ويسألونك عن السلفية.. قل

هي في ما تواطأ عليه اللسان العربي: تدل على ما تقدم وسبق بالعلم والإيمان والفضل والإحسان.
قال ابن منظور في (لسان العرب) :"والسلف أيضًا من تقدمك من آبائك وذوي قرابتك الذين هم فوقك في السن والفضل، ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين السلف الصالح"، ومنه أيضًا قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها: «فإنه نعم السلف أنا لك» (صحيح مسلم:2450)، ومنه أيضًا ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله لابنته زينب رضي الله عنها عندما توفيت: «الحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون» (مسند أحمد:4/4).

أما من جهة الإصطلاح فالسلفية وصف وتوصيف لازم يختص ويخص عند الإطلاق الصحابة رضي الله عنهم، بل ويشاركهم فيه غيرهم تبعًا واتباعًا.

قال القلشاني في (تحريرالمقالة من شرح الرسالة): "السلف الصالح وهو الصدر الأول الرّاسخون في العلم، المهتدون بهدي النبي عليه الصلاة والسلام الحافظون لسنته، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، وانتخبهم لإقامة دينه، ورضيهم أئمة الأمة، وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده، وأفرغوا في نصح الأمة ونفعها، وبذلوا في مرضاة الله أنفسهم"، وقد أثنى ربنا جل جلاله على هذا الزرع الذي أخرج شطأه والذي كان ولا يزال يغيض الكفار والمنافقين نباته، فقال سبحانه وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ...} [الفتح:29]، هذا وقد أقر أهل الكلام قديمهم قبل حديثهم بهذا الاصطلاح.

قال الغزالي في (إلجام العوام عن علم الكلام في الصفحة رقم:62) معرفًا كلمة السلف: "أعني مذهب الصحابة والتابعين" وإلى هذا ذهب البيجوري في (شرح جوهرة التوحيد): "والمراد بمن سلف من تقدم من الأنبياء والصحابة والتابعين وتابعيهم"، هذا وللإنصاف فقد تواتر عن أهل العلم من القرون المفضلة استعمال هذا المصطلح للدلالة على عصر الصحابة ومنهجهم.

جاء عند البخاري قوله: "قال راشد بن سعد: كان السلف يستحبون الفحولة، لأنها أجرى وأجسر"، ولأن راشد بن سعد تابعي فالسلف باللازم عنده هم الصحابة ولا شك في هذا.

وعنه أيضًا -أي الإمام البخاري- قال: "وقال الزهري في عظام الموتى -نحو الفيل وغيره- أدركت ناسًا من سلف العلماء يمتشطون بها ويدّهنون فيها ، لا يرون بأسا"، ولأن الزهري تابعي فالمراد بالسلف الصحابة... يتبع بحول الله وقوته ومحض إنعامه وتفضله إجابة على من سأل عن السلفية ومن تكون وهل؟ وهل؟

ومع أننا نؤمن بكل إنصاف وتجرد أن السؤال عن المعلوم مذموم، فالواجب تعبدًا يقتضي أن نجيب مستنرين بهدي من سلف من أهل الفضل والعلم والمعرفة والبيان، فإن التركة في هذا المقام تحيلك على ما لا يدرك أفقه عند إرسال البصر، الكرة والكرتين والثلاث وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه من سديد الرؤيا وجميل الإرسال آمين.