صلاة جماعةٍ مع الكون!!
"هل من حكمة أجتهد فيها في أن تكون صلاة الفريضة لها عدد محدد من الركعات والركعة تحوي أركاناً أساسية لا تصلح الصلاة بدونها؟!"
جلست متأملاً في أن الإنسان كثيراً ما يصرفه اعتياد العبادة وإلفها عن التدبر والخشوع فيها. وعلى الرغم من قناعتي التامة بأن هذا فيه ظلم قبيح للنفس أن نُفقد أنفسنا نعمة التدبر والخشوع إلا أن تساؤلاً قفز في ذهني:
"هل من حكمة أجتهد فيها في أن تكون صلاة الفريضة لها عدد محدد من الركعات والركعة تحوي أركاناً أساسية لا تصلح الصلاة بدونها؟!"
تأملت قليلاً فوجدت عجباً، وجدت أن الله تعالى قد فطر الكون بأكمله عدا الإنسان على السير على نواميس ثابتة وكان استثناء الإنسان بإرادة الإنسان واختياره!
قال الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72].
فوجدت النظام الذي اتبعه في كل صلاة فرض يذكرني بباقي الكون في طاعته المطلقة لله قلباً وقالباً، جوهراً ومظهراً فإذا بي أجد أنه قد تكون من حكم الصلاة على هذه الهيئة المحددة وفي مواعيد منتظمة حيث قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء:103].
أقول فإذا بي أجد أنه قد تكون من حكم الصلاة على هذه الهيئة المحددة وفي مواعيد منتظمة أن ننسجم مع الكون خمس مرات باليوم والليلة ونتصالح معه بمشاركتنا إياه في عبادة ربنا الواحد فنكون وحدة واحدة تعبد الله عز وجل في خشوع أيما خشوع. فكما يسيرالكون على نواميسَ ثابتة، نتشبه نحن به في صلواتنا ونسيرعلى نظام ثابت علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون الكون كله ساعة الصلاة، وهي ممتدة على سطح الأرض، ساجداً لله العزيز الحكيم، فما من دقيقة إلا وتجداً فرداً ساجداً لله عز وجل!
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18].
الخلاصة:
أن نظام صلواتنا الثابت يجب أن نستفيد منه في التأمل والشعور أننا حين نصلى على مناسكَ ثابتة أخذناها عن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فإنما نكون في وئام مع الكون يحبنا ونحبه في الله عز وجل، نصلي معه في جماعة واحدةٍ خاشعةٍ مهيبةٍ لله رب العالمين فاطر السموات والأرض.
- التصنيف: