العبودية - التفاضل بالإيمان (25)

منذ 2014-08-20

وفي كلام بعض الشيوخ المحبة نار تحرق في القلب ما سوى مراد المحبوب، وأرادوا أن الكون كله قد أراد الله وجوده، فظنوا أن كمال المحبة أن يحب العبد كل شيء حتى الكفر والفسوق والعصيان، ولا يمكن أحدا أن يحب كل موجود، بل يحب ما يلائمه وينفعه وببغض ما ينافيه ويضره.

وفي كلام بعض الشيوخ المحبة نار تحرق في القلب ما سوى مراد المحبوب، وأرادوا أن الكون كله قد أراد الله وجوده، فظنوا أن كمال المحبة أن يحب العبد كل شيء حتى الكفر والفسوق والعصيان، ولا يمكن أحدا أن يحب كل موجود، بل يحب ما يلائمه وينفعه وببغض ما ينافيه ويضره، ولكن استفادوا بهذا الضلال اتباع أهوائهم فهم يحبون ما يهونه كالصور والرئاسة وفضول المال والبدع المضلة، زاعمين أن هذا من محبة الله، ومن محبة الله بغض ما ببغضه الله ورسوله وجهاد أهله بالنفس والمال وأصل ضلالهم أن هذا القائل الذي قال أن المحبة نار تحرق ما سوى مراد المحبوب قصد بمراد الله تعالى الإرادة الدينية الشرعية التي هي بمعنى محبته ورضاه فكأنه قال تحرق من القلب ما سوى المحبوب لله وهذا معنى صحيح فإن من تمام الحب أن لا يحب إلا ما يحبه الله فإذا أحببت ما لا يحب كانت المحبة ناقصة وأما قضاؤه وقدره فهو يبغضه ويكرهه ويسخطه وينهى عنه فإن لم أوافقه في بغضه وكراهته وسخطه لم أكن محبا له بل محبا لما يبغضه فاتباع الشريعة والقيام بالجهاد من أعظم الفروق بين أهل محبة الله وأوليائه الذين يحبهم ويحبونه وبين من يدعي محبة الله ناظرا إلى عموم ربوبيته أو متبعا لبعض البدع المخالفة لشريعته، فإن دعوى هذه المحبة لله من جنس دعوى اليهود والنصارى المحبة لله، بل قد تكون دعوى هؤلاء شرا من دعوى اليهود والنصارى لما فيهم من النفاق الذين هم به في الدرك الأسفل من النار، كما قد تكون دعوى اليهود والنصارى شرا من دعواهم إذا لم يصلوا إلى مثل كفرهم وفي التوراة والإنجيل من محبة الله ماهم متفقون عليه حتى كذلك عندهم أعظم وصايا الناموس.
 

  • 0
  • 0
  • 1,801
المقال السابق
التفاضل بالإيمان (24)
المقال التالي
التفاضل بالإيمان (26)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً