لحظات غالية.. وكابوس بغيض!
لستُ أتحدث عن لحظات كسبٍ مالي، ولا لحظات متعةٍ مادية، ولا لحظات نجاحٍ دنيوي، إنما أتحدثُ عن لحظاتٍ كنت ألتقي فيها منذ سنين بعيدة ببعض أصدقائي الذين أحبهم وأثق فيهم
لستُ أتحدث عن لحظات كسبٍ مالي، ولا لحظات متعةٍ مادية، ولا لحظات نجاحٍ دنيوي، إنما أتحدثُ عن لحظاتٍ كنت ألتقي فيها منذ سنين بعيدة ببعض أصدقائي الذين أحبهم وأثق فيهم، فلا نجتمع معًا إلا على رضا الله سبحانه، والنصح فيه، والتعاون معًا على كل بر وخير وتقوى..
لحظات لا زلت أثمنها بكل غال وثمين، ولا أقايضها بملء الأرض مالًا، تلك التي أقضيها مع هؤلاء الأصدقاء ذوي النفوس الطيبة الكريمة.. لا نتحدث إلا بما فيه خير، وذكر الله يتبع غالب مقاطع الجمل، فلا غيبة لأحد، ولا نميمة تدور على الألسنة، ولا ضحكات صاخبة ولا غمزات موحية، ولا نجوى مؤلمة، ولا غضبات مقلقة..
إنه مجلس مبارك، أحببته طول أيام عمري، تعلمتُ فيه الكثير من تجارب الحياة النافعة، ومعالم الإيمان الساطعة، فما فارقتني أيام حياتي كلها، حتى إنني لا زلت أعود إليها بذاكرتي كلما ضاقت بي منازل الدنيا وسوءات السلوك النفعي الكريه من كثير من الناس..
أذكر أيامها كم كنتُ أنتظر يوم لقائهم بفارغ الصبر، أحمل بين كفي لون السعادة الغامر، وأشعر على وجهي بعلامات السرور الموحية النقية، وأستقبل الساعات القادمة لموعد اللقاء بترحيبٍ بالغ.
لم نكن أيامها نعرف معنى أن نحمل سوءًا لأحد أو أن نكره خيرًا لأحد أو أن نحب لإخواننا ما لا نحبه لأنفسنا من الخير..
لم نكن أيامها نتصور أن ينتفع أناس بمراءاة في دينهم أو يتكسب آخرون بدعوتهم أو يعلو شأن غيرهم باعتلائهم جثث الآخر!
لم نكن نعلم من الأخوة غير الحب والولاء، ولا من العلم غير الوفاء والخشية والسعي للتطبيق، ولا من التعارف إلا الثواب والدعوة والالتقاء على الخير..
كانت قلوبنا بيضاء نقية، وصدورنا رحبة صفية، وأيدينا عفيفة نظيفة، ونفوسنا كريمة لا تضام..
لكم تمنيت عودة الزمان، ودورة الأيام، حتى لا أرى الحياة تتلون بلون المصلحة البئيس، وتلتف بثوب النفعية القميء، وتتزين بزينة مزورة غير صادقة..
وها أنا ذا يومي ذلك، أتابع بشغف لقاء أبنائي الصغار بأصدقائهم المقربين، فأسمع صوت أحاديثهم الشفافة، وتعليقاتهم الباسمة الرقيقة، وأمنياتهم الحالمة الطموح، فيعود الأمل في قلبي بعودة أيام صالحات، وبإفاقة قريبة من ذاك الكابوس البغيض!!
خالد رُوشه| 28/10/1429 هـ
- التصنيف:
- المصدر: