إحسان الظن بالله - (11) فلنحب الله لأنه الودود
لله سبحانه وتعالى الودود، يرضى عن عبده ويحبه ويكرمه على أفعال بسيطة جدًا لا يلقي لها العبد بالًا بشرط واحد: أن يكون هذا الفعل أو القول أو الشعور خالصًا لوجه الله.
تصور أنك رأيت إنسانًا لا تعرفه، فتبسمت في وجهه، ثم نسيت الموقف. فإذا بهذا الشخص يهديك سيارة ويقول لك: لن أنسى بسمتك؛ لقد أحسست فيها بمحبتك الصادقة لي. ثم بقي يتصل بك يشكرك على ابتسامتك.. وقعت في مأزق فساعدك وسعى معك بوقته وجهده وماله.. مرضت فزارك وأطعمك بيده. استحييت منه وقلت له أنك لا تستحق منه هذا كله. فقال لك: لا، لن أنسى لك تبسمك في وجهي، وبقي يظهر لك المحبة الصادقة التي لا تشوبها المصالح الدنيوية.
ماذا تسمي إنسانا كهذا؟ (ودود)... أليس كذلك؟ ألا تحس بالحياء الشديد من تودد مثل هذا الإنسان؟ خاصة إن لم تستطع سداد معروفه وجميله؟
ولله المثل الأعلى! الله سبحانه وتعالى الودود، يرضى عن عبده ويحبه ويكرمه على أفعال بسيطة جدًا لا يلقي لها العبد بالًا بشرط واحد: أن يكون هذا الفعل أو القول أو الشعور خالصًا لوجه الله.
انظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: « » (صحيح، رواه الترمذي). كلمة لعل العبد نسيها وما تصور أن تبلغ هذا المبلغ عند الله، لكنه تعالى يرضى بها عن العبد إلى الأبد لأنه (الودود).
في الحديث الصحيح: كان على الطريق غصن شجرة يؤذي الناس، فأماطها رجل، فأدخل الجنة... عمل بسيط جدًا، لكننا نتعامل مع الودود سبحانه وتعالى.
الله تعالى يضاعف الحسنة إلى عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة لأنه تعالى (الودود).
دمعة.. تنزل منك في لحظة تأملت فيها لطف الله وكرم الله وعظمة الله وحلم الله، دمعة.. يظلك الله بها في ظله ويحرم عينك بها على النار لأنه تعالى (الودود).
في الحديث الذي رواه البخاري عن الرجل الذي أشفق على كلب فسقاه... « ».
أعمال بسيطة لكن الله يشكرها لأنه الشكور، ويتودد إلينا إذا فعلناها لأنه تعالى (الودود).
{وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود:90].. قد يمحو لك جبالًا من الخطايا لكنه لا يمحو حسنة واحدة {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة:120] لأنه (الودود).
في الحديث الذي رواه مسلم يقول الله تعالى: «
».. نعم، لأنه تعالى (الودود).الذي يجعلك تستحي من الله تعالى مع كرمه وتودده أنك لا تستطيع نفعه تعالى بشيء، لا تستطيع أن ترد جميله... وفوق ذلك هو تعالى الذي وفقك للعمل. الله يوفقك لعمل الخير، ثم الله إذا ابتلاك صبرك ثم الله يثيبك على الخير الذي وفقك هو له، يثيبك على الصبر الذي وفقك هو له. يثيبك ثوابًا عاجلًا في الدنيا ولا بد، ولو بنعيم القلب وأنسه، ثم يثيبك في الآخرة... ما هذا الكرم والود!! لا عجب فهو تعالى (الودود).
أثناء تجربة الأسر رأيت من ربي عز وجل حلمًا ولطفًا ورحمة ورأفة وكرمًا وسترًا وإعانة أكثر مما تصورت. بحثت في ماضيَّ وحاضري لأرى لماذا ينعم الله علي بهذا الشكل! لم أجد إلا أعمالًا بسيطة جدًا أعطيت فيها فأعطاني الله أضعافًا، عفوت فيها فرأيت آثار عفو الله أضعافًا، سترت فيها فسترني الله أضعافًا، أعنت فأعانني الله أضعافًا. وهو تعالى الذي وفقني لهذه الأعمال ثم هو تعالى يكافئني عليها في الدنيا أضعافًا.
في لحظة من اللحظات أثناء الأسر بكيتُ من الحياءِ من ربي تعالى عندما رأيت منه هذا اللطف والرحمة والحلم والكرم والإعانة وقلت له: (والله يا رب ما بستاهل، والله يا رب ما بستاهل). إي والله إني لا أستحق؛ ولكنه تعالى (الودود).
ألا يكفي هذا كله في أن نحب ربنا تعالى بلا شروط؟ ألا يكفي هذا كله في أن نحبه في رحم المعاناة والبلاء وأن نأنس به ونكتفي بقربه مهما كانت الظروف؟ إخواني وأخواتي... فلنحب الله تعالى لأنه الودود.
- التصنيف:
- المصدر: