زمن الفارابيين!!
هؤلاء الفارابيون يعيشون على هذا... ولذلك تراهم يسفهون العلماء والفقهاء والمحدثين والمفسرين، ويسفهون سبيلهم،
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
يخطئ من يعتقد وجوب اندثار الأفكار على مر السنين، فكل فكرة وإن شذت ومات مبدعها وصاحبها تبقى بعده ظاهرة أو كامنة إلى وقتٍ مناسب لتظهر في شكلٍ جديد ومظهر ملائم لمقتضيات الحال.
وكثير من مثقفينا في العالم العربي يعيشون حالة (فارابية) متطرفة... تقوم الفكرة الفارابية على أن الفيلسوف (المفكر والمثقف العربي) يتلقى الحقائق العلمية طبيعية أو شرعية بواسطة العقل الفعال فيتصورون الحقائق كما هي, وينتبهون إلى مقاصدها ويتعرفون على مواقع تنزيلها العملية، وأن الرسول (والعلماء ورثته في هذا) يتلقى المعارف المتخيلة لينقلها إلى الناس في معاني تقريبية بعيدة عن الحقائق لترتسم في نفوسهم خيالات ومثالات غير محققة.
خلاصة الأمر أن الجميع يأخذ من مصدر واحد؛ لكن الفيلسوف أبصر بالحقائق، والفقيه والمفسر والمحدث المؤمن أغرق في المتخيلات؛ قصدوا العلماء ورثة الأنبياء لأنهم لا يستطيعون الوصول إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما حوله من سياج المحبة والتعظيم في نفوس المسلمين.
والمفكر والمثقف العربي -عند هؤلاء الفارابيين- أجدر بالمعالجة الحقيقية لمشاكل الزمان والمكان، ويكفي الفقيه أن يركن إلى زاوية من زوايا التخيل، لا يستطيع مجاوزتها إلى الحقائق لأنه غير مؤهل لسلوك طريق التعقل.
كذا قالوا...
هؤلاء الفارابيون يعيشون على هذا... ولذلك تراهم يسفهون العلماء والفقهاء والمحدثين والمفسرين، ويسفهون سبيلهم، ويسعون لإجهاض كل مشاريعهم، ويرمونهم بالسطحية والحرفية الفهمية، ويجعلون لأنفسهم حظوة العقل والفهم والغوص في الحقائق والمقاصد.. ويسعون إلى إقامة يوتوبيا فارابية (المدينة الفاضلة) (الدولة المدنية التي لا تحكم إلا بالعقل لا بالوحي).. (أبو نصر محمد بن محمد الفارابي الفيسوف الإشراقي).
طارق الحمودي