(1) فوائد دراسة أشراط الساعة
عمر سليمان الأشقر
إن الإيمان بيوم القيامة أصل من أصول الإيمان لا يتم الإيمان إلا به
- التصنيفات: أشراط الساعة -
إن الإيمان بيوم القيامة أصل من أصول الإيمان لا يتم الإيمان إلا به؛ قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة:177]. وقد ساق القرآن الكريم ضروبًا متنوعة من الأساليب البيانية ليؤكد وقوع يوم القيامة وقربه كما قال تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا} [غافر:59]. كما أن الله سبحانه وتعالى أعلن عن قرب وقوعها وأنها قد اقتربت وآن أوانها فقال سبحانه: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر:1].
إلا إنه لا يعلم أحدٌ من خلق الله وقت الساعة المُعين؛ فعندما سأل جبريل عليه السلام النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم عن الساعة أجاب: « ». فإذا كان أعلى الملائكة منزلة وهو جبريل عليه السلام، وأعلى البشر منزلة وهو محمد صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم لا يعلمان متى تكون، فحريٌّ بأن لا يعرف أحدٌ غيرهما وقت وقوعها. وإذا كان الله سبحانه جل شأنه قد أخفى وقت وقوع الساعة عن عباده، فإنه أعلمهم بأمارات وعلامات تدل على قرب وقوعها.
وإن بحث ودراسة هذه الأشراط والعلامات له فوائد عديدة منها:
- الإيمان بهذه الأخبار -إذا تحققنا صدقها- هو من الإيمان بالله، والإيمان برسوله، إذ كيف نؤمن بالله ورسوله ثم لا نصدق بخبرهما!!
- وقوع تلك المغيبات على النحو الذي حدثت به الأخبار يثبت الإيمان ويقويه، فالمسلمون في كل عصر يشاهدون وقوع أحداث مطابقة لما أخبرت به النصوص الصادقة، فقد شاهد الصحابة انتصار الروم على الفرس، ثم انتصر المسلمون على الفرس والروم، وظهر الإسلام على جميع الأديان، وكذلك الحال في كل عصر، يشاهد المسلمون وقائع وأحداثًا جاءت بها الأخبار، ولا شك أن هذا له أثر كبير في تثبيت المؤمن على إيمانه، وقد يكون ذلك مدخلاً لدعوة الآخرين إلى هذا الحق الذي جاءنا من ربنا.
- تثبيت الإيمان بيوم القيامة، فالقيامة وأهوالها من الغيب الذي أخبرنا به الله ورسوله، والإيمان به إحدى دعائم الإيمان، ووقوع الوقائع في الدنيا على النحو الذي جاءت به النصوص دليل واضح بَيِّن على صدق كل الأخبار ومنها أخبار الساعة.
- بعث الله رسوله دالاً على الخير محذرًا من الشر، وقد دل الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه على المنهج الأمثل الذي ينبغي أن يسلكوه في الوقائع التي وقعت في عصره. وفي إخباره بالمغيبات المقبلة توجيه للذين جاؤوا من بعده من أمته كيف يتصرفون حيال الأحداث التي قد يخفى عليهم وجه الحق فيها. ومن هذه التوجيهات التي كان لها أثر كبير في توجيه المسلمين إلى الحق تبشيره عثمان رضي الله عنه بالجنة على بلوى تصيبه، وإخباره بأن عماراً تقتله الفئة الباغية، وأمره أبا ذر بأن يعتزل الفتنة، وأن لا يقاتل ولو قتل، ومن هذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين عن أخذ شيء من جبل الذهب الذي ينحسر عنه الفرات في آخر الزمان، وإخباره عن حقيقة الدجال، وبيان ما يأتي به من الشبهات، وغير ذلك من الكائنات التي يبصر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بالتصرف الأمثل حيالها.
- إن التطلع إلى ما يحدث في المستقبل أمر فطري فالإنسان يجد في نفسه رغبة شديدة إلى معرفة الوقائع والكائنات التي قد تحدث للجنس الإنساني، أو تحدث للأمة التي هو منها، أو قد تحدث له، ولذلك فإن الزعماء والرؤساء، بل والأفراد يلجئون في معرفة ذلك إلى السحرة والكهان والمنجمين، فجاءهم الله بالحق الذي يغني ويكفي ويشفي في هذا الجانب.
وقد وردت أحاديث كثيرة عدد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم جملة من أشراط الساعة، وهذه الأشراط التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم قسمها أهل العلم إلى قسمين :
علامات صغرى، وعلامات كبرى.
والعلامات الصغرى يمكن تقسيمها إلى قسمين : قسم وقع، وقسم لم يقع بعد. والذي وقع قد يكون مضى وانقضى، وقد يكون ظهوره ليس مرة واحدة، بل يبدو شيئًا فشيئًا، وقد يتكرر وقوعه وحصوله، وقد يقع منه في المستقبل أكثر مما وقع في الماضي.
وسوف نقسم هذه السلسلة للحديث حول أربعة أقسام وهي:
أولًا: العلامات الصغرى التي وقعت وانقضت.
ثانيًا: العلامات الصغرى التي وقعت، ولا تزال مستمرة، وقد يتكرر وقوعها.
ثالثًا: العلامات الصغرى التي لم تقع بعد.
رابعًا: العلامات الكبرى.
(من كتاب: القيامة الصغرى)