الأحكام السلطانية للماوردي - (57) قسم الفيء والغنيمة (1)

منذ 2014-10-11

أَهْلِ الصَّدَقَةِ مَنْ لَا هِجْرَةَ لَهُ، وَلَيْسَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا مِنْ حُمَاةِ الْبَيْضَةِ، وَأَهْلُ الْفَيْءِ هُمْ ذَوُو الْهِجْرَةِ الذَّابُّونَ عَنَ الْبَيْضَةِ، وَالْمَانِعُونَ عَنِ الْحَرِيمِ، وَالْمُجَاهِدُونَ لِلْعَدُوِّ.

الباب الثاني عشر: "في قسم الفيء والغنيمة" (1)

 

وَأَمْوَالُ الْفَيْءِ[1] وَالْغَنَائِمِل[2] مَا وَصَلَتْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَوْ كَانُوا سَبَبَ وُصُولِهَا.

وَيَخْتَلِفُ الْمَالَانِ فِي حُكْمِهِمَا، وَهُمَا مُخَالِفَانِ لِأَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: إنَّ الصَّدَقَاتِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَطْهِيرًا لَهُمْ، وَالْفَيْءَ وَالْغَنِيمَةَ مَأْخُوذَانِ مِنَ الْكُفَّارِ انْتِقَامًا مِنْهُمْ.

وَالثَّانِي: إنَّ مَصْرِفَ الصَّدَقَاتِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِلْأَئِمَّةِ اجْتِهَادٌ فِيهِ، وَفِي أَمْوَالِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ مَا يَقِفُ مَصْرِفُهُ عَلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ.

وَالثَّالِثُ: إنَّ أَمْوَالَ الصَّدَقَاتِ يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ أَرْبَابُهَا بِقِسْمَتِهَا فِي أَهْلِهَا، وَلَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ أَنْ يَنْفَرِدُوا بِوَضْعِهِ فِي مُسْتَحِقِّهِ حَتَّى يَتَوَلَّاهُ أَهْلُ الِاجْتِهَادِ مِنَ الْوُلَاةِ.

وَالرَّابِعُ: اخْتِلَافُ الْمَصْرِفَيْنِ عَلَى مَا سَنُوَضِّحُ.

 

أَمَّا الْفَيْءُ وَالْغَنِيمَةُ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَمُخْتَلِفَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

فَأَمَّا وَجْهَا اتِّفَاقِهِمَا فَأَحَدُهُمَا: إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالَيْنِ وَاصِلٌ بِالْكُفْرِ.

وَالثَّانِي: إنَّ مَصْرِفَ خُمُسِهِمَا وَاحِدٌ.

 

وَأَمَّا وَجْهَا افْتِرَاقِهِمَا فَأَحَدُهُمَا: إنَّ مَالَ الْفَيْءِ مَأْخُوذٌ عَفْوًا، وَمَالَ الْغَنِيمَةِ مَأْخُوذٌ قَهْرًا.

وَالثَّانِي: إنَّ مَصْرِفَ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ مُخَالِفٌ الْغَنِيمَةَ لِمَصْرِفِ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ مَا سَنُوَضِّحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

 

وَسَنَبْدَأُ بِمَالِ الْفَيْءِ فَنَقُولُ: إنَّ كُلَّ مَالٍ وَصَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَفْوًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَلَا بِإِيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَهُوَ كَمَالِ الْهُدْنَةِ وَالْجِزْيَةِ وَأَعْشَارِ مَتَاجِرِهِمْ، أَوْ كَانَ وَاصِلًا بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِمْ كَمَالِ الْخَرَاجِ، فَفِيهِ إذَا أُخِذَ مِنْهُمْ أَدَاءَ الْخُمُسِ لِأَهْلِ الْخُمُسِ مَقْسُومًا عَلَى خَمْسَةٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا خُمُسَ فِي الْفَيْءِ[3]، وَنَصُّ الْكِتَابِ فِي خُمُسِ الْفَيْءِ يَمْنَعُ مِنْ مُخَالَفَتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر من الآية:7].

فَيُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ مُتَسَاوِيَةٍ: سَهْمٌ مِنْهَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ، يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَزْوَاجِهِ، وَيَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِهِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ فَذَهَبَ مَنْ يَقُولُ بِمِيرَاثِ الْأَنْبِيَاءِ إلَى أَنَّهُ مَوْرُوثٌ عَنْهُ مَصْرُوفٌ إلَى وَرَثَتِهِ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْر[4]: يَكُونُ مِلْكًا لِلْإِمَامِ بَعْدَهُ؛ لِقِيَامِهِ بِأُمُورِ الْأُمَّةِ مَقَامَهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: قَدْ سَقَطَ بِمَوْتِهِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى أَنَّهُ يَكُونُ مَصْرُوفًا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ؛ كَأَرْزَاقِ الْجَيْشِ وَإِعْدَادِ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، وَبِنَاءِ الْحُصُونِ وَالْقَنَاطِرِ، وَأَرْزَاقِ الْقَضَاءِ وَالْأَئِمَّةِ، وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى مِنْ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ[5].

وَالسَّهْمُ الثَّانِي: سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى: زَعَمَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ حَقُّهُمْ مِنْهُ الْيَوْمَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ حَقَّهُمْ فِيهِ ثَابِتٌ، وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَا عَبْدِ مَنَافٍ خَاصَّةً لَا حَقَّ فِيهِ لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ كُلِّهَا، يُسَوَّى فِيهِ بَيْنَ صِغَارِهِمْ وَكِبَارِهِمْ، وَأَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ، وَيُفَضَّلُ فِيهِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْطَوْهُ بِاسْمِ الْقَرَابَةِ، وَلَا حَقَّ فِيهِ لِمَوَالِيهِمْ وَلَا لِأَوْلَادِ بَنَاتِهِمْ، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ حُصُولِ الْمَالِ وَقَبْلَ قَسْمِهِ كَانَ سَهْمُهُ مِنْهُ مُسْتَحَقًّا لِوَرَثَتِهِ[6].

وَالسَّهْمُ الثَّالِثُ: لِلْيَتَامَى مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ، وَالْيُتْمُ: مَوْتُ الْأَبِ مَعَ الصِّغَرِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ حُكْمُ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ؛ فَإِذَا بَلَغَا زَالَ اسْمُ الْيُتْمِ عَنْهُمَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُتْمَ بَعْدَ حُلُمٍ»[7].

وَالسَّهْمُ الرَّابِعُ: لِلْمَسَاكِينِ، وَهُمْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يَكْفِيهِمْ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ؛ لِأَنَّ مَسَاكِينَ الْفَيْءِ يَتَمَيَّزُونَ عَنْ مَسَاكِينِ الصَّدَقَاتِ لِاخْتِلَافِ مَصْرِفِهِمَا.

وَالسَّهْمُ الْخَامِسُ: لِبَنِي السَّبِيلِ، وَهُمُ الْمُسَافِرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ، وَسَوَاءٌ مِنْهُمْ مَنِ ابْتَدَأَ بِالسَّفَرِ أَوْ كَانَ مُجْتَازًا، فَهَذَا حُكْمُ الْخُمُسِ فِي قَسْمِهِ، وَأَمَّا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إنَّهُ لِلْجَيْشِ خَاصَّةً لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ؛ لِيَكُونَ مُعَدًّا لِأَرْزَاقِهِمْ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّهُ مَصْرُوفٌ فِي الْمَصَالِحِ الَّتِي مِنْهَا أَرْزَاقُ الْجَيْشِ، وَمَا لَا غِنَى لِلْمُسْلِمِينَ عَنْهُ.

 

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ الْفَيْءُ فِي أَهْلِ الصَّدَقَاتِ، وَلَا تُصْرَفُ الصَّدَقَاتُ فِي أَهْلِ الْفَيْءِ، وَيُصْرَفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالَيْنِ فِي أَهْلِهِ، وَأَهْلِ الصَّدَقَةِ مَنْ لَا هِجْرَةَ لَهُ، وَلَيْسَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا مِنْ حُمَاةِ الْبَيْضَةِ، وَأَهْلُ الْفَيْءِ هُمْ ذَوُو الْهِجْرَةِ الذَّابُّونَ عَنَ الْبَيْضَةِ، وَالْمَانِعُونَ عَنِ الْحَرِيمِ، وَالْمُجَاهِدُونَ لِلْعَدُوِّ، وَكَانَ اسْمُ الْهِجْرَةِ لَا يَنْطَلِقُ إلَّا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ وَطَنِهِ إلَى الْمَدِينَةِ لِطَلَبِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ بِأَسْرِهَا تُدْعَى الْبَرَرَةُ، وَكُلُّ قَبِيلَةٍ هَاجَرَ بَعْضُهَا تُدْعَى الْخِيرَةُ، فَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ بَرَرَةٌ وَخِيرَةٌ، ثُمَّ سَقَطَ حُكْمُ الْهِجْرَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ وَصَارَ الْمُسْلِمُونَ مُهَاجِرِينَ وَأَعْرَابًا، فَكَانَ أَهْلُ الصَّدَقَةِ يُسَمَّوْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابًا، وَيُسَمَّى أَهْلُ الْفَيْءِ مُهَاجِرِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَشْعَارِهِمْ كَمَا قَالَ فِيهِ بَعْضُهُمْ[8] "مِنَ السَّرِيعِ":

قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِعَصْلَبِيِّ *** أَرْوَعَ خَرَّاجٍ مِنَ الدَّوِيِّ

مُهَاجِرٍ لَيْسَ بِأَعْرَابِيِّ

وَلِاخْتِلَافِ الْفَرِيقَيْنِ فِي حُكْمِ الْمَالَيْنِ مَا تَمَيَّز، وَسَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَهُمَا، وَجَوَّزَ صَرْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ.

وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَصِلَ قَوْمًا لِتَعُودَ صِلَاتُهُمْ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَالرُّسُلِ وَالْمُؤَلَّفَةِ جَازَ أَنْ يَصِلَهُمْ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ؛ فَقَدْ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤَلَّفَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ الْفَزَارِيَّ مِائَةَ بَعِيرٍ، وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ التَّمِيمِيَّ مِائَةَ بَعِيرٍ، وَالْعَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيَّ خَمْسِينَ بَعِيرًا، فَتَسَخَّطَهَا وَعَتَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ "مِنَ الْمُتَقَارِبِ":

كَانَتْ نِهَابًا تَلَافَيْتُهَا *** بِكَرِّي عَلَى الْمُهْرِ فِي الْأَجْرَعِ

وَإِيقَاظِي الْقَوْمَ أَنْ يَرْقُدُوا *** إذَا هَجَعَ الْقَوْمُ لَمْ أَهْجَعْ

فَأَصْبَحَ نَهْبِي وَنَهْبُ الْعَبِيـ *** ـدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ

وَقَدْ كُنْتُ فِي الْحَرْبِ ذَا قُدْرَةٍ *** فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعْ

وَإِلَّا أُقَاتِلْ أُعْطِيتُهَا *** عَدِيدَ قَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ

فَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ *** يَفُوقَانِ مِرْدَاسًا فِي مَجْمَعِ

وَلَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا *** وَمَنْ تَضَعْ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعْ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «اذْهَبْ فَاقْطَعْ عَنِّي لِسَانَهُ».

فَلَمَّا ذَهَبَ بِهِ قَالَ: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْطَعَ لِسَانِي؟ قَالَ: لَا. وَلَكِنْ أُعْطِيكَ حَتَّى تَرْضَى، فَأَعْطَاهُ فَكَانَ ذَلِكَ قَطْعَ لِسَانِهِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ صِلَةُ الْإِمَامِ لَا تَعُودُ بِمَصْلَحَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ الْمَقْصُودُ بِهَا نَفْعَ الْمُعْطِي خَاصَّةً، كَانَتْ صِلَاتُهُمْ مِنْ مَالِهِ.

رُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ "مِنَ السَّرِيعِ":

يَا عُمَرَ الْخَيْرِ جُزِيتَ الْجَنَّهْ *** اُكْسُ بُنَيَّاتِي وَأُمَّهُنَّهْ

وَكُنْ لَنَا مِنَ الزَّمَانِ جُنَّهْ *** أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّهْ

فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ يَكُونُ مَاذَا؟ فَقَالَ:

إذًا أَبَا حَفْصٍ لَأَذْهَبَنَّهْ

فَقَالَ: وَإِذَا ذَهَبْتَ يَكُونُ مَاذَا؟ فَقَالَ:

يَكُونُ عَنْ حَالِي لَتُسْأَلَنَّهْ *** يَوْمَ تَكُونُ الْأَعْطِيَاتُ هَنَّهْ

وَمَوْقِفُ الْمَسْئُولِ بَيْنَهُنَّهْ *** إمَّا إلَى نَارٍ وَإِمَّا جَنَّهْ

قَالَ: فَبَكَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى خَضَبَتْ لِحْيَتُهُ وَقَالَ: يَا غُلَامُ، أَعْطِهِ قَمِيصِي هَذَا لِذَلِكَ الْيَوْمِ لَا لِشِعْرِهِ، أَنَا وَاَللَّهِ لَا أَمْلِكُ غَيْرَهُ، فَجَعَلَ مَا وَصَلَ بِهِ مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ صِلَتَهُ لَا تَعُودُ بِنَفْعٍ عَلَى غَيْرِهِ، فَخَرَجَتْ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَمِثْلُ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، غَيْرَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا، إمَّا لِأَجْلِ شِعْرِهِ الَّذِي اسْتَزَلَّهُ فِيهِ، وَإِمَّا لِأَنَّ الصَّدَقَةَ مَصْرُوفَةٌ فِي جِيرَانِهَا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ، وَكَانَ مِمَّا نَقَمَهُ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ جَعَلَ كُلَّ الصِّلَاتِ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ وَلَمْ يَرَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ.

وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ ذُكُورَ أَوْلَادِهِ مَالَ الْفَيْءِ[9]؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِهِ، فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا كَانُوا فِي إعْطَاءِ الذَّرَارِيِّ مِنْ ذَوِي السَّابِقَةِ وَالتَّقَدُّمِ، وَإِنْ كَانُوا كِبَارًا فَفِي إعْطَاءِ الْمُقَاتِلَةِ مِنْ أَمْثَالِهِمْ.

حَكَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما لَمَّا بَلَغَ أَتَى أَبَاهُ عُمَرُ بْن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَأَلَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ، فَفَرَضَ لَهُ فَيْءَ أَلْفَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ غُلَامٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ قَدْ بَلَغَ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ، فَفَرَضَ لَهُ فَيْءَ ثَلَاثَةِ آلَافٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَضْتَ لِي فَيْءَ أَلْفَيْنِ وَفَرَضْتَ لِهَذَا فَيْءَ ثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَبُو هَذَا مَا قَدْ شَهِدْتُ، قَالَ: أَجَلْ، لَكِنِّي رَأَيْتُ أَبَا أُمِّكَ يُقَاتِلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُ أَبَا أُمِّ هَذَا يُقَاتِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِلْأُمِّ أَكْثَرُ مِنَ الْأَلْفِ.

وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ أَوْلَادَهُ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ ذُرِّيَّتِهِ الدَّاخِلِينَ فِي عَطَائِهِ، وَأَمَّا عَبِيدُهُ وَعَبِيدُ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُقَاتِلَةً فَنَفَقَاتُهُمْ فِي مَالِهِ وَمَالِ سَادَاتِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مُقَاتِلَةً فَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَفْرِضُ لَهُمْ فِي الْعَطَاءِ، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهُمْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَأْخُذُ فِيهِمْ بِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَا يَفْرِضُ لَهُمْ فِي الْعَطَاءِ، وَلَكِنْ تُزَادُ سَادَاتُهُمْ فِي الْعَطَاءِ لِأَجْلِهِمْ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعَطَاءِ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِ الذُّرِّيَّةِ؛ فَإِنْ عَتَقُوا جَازَ أَنْ يَفْرِضَ لَهُمْ فِي الْعَطَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَفْرِضَ لِنُقَبَاءِ أَهْلِ الْفَيْءِ فِي عَطَايَاهُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْرِضَ لِعُمَّالِهِمْ؛ لِأَنَّ النُّقَبَاءَ مِنْهُمْ وَالْعُمَّالَ يَأْخُذُونَ أَجْرًا عَلَى عَمَلِهِمْ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامِلُ الْفَيْءِ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامِلُ الصَّدَقَاتِ مِنْهُمَا إذَا أَرَادَ سَهْمَهُ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ؛ لِأَنَّ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَاتُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْفَيْءُ، وَلَا يَجُوزُ لِعَامِلِ الْفَيْءِ أَنْ يَقْسِمَ مَا جَبَاهُ إلَّا بِإِذْنِ.

وَيَجُوزُ لِعَامِلِ الصَّدَقَاتِ أَنْ يَقْسِمَ مَا جَبَاهُ بِغَيْرِ إذْنٍ مَا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ، لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ صَرْفِ مَالِ الْفَيْءِ عَنِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، وَمَصْرِفِ الصَّدَقَةِ نَصٌّ بِالْكِتَابِ.

 

وَصِفَةُ عَامِلِ الْفَيْءِ مَعَ وُجُودِ أَمَانَتِهِ وَشَهَامَتِهِ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ وِلَايَتِهِ فِيهِ: هِيَ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَحَدُهَا: أَنْ يَتَوَلَّى تَقْدِيرَ أَمْوَالِ الْفَيْءِ، وَتَقْدِيرَ وَضْعِهَا فِي الْجِهَاتِ الْمُسْتَحَقَّةِ مِنْهَا؛ كَوَضْعِ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ، فَمِنْ شُرُوطِ وِلَايَةِ هَذَا الْعَامِلِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا مُجْتَهِدًا فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ مُضْطَلِعًا بِالْحِسَابِ وَالْمِسَاحَةِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَامَّ الْوِلَايَةِ عَلَى جِبَايَةِ مَا اسْتَقَرَّ مِنْ أَمْوَالِ الْفَيْءِ كُلِّهَا، فَالْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ شُرُوطُ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالِاضْطِلَاعِ بِالْحِسَابِ وَالْمِسَاحَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا مُجْتَهِدًا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَلَّى قَبْضَ مَا اسْتَقَرَّ بِوَضْعِ غَيْرِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ خَاصَّ الْوِلَايَةِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ أَمْوَالِ الْفَيْءِ خَاصٍّ فَيُعْتَبَرُ مَا وَلِيَهُ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ فِيهِ عَنِ اسْتِنَابَةٍ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ، مَعَ اضْطِلَاعِهِ بِشُرُوطِ مَا وَلِيَ مِنْ مِسَاحَةٍ أَوْ حِسَابٍ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذِمِّيًّا وَلَا عَبْدًا؛ لِأَنَّ فِيهَا وِلَايَةً، وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنِ الِاسْتِنَابَةِ جَازَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ كَالرَّسُولِ الْمَأْمُورِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ ذِمِّيًّا فَيَنْظُرُ فِيمَا رَدَّ إلَيْهِ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ، فَإِنْ كَانَتْ مُعَامَلَتُهُ فِيهِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالْجِزْيَةِ وَأَخْذِ الْعُشْرِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ؛ جَازَ أَنْ يَكُونَ ذِمِّيًّا، وَإِنْ كَانَتْ مُعَامَلَتُهُ فِيهِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَالْخَرَاجِ الْمَوْضُوعِ عَلَى رِقَابِ الْأَرْضِينَ إذَا صَارَتْ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَفِي جَوَازِ كَوْنِهِ ذِمِّيًّا وَجْهَانِ.

وَإِذَا بَطَلَتْ وِلَايَةُ الْعَامِلِ فَقَبَضَ مَالَ الْفَيْءِ مَعَ فَسَادِ وِلَايَتِهِ بَرِئَ الدَّافِعُ مِمَّا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ مِنْهُ مَأْذُونٌ لَهُ، وَإِنْ فَسَدَتْ وِلَايَتُهُ وَجَرَى فِي الْقَبْضِ مَجْرَى الرَّسُولِ، وَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ وِلَايَتِهِ وَفَسَادِهَا، أَنَّ لَهُ الْإِجْبَارَ عَلَى الدَّفْعِ مَعَ صِحَّةِ الْوِلَايَةِ، وَلَهُ الْإِجْبَارُ مَعَ فَسَادِهَا، فَإِنْ نُهِيَ عَنِ الْقَبْضِ مَعَ فَسَادِ وِلَايَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقَبْضُ وَلَا الْإِجْبَارُ، وَلَمْ يَبْرَأْ الدَّافِعُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ إذَا عَلِمَ بِنَهْيِهِ، وَفِي بَرَاءَتِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالنَّهْيِ وَجْهَانِ كَالْوَكِيلِ.

__________

(1) الفيء: ما أورده الله تعالى على أهل دينه من أموال من خالفهم في الدين بلا قتال، إما بالجلاء أو بالمصالحة على جزية أو غيرها، والغنيمة أخص منه، والنفل أخص منها(التعريفات: ص [217]).

(2) الغنيمة: اسم لما يؤخذ من أموال الكفرة بقوة الغزاة وقهر الكفرة على وجه يكون فيه إعلاء كلمة الله تعالى، وحكمه أنَّ يخمَّس، وسائره للغانمين خاصة (التعريفات: ص [209]).

(3) قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ومن الفيء ما ضربه عمر رضي الله عنه على الأرض التي فتحها عنوة ولم يقسمها كأرض مصر وأرض العراق إلّا شيئًا يسيرًا منها، وبرِّ الشام وغير ذلك، فهذا الفيء لا خمس فيه عند جماهير الأئمة؛ كأبي حنيفة ومالك وأحمد، وإنما يرى تخميسه الشافعي وبعض أصحاب أحمد، وذكر ذلك رواية عنه. قال ابن المنذر: لا يحفظ عن أحد قبل الشافعي أن في الفيء خمسًا كخمس الغنيمة (كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه: [28/ 564]).

(4) هو إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان أبو ثور الكلبي الفقيه البغدادي صاحب الشافعي، ناقل الأقوال القديمة عنه، كان أحد الأعلام الثقات، المأمون له في المذهب والكتب المصنَّفة في الأحكام، جمع فيها بين الحديث والفقه، وكان مبدأ اشتغاله بمذهب أهل الرأي حتى قدم الشافعي رضي الله عنه إلى العراق، فاختلف إليه واتبعه ورفض مذهبه الأول، وتوفِّي سنة أربعين ومائتين ببغداد.

(5) قال ابن تيمية: وهذا الفيء لم يكن ملكًا للنبي في حياته عند أكثر العلماء، وقال الشافعي وبعض أصحاب أحمد: كان ملكًا له، وهذا الفيء لم يكن ملكًا للنبي في حياته عند أكثر العلماء. وقال الشافعي وبعض أصحاب أحمد: كان ملكًا له.

وأما مصرفه بعد موته فقد اتفق العلماء على أن يصرف منه أرزاق الجند المقاتلين الذين يقاتلون الكفار، فإن تقويتهم تذلّ الكفار فيؤخذ منهم الفيء، وتنازعوا هل يصرف في سائر مصالح المسلمين أن تختص به المقاتلة على قولين للشافعي، ووجهين في مذهب الإمام أحمد، لكن المشهور في مذهبه وهو مذهب أبي حنيفة ومالك أنه لا يختص به المقاتلة، بل يصرف في المصالح كلها، وعلى القولين يعطى من فيه منفعة عامة الفيء، فإن الشافعي قال: ينبغي للإمام أن يخص من في البلدان من المقاتلة وهو من بلغ، ويحصي الذرية وهي من دون ذلك والنساء، إلى أن قال: ثم يعطي المقاتلة في كل عام عطاءهم، ويعطي الذرية والنساء ما يكفيهم لسنتهم. قال: والعطاء من الفيء لا يكون إلا لبالغ يطيق القتال. قال: ولم يختلف أحد ممن لقيه في أنَّه ليس للمماليك في العطاء حق ولا للأعراب الذين هم أهل الصدقة. قال: فإن فضل من الفيء شيء وضعه الإمام في أهل الحصون، والازدياد في الكراع والسلاح، وكل ما قوي به المسلمون (كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه: [28/ 565]).

(6) قال ابن قدامة المقدسي من الحنابلة: وسهم ذوي القربي لبني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف؛ لما روى جبير بن مطعم قال: لما كان يوم خيبر وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى في بني هاشم وبني المطلب، جئت أنا وعثمان فقلنا: يا رسول الله، إن إخواننا من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم، أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة؟ فقال: «إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» ثم شبك بين أصابعه. (رواه أبو داود)، ويجب تعميمهم به حيث كانوا لعموم قوله تعالى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} ؛ ولأنه النبي صلى الله عليه وسلم أعطى منه العباس وهو غنيّ، وأعطى صفية عمته، ويقسم للذكر والأنثى كذلك؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى منه أشبه الميراث، ويحتمل أن يسوّى بينهما كالمستحق بالوصية للقرابة (الكافي في فقه ابن حنبل: [4/ 317]).

(7) صحيح: (رواه أبو داود في كتاب الوصايا [2873]، وصححه الشيخ الألباني).

(8) قلت: هو الحجاج بن يوسف الثقفي.

(9) قلت: أما أن يعطوا من مال الفيء كغيرهم فنعم، أمَّا أن يعطوا مال الفيء كما قال المصنّف فلا، بل إنَّ الحكام مطالبون بالابتعاد عن كل ما فيه شبهة ومحاباة.

 

الكتاب: الأحكام السلطانية

المؤلف: أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)

الناشر: دار الحديث  القاهرة

عدد الأجزاء: 1

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

المصدر: المكتبة الشاملة
  • 20
  • 7
  • 80,183
المقال السابق
(56) مصارف الزكاة (8)
المقال التالي
(58) أحكام الغنيمة (2)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً