الهمّ في الإسلام - العلاقة بين التصور والمشاعر
لا يمكن أن تتأثر المشاعر وتتفاعل بأمر ما إلا إذا حدث تصور لخطورة هذا الأمر، فلا يمكن أن يتحقق حب الله والخوف منه ورجاءه والخوف من الآخرة إلا إذا تصور الإنسان مدى قدرة الله وعظمته ومدى خطورة الآخرة، فغياب المشاعر معناها غياب التصور.
العلاقة بين التصور والمشاعر:
ـ لا يمكن أن تتأثر المشاعر وتتفاعل بأمر ما إلا إذا حدث تصور لخطورة هذا الأمر، فلا يمكن أن يتحقق حب الله والخوف منه ورجاءه والخوف من الآخرة إلا إذا تصور الإنسان مدى قدرة الله وعظمته ومدى خطورة الآخرة، فغياب المشاعر معناها غياب التصور.
ـ والمعرفة العقلية مهما زادت لا تؤدي إلى تأثر المشاعر، فمهما علم الإنسان عن الله وعن الآخرة وما فيها لن يؤثر في مشاعره شيء طالما لا يحدث تصور لخطورة الأمر.
الفرق بين الرؤية والتصور:
ـ قد يرى الإنسان الدليل بعينه ويقتنع به لكن يتغافل عنه كأنه لم يراه فيرفض الأمر استكبارا وعنادا، فالمشركون رأوا معجزات الرسل تحدث أمام أعينهم فلم يتصوروا مدى العجب والدهشة التي فيها ومدى خطورة ما تعنيه فقد أغلقوا همهم تماما: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ}.
ـ وقد يتناسون الأمر بمجرد أن ينتهي: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}، فبعد أن رأوا بأعينهم معجزة سيرهم في البحر ثم غرق فرعون تناسوا الأمر، وقد يرى الإنسان الموت بعينه فينشغل همه بالموت وقصر الدنيا ثم لا يلبث إلا أن يعود ولا هم له غير الدنيا: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}.
ـ ولو شاهد الإنسان كل المعجزات بعينه وذهب إلى الآخرة ورأى الجنة والنار بعينه فلن ينفعه طالما أنه يتعامل مع الأمر كمعرفة فقط، فلو عاد إلى الدنيا فسوف يتناسى الخطر الذي رآه بعينه: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}، فمن أراد الله له الهداية فتصور الأمر وشعر به وعمل به فهو المهتدي ومن لم يرد الله به الهداية فلن يهتدي وإن رأى كل الآيات.
ـ وطالما أن الإنسان يمنع نفسه من تصور حقيقة الشيء فلن يتأثر حتى لو رأى الملائكة تصعد وتنصرف في باب مفتوح من السماء، بل إنه إذا قام الموتى وحدثوهم بما رأوه فلن يؤمنوا ففي تفسير البحر المحيط: ({وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ . لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [الحجر: 14، 15].. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي {فَظَلُّوا} يَعُودُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ لِقَوْلِهِمْ: {لَوْ مَا تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ} أَيْ: وَلَوْ رَأَوُا الْمَلَائِكَةَ تَصْعَدُ وَتَنْصَرِفُ فِي بَابٍ مَفْتُوحٍ فِي السَّمَاءِ لَمَا آمَنُوا)، {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}، {إِنّ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ . وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}.
- المصدر: