وقفات مع الدكتور خالد زهري في تحقيق نسبة الإبانة للإشعري (1)
الدكتور خالد زهري موظف في الخزانة الحسنية، يشتغل مفهرسًا لكتبها، عرفته منافحًا عن الفكر التأويلي على طريقة الكلابية، التي يسمونها الأشعرية، كتب دراسة في العدد الأول من مجلة الإبانة الصادرة عن مركز أبي الحسن الأشعري في تحقيق نسبة كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري، وقد قرأت الدراسة بتأن، فوجدت أنها لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الدراسة العلمية، إن هي إلا خواطر تدفعها الإيديولوجيا إلى مزلق العبث والخبط.
- التصنيفات: مذاهب فكرية معاصرة -
الدكتور خالد زهري موظف في الخزانة الحسنية، يشتغل مفهرسًا لكتبها، عرفته منافحًا عن الفكر التأويلي على طريقة الكلابية، التي يسمونها الأشعرية، كتب دراسة في العدد الأول من مجلة الإبانة الصادرة عن مركز أبي الحسن الأشعري في تحقيق نسبة كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري، وقد قرأت الدراسة بتأن، فوجدت أنها لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الدراسة العلمية، إن هي إلا خواطر تدفعها الإيديولوجيا إلى مزلق العبث والخبط.
أول ما فاجأني في دراسته زعمه: أن مؤلف الإبانة يعلن صراحة أنه على مذهب أهل التسليم والتفويض، واستدل بقول المؤلف: "ونستعينه استعانة من فوض أمره إليه"، ولم أجد أمام هذا إلا أن أبتسم محوقلاً محسبلاً، فعلى هذا كلنا مفوضة في الصفات!، لأننا نقول في الدعاء قبل النوم: "..وفوضت أمري إليك".
الصواب يا دكتور زهري أن يقال: إن الأشعري صرح بأنه من أهل الحديث والسنة، فإنه قال في مقالات الإسلاميين بعد حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة: "وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب".
ثم وجدته ينبه على أن صاحب الإبانة يصرح بأنه ينتمي للمدرسة الحنبلية، ثم نقل عبارته في الكتاب، ثم قال: "لكن هل ينتمي أبو الحسن الأشعري حقًا إلى المذهب الحنبلي؟" هنا أيضًا تبسمت مستغربًا من هذه المغامرات والمقامرات.. فإن الأشعري لم يزعم انتسابه للمذهب الحنبلي، بل للإمام أحمد بن حنبل نفسه، وهذا تدليس منه غفر الله له، فالفرق بين النسبتين عظيم وكبير، لكن الأزهري خلط بينهما لحاجة في نفسه قضاها، والسؤال يعني طعنًا في أحدهما.. ففيمن يطعن الدكتور الزهري؟
ثم رأيته يزعم أن كتاب الإبانة كتب بروح عدائية، لأنه ورد فيها قول مؤلفها: "ونرى مفارقة كل داعية إلى بدعة، ومجانبة أهل الأهواء"، قلت: فهلا طعن في صحة نسبة كتاب المقالات له أيضًا، فإن فيه -نقلا عن أهل الحديث الذين سبق ونبهت أنه صرح بأنه يقول بـ"كل" ما ذكر من قولهم-: "ويرون مجانبة كل داع إلى بدعة"، وقال في (رسالة إلى أهل الثغر) حاكيًا إجماعات أهل الحديث الذين ينتسب لهم: "وأجمعوا على ذم سائر أهل البدع والتبري منهم"!
ثم وجدته ينكر قول مؤلف الإبانة: "ولا يجوز أن يقال: إن شيئًا من القرآن مخلوق، لأن القرآن بكامله غير مخلوق"، واستنكر هذا قائلاً: "لا يخفى خطورة هذا القول، وما يفضي إليه من تجسيم"، وقصده نفي أن يكون هذا الكلام لأبي الحسن الأشعري، ولم ينتبه أو قصد أن لا ينبه على أن أبا الحسن الأشعري قال في مقالات الإسلاميين التي يثبت صاحبنا نسبته للأشعري: "ويقولون إن القرآن كلام الله غير مخلوق"، وهذا قول أهل الحديث الذي انتسب إليهم الأشعري نفسه كما مر.
فهل كان الدكتور زهري حاضر الذهن، منصفًا وهو يكتب مقاله لمركز تابع لمؤسسة علمية لها قدرها؟ أكان مستهينًا بمسؤولية الكتابة في مجلة محكمة؟!
لي وقفات أخرى معه إن شاء الله تعالى، فالرجل غلبه تعصبه الأيديولوجي فأفسد عمله، وأوقعه في حرج علمي شديد.
طارق الحمودي