منطلقات حول دعوة الإمام
عبد الرحمن بن صالح المحمود
لقد عشنا تعليماً وتدريساً وكتباً ودروس مشايخ على هذه الدعوة عشرات السنين، فهل من المعقول أن يكون في هذه الدعوة تلك التهم الكبرى، المشتملة على ألوان من الغلو والتشدد والتكفير والدعوة إلى قتل المسلمين، ومخالفة إجماعهم وأصولهم، ومباينة سلفهم الصالح... إلخ.
- التصنيفات: الدفاع عن علماء أهل السنة والجماعة -
أولاً: إن الدفاع عنها يجري ضمن الدفاع عن مذهب السلف الصالح الضاربة أصوله منذ عهد الصحابة الكرام رضي الله عنهم، فهو شبيه بالنهر الجاري الدائم الذي ينهل منه ويزرع ويركب من وفقه الله لذلك، فليُحذر كل الحذر من تلك المحاولات التي تريد حصرها في شيخ معيّن أو بلد معيّن؛ لأن مذهب السلف هو مذهب الأمة كلها.
ثانياً: التهم التي نسمعها هذه الأيام -ومن المؤسف أن بعضها قد يأتي ممن ينتسب إليها- ليست جديدة، وإنما هي اختصار وتكرار لجملة من التهم الباطلة، قيلت وألّفت فيها كتب منذ أكثر من مائة عام، ولم يكن لها والحمد لله تأثير كبير في الصد عن دعوة السلف الصالح التي تقع دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ضمن حلقة عظيمة من حلقاتها.
ثالثاً: يتولى كبر الهجوم على هذه الدعوة -والذي يقع ضمن الهجوم على دعوة ومنهج ومذهب السلف الصالح- الفئات التالية:
1- التيار العلماني -على مختلف مدارسه- وهذا التيار حاقد في الحقيقة على الإسلام، لكنه يتخذ من الهجوم على دعوة الشيخ المجدد تكئة للهجوم على ثوابت الأمة وأصول دينها وشريعتها.
2- أهل البدع -مغلظة وغير مغلظة- وعلى رأس هؤلاء الرافضة والصوفية وغيرهم.
3- العصرانيون وأصحاب المدرسة العقلانية، وهؤلاء يرون -كأسلافهم المعتزلة- في مذهب السلف تشدداً وتحجراً وعدم مواكبة للعصر، ما علم هؤلاء أن هذه مجرد تهم لا دليل عليها، وأن من حقائق هذا الدين ألا تعارض بين العقل الصريح والنقل الصحيح، وأنه لا صراع بين العلم الصحيح ودين الإسلام، وأن التمسك الصحيح بمذهب السلف هو أكبر داع لقوة الأمة وأخذها بالأسباب المادية النافعة.
4- مجموعة من الطيبين ركبوا الموجة – كما يقال – وصاروا يرددون بعض ما يقال من تهم موجهة لمذهب السلف ولهذه الدعوة، دون أن يدركوا حقيقة الصراع، وأن هجومهم مع الأعداء على هذه الدعوة يرتد إليهم في النهاية.
رابعاً: وأخطر ما في هذه الجملة على هذه الدعوة حين يردد البعض التهم التي ينقلها عن غيره دون حجة أو دليل أو برهان، فمن المؤسف أن البعض في وسائل الإعلام أو في غيرها يكيل التهم جزافاً مقلداً غيره.
وهنا أحب أن أعلق على هذه الحالة بما يلي:
1- لقد عشنا تعليماً وتدريساً وكتباً ودروس مشايخ على هذه الدعوة عشرات السنين، فهل من المعقول أن يكون في هذه الدعوة تلك التهم الكبرى، المشتملة على ألوان من الغلو والتشدد والتكفير والدعوة إلى قتل المسلمين، ومخالفة إجماعهم وأصولهم، ومباينة سلفهم الصالح... إلخ، ولا يكتشف هذا أحد من جهابذة العلماء الذين عرفتهم هذه الدعوة على مدار تاريخها؟ ثم يأتي بعد سنين طويلة مجموعة من أهل الأهواء والبدع والعلمنة والجهلة ليكتشفوا هذا الداء العضال!
2- هذا الهجوم أتى ضمن مسلسل عالمي للهجوم على الإسلام واقتلاع جذوره وأصوله وتجفيف منابعه، وهذا واضح كالشمس يعرفه كل أحد، ويقود هذه الحملة اليهودية والصليبية العالمية، ويعاونهم في بلاد المسلمين طائفتان:
إحداهما: العلمانيون والمنافقون الذين اهتبلوا الفرصة للانتقام وبث الأحقاد الدفينة.
الثانية: أهل البدع الذين تقاطعت مصالحهم مع الصليبيين فرأوها فرصة للانتقام من أعدائهم السنة، وسار في ركب هذه الموجة طائفة من المنهزمين المنتسبين إلى هذه الدعوة -والله المستعان-.
3- أختم بهذه الرسالة المهمة: وأقول للجميع: لماذا نستعير عقول غيرنا ونردد ما يقولون.
دعوا هذا كله وارجعوا إلى كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب واقرؤوها، هل فيها هذه التهم؟ إنني على يقين أن القارئ لها لن يجد شيئاً من ذلك، وإنما سيجد فيها القول المحقق، والدليل الواضح والنقل عن سلف هذه الأمة.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.