5. ووصف مجموعة بالكفر من إثمه أنه يرتد على الواصف إن لم يكن الموصوف كافرًا حقًا كما بين نبينا صلى الله عليه وسلم. ومن وصف مسلمين بالردة وليست فيهم فإنه يتحمل إثم قتلهم بالطرق البشعة التي نراها من حز رؤوس وصلب وإعدام جماعي.
6. وأيما جماعة تصدر بيانًا تصف فيه طائفة بالردة دون بينة وترتب عليه القتل فإنها لا تحكم في هذا بما أنزل الله.
7. والإسلام براء من الاقتصاص الجاهلي الذي نراه، والذي تَرُدُّ فيه جماعةٌ (ردًا قاسيًا ورادعًا) يتجاوز الحد في القتل ويأخذ البريء بجريرة المذنب، ولا يخير ولي القتيل بين القصاص والعفو. فإن هذا ما كان يُفعل في الجاهلية وليس من الحكم بالشريعة في شيء. بينما في الإسلام: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} [الإسراء من الآية:33].
8. والإسلام براء من إطلاق أوصاف الصحوات و الخوارج دون تمييز على جماعات بأكملها وترتيب القتل عليها.
9. والإسلام براء من استخدام نصوص في المسلمين مع أنها نزلت في الكفار، كقوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال من الآية:57]، وبراء من محاولة الانتصار على المسلمين بالرعب وبالبغي في القتل!
10. من ثبت إسلامه بيقين لم يزل عنه اسم الإسلام إلا بيقين. ومن الجهل والضلال أن يصدق بعض المتعصبين جماعة في تكفير مسلمين مع أن هؤلاء المكفِّرين لم يأتوا ببينة، ومع أنه قد سبق منهم أن حكموا على ثقات مجاهدين بالردة دون بينة، كأبي سعد الحضرمي رحمه الله، حيث قالوا فيه: "وما قضية أﺑﻲ سعد الحضرمي عنكم ببعيد؛ فإن الدولة الإسلامية قبل ثلاثة أشهر ﻟﻢ تتردد أبدًا في إمضاء حكم لله تعالى فيه بعدما ثبتت ردته بإقراره وبشهادة شرعي فصيله على فعله أنه ردة وكفر". هكذا في مبهمات لا دليل على أي منها!
وقد علمنا أن الله تعالى قال: {لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} [النور:12]. فهذا توجيه من الله أن نكذب من يتهم مؤمنًا بلا بينة. فكيف إذا جاء الحكم بالردة من أناس لا يُعرف حالهم من حيث العلم والثقة والعدالة؟! فلا يكفي في العلم والعدالة أن يكون المرء مقاتلاً شرسًا يحارب الكفار ويحاربونه، فكم قاتلت طوائفُ ضالة في تاريخ الإسلام وحكمت!
11. المسلم لا يستمتع بالقتل، ولا يتفنن في قتل الكافر. قال نبينا صلى الله عليه وسلم: « ». وحين قتل رجال بني قريظة اليهود الذين غدروا بالمسلمين كان يُذهب بجماعةٍ جماعةٍ منهم يُقتلون بعيدًا عن أعين رفاقهم فلا يرونهم، ولم يرِد أن المسلمين استهزؤوا بهم أثناء قتلهم أو ركلوا رأس أحدهم. هذا وهم يهود غادرون. وقد اختلف الفقهاء في هل يعامل الكافر الذي مثل بالمسلمين بالمثل؟ فمن وجد نفسه يستمتع بالقتل وحز الرؤوس وتصويرها فليعلم أنه أصيب بانتكاسة للفطرة وتشوه في نفسيته! فكيف إن فعل شيئاً من هذا بالمسلمين؟!
12. ترفُّقي ببعض شباب هذه الجماعات عند خطابها إنما هو لاستمالتهم للحق والرشد، فهم ليسوا سواء. وإني أعلم أن عددًا منهم تأثر بفضل الله وترك هذه الجماعة. وليس ليني في الخطاب عن جهل بالجرائم التي يمارسها بعض أفراد الجماعات، ولا عن جهل بانحراف وفساد قياداتها والأمنيين فيها، وقد بينت ذلك في مقالي (المحرقة). فلا يظنن ظان أني أترفق بمن يذبح المسلمين منهم وغلاة التكفير! بل هؤلاء مجرمون أبرأ إلى الله من أفعالهم وجناياتهم على الجهاد.
13. كثر الخبث في ساحة الشام، ففي مقابل الغلو هنالك الاجتماع مع العملاء الصرحاء في (مجالس قيادة). فليس الغلو المشكلة الوحيدة، بل عبث الأنظمة العربية والعالمية بثورة الشام واستجابة عدد من الفصائل لها، والتخاذل عن حرب العدو الكافر مع حصر المشكلة في الغلو، وقتالُه لإقرار أعين الطواغيت، كل هذا بات يهدد ثورة الشام بالضياع. ولا يجوز لمسلم أن يقاتل تحت رايات هذا حالها. ولا يعني هذا عدم وجود رايات نقية في ساحة الشام.
14. لم نذكر أسماء الفصائل هنا مع أنها معلومة، وذلك حتى يُعلم أنا إنما نوالي ونتبرأ على أفعالها التي ذكرناها، لا على المسميات.
15. وليسمعها أهل الشام والمسلمون والعالم: ما ذُكر من الحكم بالردة بلا بينة والقتل بناء عليه وحز الرؤوس هي جرائم لا يجوز التقليل من شأنها فضلاً عن تبريرها. بل الإسلام منها براء. ومن يقوم بها ليسوا إخوة منهج! بل ضُلال نبرأ إلى الله من ضلالهم. وعوام المسلمين البسطاء أحب إلينا من هؤلاء بما لا يقارَن. ومع هذا ففي العديد من هذه الجماعات أخلاط من صالحين وطالحين، ولها أفعال خير وأفعال شر. وإن كنا نرى بحرمة القتال مع أي منها ممن كثر فيه أنواع الخبث المذكورة، إلا أننا لا نملك من مكاننا هذا إلا التبرؤ من باطلها وتبرئة الشريعة منه وتحذير منتسبيها من الظلم والعدوان والمتعصبين لها من الدفاع عنه وإقراره.
16. نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.