(5) خطأ من زعم أنه لا يكفر أحدٌ، إلَّا إذا قصدَ الكُفر وعلِمَه!
أبو فهر المسلم
وقال ابن تيمية رحمه الله، في (الصارم المسلول): "وبالجملة؛ فمن قال أو فعل ما هو كفر؛ كفَر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرًا.. إذ لا يقصد الكفرَ أحدٌ إلَّا ما شاء الله".
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا . أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا...} [الكهف:103-105].
* قال الطبري رحمه الله، في تفسيره: "والصواب من القول في ذلك عندنا، أن يقال: إن الله عز وجل عنى بقوله: {هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا}، كل عامل عملًا يحسبه فيه مُصيبًا، وأنه لله بفعله ذلك مُطيع مُرض، وهو بفعله ذلك لله مُسخط، وعن طريق أهل الإيمان به جائر، كالرَّهَابنة والشمامسة، وأمثالهم من أهل الاجتهاد في ضلالتهم، وهم مع ذلك مِن فعلهم واجتهادهم بالله كَفرة من أهل أي دين كانوا..
وهذا من أدل الدلائل، على خطأ قول من زعم أنه لا يكفر بالله أحد، إلا من حيث يقصد إلى الكفر، بعد العلم بوحدانيته، ولو كان القول كما زعموا لوجب أن يكون هؤلاء القوم في عملهم الذي أخبر الله عنهم، أنهم كانوا يحسبون فيه أنهم يحسنون صنعه؛ كانوا مثابين مأجورين عليه! ولكن القول بخلاف ما قالوا، فأخبر جلَّ ثناؤه عنهم، أنهم بالله كفرة، وأن أعمالهم حابطة".
* وبوَّب ابن منده رحمه الله، في كتاب التوحيد، مستدلًّا بهذه الآية: "ذِكْر الدليل على أن المجتهد المُخطىء، في معرفة الله عزَّ وجلَّ ووحدانيته.. كالمُعاند".
* وقال ابن تيمية رحمه الله، في (الصارم المسلول): "وبالجملة؛ فمن قال أو فعل ما هو كفر؛ كفَر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرًا.. إذ لا يقصد الكفرَ أحدٌ إلَّا ما شاء الله".
* وقال ابن حجر رحمه الله، في الفتح: "وفيه؛ أن من المسلمين من يخرج من الدين، من غير أن يقصد الخروجَ منه، ومن غير أن يختار دينًا على دين الإسلام".
قلتُ: فلم يعذرهم الله تعالى ها هنا لجهلهم بالحق ووجه الصواب فيه، ولم يشفع لهم في ذلك، النيَّة الحسَنة، ولا القصْد الحسَن، إضافةً إلى أن الذي حكم بحُسن نواياهم، وقضى بحُسن قصدهم؛ هو ربُّ العالمين المُطلع على ما في صدورهم، ومع ذلك قضى بكفرهم، وأحبط أعمالهم! وهذا دليلٌ على أن الحُجَّة قد لزمتْهُم، إلَّا أنهم لم يقوموا بها على وجهها.