عرفة
محمد علي يوسف
روى ابن خزيمة وابن حبان والبزار وأبو يعلى والبيهقي عن جابر رضي الله عنه، مرفوعًا أيضًا: «ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي، جاؤوني شعثًا غبرًا ضاجِّين، جاؤوا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ولم يروا عقابي، فلم يُرَ يومًا أكثر عتقًا من النار، من يوم عرفة».
- التصنيفات: العشر من ذي الحجة -
وها قد بلغك الله الكريم يوم عرفة..
وما أدراك ما يوم عرفة..
ما أشرف هذا اليوم وما أعظمه وأوسع فضله..
يوم بعامين من الأجر والغفران يُكفِّر الله بصيامه ذنوب عام مضى وعام مقبل..
اليوم الذي ما رؤى الشيطان أحقر ولا أذل ولا أصغر منه فى ذلك اليوم إلا في يوم الفرقان يوم التقى الجمعان وأعنى يوم بدر..
• اليوم الذي يباهي الله فيه الملائكة بعباده القادمين إليه من كل فجٍ عميق السماء قال النبي صلى الله عليه وسلم: « » (رواه أحمد وصحح إسناده الألباني).
وروى ابن خزيمة وابن حبان والبزار وأبو يعلى والبيهقي عن جابر رضي الله عنه، مرفوعًا أيضًا: « ».
• اليوم الذي تستشعر فيه معنى اسم الله القريب المجيب فعند ابن عبد البر في "تمهيده" من رواية أنس رضي الله عنه، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف قاعدًا، فأتاه رجل من الأنصار، ورجل من ثقيف، فذكر حديثًا فيه طول وفيه: « ».
• يوم إجابة الدعاء وأفضل الدعاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (صحَّحه الألباني في كتابه: السلسة الصحيحة).
• يوم تعتق فيه الرقاب كما لم تعتق في يوم آخر قال النبي صلى الله عليه وسلم: « » (رواه مسلم في الصحيح).
• اليوم الذي أقسم به الله أكثر من مرة والعظيم لا يُقسِم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج:3]، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ...» (رواه الترمذي، وحسَّنه الألباني). وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر:3] قال ابن عباس: "الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة"، وهذا أيضًا قول عكرمة والضحاك.
• اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « -يعني عرفة- {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ . أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}» [الأعراف من الآية:172-173] (رواه أحمد وصحَّحه الألباني).
ما أعظمه من يوم!
وما أعظمه من ميثاق!
وكأنه يوم (قدر) كما ليلة القدر في الفضل والثواب ويزيد عنها في كونه محدّد معلوم وليلة القدر مخفاة..
لقد استشعر سفيان الثوري فضل هذا اليوم وعظمة تلك اللحظة فقال وهو ينظر إلى الحجيج بعدما سأله بن المبارك عن أشقى هذا الجمع فقال سفيان: "الذي يظن أن الله لا يغفر لهم".
فلنتهيأ نفسيًا لهذا اليوم العظيم ولنُعِد قلوبنا بالافتقار والرغبة وحسن الظن ولنُجهِّز ألسنتنا وجوارحنا للتبتل والعبادة والإكثار من الدعاء جدًا في هذا اليوم.. ولا تنسَ أُمتك بدعوة لعل الله يُفرِج كربها وعسى أن تتذكّر أخاك بدعوةٍ صالحة فتقول لك الملائكة: ولك بمثل.