قضايا الحاكمية تأصيل وتوثيق - (16) الواجبات التي تلزم الحاكم ووليّ الأمر

منذ 2014-09-18

فليتقِ اللهَ كذابون أفَّاكون، يُلبِّسون على العامَّة أمرَ دينهم، ويُوهمونهم زورًا وتضليلًا؛ أنَّ هؤلاء الحُكَّام المعاصرين المغتصبين المتسلطين على حُكم المسلمين، أنهم أهلُ ولايةٍ وطاعة، وسمعٍ وجماعة، وأن أحدَهم هو أمير المؤمنين، والصادق الوعد الأمين..

الواجبات التي تلزم الحاكم ووليّ الأمر، والتي يُنصَّب من أجلها: "أحدها: حِفظ الدِّين على أصوله المُستقرة، وما أجمع عليه سلفُ الأمة، فإن نجمَ مبتدعٌ، أو زاغ ذو شبهة عنه، أوضحَ له الحُجَّة، وبيَّن له الصواب، وأخذَه بما يلزمه من الحقوق والحدود؛ ليكون الدينُ محروسًا من خلَلْ، والأمةُ ممنوعة من زلَل.

الثاني: تنفيذُ الأحكام بين المتشاجرين، وقطعُ الخصام بين المتنازعين، حتى تعمَّ النَّصَفَة، فلا يتعدى ظالمٌ، ولا يَضعف مظلوم.

الثالث: حمايةُ البَيضة، والذَّب عن الحريم؛ ليتصرف الناس في المعايش، وينتشروا في الأسفار، آمنين من تغريرٍ بنفسٍ أو مال.

والرابع: إقامة الحدود؛ لتصان محارمُ الله تعالى عن الانتهاك، وتحفظَ حقوقُ عباده من إتلافٍ واستهلاك.
والخامس: تحصينُ الثغور بالعُدَّة المانعة، والقوة الدافعة، حتى لا تظفر الأعداء بغرَّة ينتهكون فيها مُحرمًا، أو يَسفكون فيها لمسلمٍ أو مُعاهدٍ دمًا.

والسادس: جهادُ مَن عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يُسلمَ أو يَدخل في الذمَّة؛ ليقام بحقِّ الله تعالى في إظهاره على الدين كلِّه.

والسابع: جباية الفَيء والصدَقات، على ما أوجبه الشرعُ نصًّا واجتهادًا، من غير خوفٍ ولا عسف.
والثامن: تقديرُ العطايا وما يُستحق في بيت المال، من غير سَرفٍ ولا تقتير، ودفعُه في وقتٍ لا تقديمَ فيه ولا تأخير.

التاسع: استكفاءُ الأمناء وتقليدُ النصحاء، فيما يُفوِّض إليهم من الأعمال، ويَكِلُه إليهم من الأموال؛ لتكون الأعمالُ بالكفاءة مضبوطة، والأموالُ بالأمناء محفوظة.

العاشر: أن يُباشر بنفسه مُشارفةَ الأمور، وتصفُّح الأحوال؛ لينهض بسياسة الأمَّة، وحراسة المِلَّة، ولا يُعول على التفويض، تشاغلًا بلذةٍ أو عبادة، فقد يَخون الأمين، ويَغش الناصح" (الماوردي رحمه الله، في الأحكام السلطانية).

قلتُ: وهذه الواجبات العشرة، وما في معناها؛ هي محلّ اتفاقٍ بين علماء المِلَّة، لا يختلف في واحدٍ منها اثنان، ولا ينتطح عليه كبشان، وهذه الواجبات هي التي لأجلها يُنصَّب الحاكم، ويُسمع له ويُطاع، ويُصبر على جَوره وفجوره لأنَّ غاية فجوره تكون في نفسه وعليها..

أما قيامه بهذه الواجبات ففيه حِفظ الدين والبلاد والعباد، وهو الغاية حتى يَمُنَّ الله بالعدْل الصالح، الجامع بين العدل والصلاح، والقوة والأمانة، ألا فليتقِ اللهَ كذابون أفَّاكون، يُلبِّسون على العامَّة أمرَ دينهم، ويُوهمونهم زورًا وتضليلًا؛ أنَّ هؤلاء الحُكَّام المعاصرين المغتصبين المتسلطين على حُكم المسلمين، أنهم أهلُ ولايةٍ وطاعة، وسمعٍ وجماعة، وأن أحدَهم هو أمير المؤمنين، والصادق الوعد الأمين..

ألَّا شاهَتْ وجوهُ المجرمين، المُنتفعين المُضلِّين فأيَّ شرعٍ أقامَه هؤلاء؟ وأيّ دينٍ مَكَّنُوا أيُّها السُّفهاء؟
قاتلَ اللهُ الجهلَ وأهلَه، ومحَق أهلَ الباطل وزهقَه. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

  • 9
  • 1
  • 5,235
المقال السابق
(15) الشروط المُعتبرة شرعًا في الحاكم ووليِّ الأمر -في نفسه-
المقال التالي
(17) الحاكم إذا لم يَستَشِرْ أهلَ العلم الربَّانيين

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً