(18) نزول عيسى بن مريم (2/1)
عمر سليمان الأشقر
وقت نزوله عليه السلام، وحكمه بشريعة الاسلام، وقتله للدجال.
- التصنيفات: أشراط الساعة -
تابع العلامات الكبرى
- نزول عيسى ابن مريم:
أخبرنا الحق تبارك وتعالى أن اليهود لم يقتلوا رسوله عيسى بن مريم عليه السلام، وإن ادعوا هذه الدعوى، وصدقها النصارى، والحقيقة أن عيسى لم يُقتل، ولكن الله ألقى شبهه على غيره، أما هو فقد رفعه الله إلى السماء {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا . بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [ النساء:157-158].
وأشار الحق في كتابه إلى أن عيسى سينزل في آخر الزمان، وأن نزوله سيكون علامة دالة على قرب وقوع الساعة {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ} [الزخرف:61]، كما أخبرنا أن أهل الكتاب في ذلك الزمان سيؤمنون به، {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء:159].
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عندما تشتد فتنة الدجال، ويضيق الأمر بالمؤمنين في ذلك الزمان، ينزل الله عبده ورسوله عيسى عليه السلام، وينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، وقد وصف لنا الرسول صلى الله عليه وسلم حاله عند نزوله، ففي سنن أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ».
- وقت نزوله:
ويكون نزوله في وقت اصطف فيه المقاتلون المسلمون لصلاة الفجر، وتقدم إمامهم للصلاة، فيرجع ذلك الإمام طالباً من عيسى أن يتقدم فيؤمهم، فيأبى عيسى عليه السلام ذلك.
ويكون هذا في حال إعداد المسلمين لحرب الدجال، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البخاري ومسلم).
» (رواهوعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «
» (رواه مسلم).
- بِمَ يحكم عيسى بعد نزوله؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» أي: عيسى فليس المراد بها أنه أمهم في الصلاة، بل المراد أنه حكَّم فيهم كتاب الله تبارك وتعالى.والسبب في عدم تقدم عيسى ابن مريم للإمامة هو الدلالة على أنه جاء تابعاً لهذا النبي صلى الله عليه وسلم، حاكماً بالقرآن، لا بالإنجيل، فإن شريعة القرآن ناسخة للشرائع قبلها، وقد أخذ الله العهد والميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويتابعوه إذا بعث وهم أحياء: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ . فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران:81-82]، فعيسى ينزل تابعاً لرسولنا صلى الله عليه وسلم محكماً لشريعة القرآن، ولذلك فإنه يصلي خلف ذلك الرجل الصالح، وهذا فخر لهذه الأمة وأي فخر.
يقول النووي في رده على المكذبين بنزول عيسى الزاعمين أن نزوله لو كان حقاً فإنه يكون مناقضاً لقوله عليه السلام: «
»، وأنه يكون بذلك ناسخاً لشرع الرسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا الاستدلال فاسد، لأنه ليس المراد بنزول عيسى عليه السلام أنه ينزل نبياً بشرع ينسخ شرعنا، ولا في هذه الأحاديث، ولا في غيرها شيء من هذا... بل صح أنه ينزل حكماً مقسطاً.. يحكِّم شرعنا، ويحيى من أمور شرعنا ما هجره الناس".
- قضاء عيسى على الدجال:
وأول عمل يقوم به عيسى هو مواجهة الدجال، فبعد نزول عيسى يتوجه إلى بيت المقدس حيث يكون الدجال محاصراً عصابة المسلمين، فيأمرهم عيسى بفتح الباب، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
».والسِّر في عدم ترك عيسى الدجال حتى يموت بنفسه هو إنهاء أسطورة هذا المخلوق وفتنته، فإن الناس إذا شاهدوا قتله وموته استيقنوا أنه ضعيف مغلوب على أمره وأن دعواه كانت زوراً وكذباً.
(من كتاب القيامة الصغرى)