وجوب الأمر بالمعروف (5)
ابن تيمية
وجعلوا اليقين هو معرفة هذه الحقيقة وقول هؤلاء كفر صريح وإن وقع فيه طوائف لم يعلموا أنه كفر فإنه قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن الأمر والنهي لازم لكل عبد ما دام عقله حاضرا إلى أن يموت لا يسقط عنه الأمر والنهي لا بشهوده القدر ولا بغير ذلك فمن لم يعرف ذلك عرفه وبين له فإن أصر على اعتقاد سقوط الأمر والنهي فإنه يقتل.
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
وقد وقع في هذا طوائف من المنتسبين إلى التحقيق والمعرفة والتوحيد وسبب ذلك أنه ضاق نطاقهم عن كون العبد يؤمر بما يقدر عليه خلافه كما ضاق نطاق المعتزلة ونحوهم من القدرية عن ذلك ثم المعتزلة أثبتت الأمر والنهي الشرعيين دون القضاء والقدر الذي هو إرادة الله العامة وحلقة لأفعال العباد وهؤلاء أثبتوا القضاء والقدر ونفوا الأمر والنهي في حق من سهد القدر إذا لم يمكنهم نفي ذلك مطلقا وقول هؤلاء شر من قولة المعتزلة ولهذا لم يكن في السلف من هؤلاء أحد وهؤلاء يجعلون الأمر والنهي للمحجوبين الذين لم يشهدوا هذه الحقيقة الكونية ولهذا يجعلون من وصل إلى شهود هذه الحقيقة يسقط عنه الأمر والنهي وصار من الخاصة وربما تأولوا على ذلك قوله تعالى {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}، وجعلوا اليقين هو معرفة هذه الحقيقة وقول هؤلاء كفر صريح وإن وقع فيه طوائف لم يعلموا أنه كفر فإنه قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن الأمر والنهي لازم لكل عبد ما دام عقله حاضرا إلى أن يموت لا يسقط عنه الأمر والنهي لا بشهوده القدر ولا بغير ذلك فمن لم يعرف ذلك عرفه وبين له فإن أصر على اعتقاد سقوط الأمر والنهي فإنه يقتل.