اليقين الكاذب (اليقين مع التغافل):
حسني البشبيشي
هناك أمران متضادان ينفي أحدهما الآخر هو أن الإنسان يوقن بأمر ما ثم هو يتجاهله ويتغافل عنه ويتناساه كأنه لم يسمع عنه ، فالتغافل والتجاهل والتناسي نفى عنه يقينه بالأمر ، فمثلا من كان يوقن بعظمة الله وعظمة قدره وقدرته ثم هو يتجاهل ذلك ويتغافل عنه فيصبح الخالق في نظره كأنه لا قدر له وكأنه لا قيمة لقدرته فيقينه بعظمة الله وعظمة قدرته هو يقين كاذب
ـ اليقين الكاذب (اليقين مع التغافل):
هناك أمران متضادان ينفي أحدهما الآخر هو أن الإنسان يوقن بأمر ما ثم هو يتجاهله ويتغافل عنه ويتناساه كأنه لم يسمع عنه ، فالتغافل والتجاهل والتناسي نفى عنه يقينه بالأمر ، فمثلا من كان يوقن بعظمة الله وعظمة قدره وقدرته ثم هو يتجاهل ذلك ويتغافل عنه فيصبح الخالق في نظره كأنه لا قدر له وكأنه لا قيمة لقدرته فيقينه بعظمة الله وعظمة قدرته هو يقين كاذب ، وكذلك من كان يوقن بخطورة الآخرة وأنها المصير وأن حياته وخلوده فيها ثم تكون في نظره كأنها لا قيمة لها فلا يتأثر بها همه ولا يخافها ولا يحمل لها هما ولا يعمل لها حسابا فهو ينسى الآخرة كأنه لم يسمع عنها فيقينه بالآخرة هو يقين كاذب.
الكلمة التي لا يشعر الإنسان بقيمتها فكأنه لا يعرف معناها وتصبح كأنها لا معنى لها:
العقيدة عبارة عن معلومات ، ولكي يتحقق الاقتناع والتصديق بأي معلومة لابد من تصور مقدار ما في المعلومة من أهمية وخطورة أو ألم ولذة ، وبالتالي تكون المعرفة بهذه المعلومة معرفة حقيقية، لأن الإنسان إذا اقتنع بشيء وتغافل عن حقيقته فهو اقتناع كاذب لا معنى له ، لذلك ففي هذا الكتاب الذي بين يديك نتناول العقيدة من ناحية تصورها والشعور بخطورتها ووجودها في مشاعر المؤمن وهمومه وأهدافه.
فلا يصح الإيمان بالله والآخرة والغيبيات إذا لم يكن لله والآخرة والغيبيات قيمة وقدر في شعور الإنسان ، وإذا لم تتأثر مشاعره بخوف المهابة والحب وخوف العقاب ورجاء الثواب والخضوع ، وإذا لم ينشغل همه بالله والآخرة ولم يكن الله والآخرة أكبر أهدافه التي يسعى لها.
الذي يعتقد بشيء وهو يتجاهله ويتغافل عنه ويتناساه ولا يشعر بقيمته وخطورته فكأنه لا يعرفه ، وهو عندئذ مثل المجنون لأنه لا يتصور قيمة ما يوقن به.
فمثلا الذي يكون حبه وخضوعه وخوفه ورجاءه للدنيا وليس لله ، فإنه يقول بمشاعره : {إِنْ هِيَ إلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}، ويقينه بالآخرة عندئذ كاذبا.
فهناك من يتعامل مع المعلومات المؤثرة بدون تصور لقيمتها ، فمثلا هناك من ينظر إلى السماء أو الأرض أو المخلوقات على أنها شيء عادي كمعلومات جرداء دون النظر إلى ما وراء الأشياء ومن وراء هذه الأشياء ، وكذلك ينظر إلى الآخرة كمعلومات دون تصور أهميتها وخطورتها ، وكذلك يتعامل مع الله وصفاته كمعلومات دون الشعور بتأثيرها وخطورتها على الإنسان وصلتها بالإنسان ومصيره ، ودون أن يشعر بقدر الله وعظمته ، وعالم الغيب بما فيه من أهوال وعجائب تهز الوجدان والمشاعر ، ذلك المصير المحتوم المخيف الذي في انتظارك ، وحياتك وبيتك هناك ، فذلك يستحق أن تفكر فيه وتتصوره وتشعر به ، لكنه يتعامل مع الغيبيات على أنها مسألة اقتناع مفرغ من المعنى (اقتناع كاذب) ، ذلك لأن عالم الغيب لا يمثل عنده أي قضية من أساسه في حقيقة الأمر.
لذلك فقد يكون هناك علماء في كل أمور الدنيا والدين ويعملون بذلك العلم ، ورغم ذلك هم لا يشعرون بقيمة ما يعلمون ولا تتأثر مشاعرهم وهمومهم وأهدافهم بذلك فهم يعيشون بغير شعور بالقيمة ، فبذلك طبع على قلوبهم فهم كالموتى .