"تحدي الثلج" وثقافة التفاهة
أيقنتُ بعدها أننا أمة تعيش على ثقافة التقليد، وأصبحت سمةً وراثيةً لنا، تتغلب على كل الجينات التي نحملها، مورثين تلك السمة لأجيالٍ تحتاج منا إلى أن نكون قدوة.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
لن يستغرب أحدٌ هذا المصطلح "تحدي الثلج" كحالتي عندما استوقفتُ ابنَ أخي لأسأله عن هذه اللعبة الجديدة التي يمارسها هو وبعض أصدقائه كنوعٍ من التحدي وإبراز القوة. كان ذلك قبل أن أشاهد مقاطع الفيديو لبعض النجوم والمشاهير على التويتر والانستغرام.
استعرضتُ تلك المقاطع، التي لا يتجاوز أطولها عشرين ثانيةً فقط، واحداً تلو الآخر محاولاً أن أخرج بفكرة، أو فائدة تغفر لأصحابها كل هذا الحماس الذي لاحظته على وجوههم أثناء عملية التصوير فلم أجد!
أيقنتُ بعدها أننا أمة تعيش على ثقافة التقليد، وأصبحت سمةً وراثيةً لنا، تتغلب على كل الجينات التي نحملها، مورثين تلك السمة لأجيالٍ تحتاج منا إلى أن نكون قدوة.
المشكلة تكمن في أننا نمارس هذا التوريث دون أن نشعر أو نستشعر قيمتنا كأمة قائدة لا مقودة. والمشكلة الأكبر أننا أصبحنا نمارس توريث ثقافة التقليد لكل ما تقع عليه أعيننا من ممارسات سلبية، ونطبقها في سلوكٍ مبتذل ومشاهد سخيفة.
لا تستغربوا فقد أخبرنا عن حالنا الذي نعيشه اليوم رسول الأمة صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: « ». قلْنا: "يا رسولَ اللهِ، اليهودُ والنصارى؟" قال: « » (صحيح البخاري).
لماذا نحرص على التقليد السلبي كل هذا الحرص؟ ولماذا نمارس نشر ثقافة التفاهة بهذا الحجم؟ وندّعي أنها نوعٌ من المرح والفكاهة لا أكثر.
تمنيتُ وأنا أشاهد تلك المقاطع أن يمارسَ أصحابها التقليد الإيجابي بالحماس نفسه الذي كانوا يمارسون به ضده لنخرج باختراعاتٍ، وابتكارات تعيدنا إلى مجد، وتقودنا إلى رفعة، ونفخر بأن نورثها لأبنائنا وأحفادنا.
صالح النفيعي