كيف تجعل ابنك معاقًا؟!
هناك إعاقةً نفسية إن صح التعبير تنشأ من سوء التربية وجهل الوالدين والمعلمين للاحتياجات النفسية للطفل في كل مرحلة من مراحل النمو، وهذا الجهل قد يُعرِّض الطفل إلى فقدان الثقة بالذات واحتقارها والشعور بالدونية وخوف من الآخرين وعدم القدرة على الكلام -التلعثم-؛ بل قد يصل إلى اضطراباتٍ نفسية.. خاصةً في البيئة التنافسية التي تقوم على التنافس وتشهد صراعٍ على التمييز أو في البيئة المتسلِّطة التي فيها القوي يأكل الضعيف.
- التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة - قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - تربية الأبناء في الإسلام - قضايا الشباب -
نعلم جميعًا أن الإعاقة تتنوّع فهناك إعاقة جسدية مثل بتر الأطراف ويكون سببها حرب طاحنة أو حوادث مؤلمة، وقد تكون الشلل أو فقد حاسةٍ من الحواس مثل السمع والبصر... وهناك إعاقات عقلية ناتجة عن ضمور في المخ، أو خلل في الغدد الصماء، أو بعض مشاكل النمو ينتج عنها ضعف في القدرات العقلية والاستيعاب والادراك.
وهناك إعاقةً نفسية إن صح التعبير تنشأ من سوء التربية وجهل الوالدين والمعلمين للاحتياجات النفسية للطفل في كل مرحلة من مراحل النمو، وهذا الجهل قد يُعرِّض الطفل إلى فقدان الثقة بالذات واحتقارها والشعور بالدونية وخوف من الآخرين وعدم القدرة على الكلام -التلعثم-؛ بل قد يصل إلى اضطراباتٍ نفسية.. خاصةً في البيئة التنافسية التي تقوم على التنافس وتشهد صراعٍ على التمييز أو في البيئة المتسلِّطة التي فيها القوي يأكل الضعيف. هذه البيئة المتسلِّطة القاسية على الطفل تجعل منه إما شخص مطيع هادئ تابع لهذه البيئة، أو تجعل منه ثائر ناقم على هذه البيئة يرفض كل ما يصدر منها حتى إن كان جيدًا، الشخص المطيع عُرضة للضغوط النفسية والأزمات النفسية بسبب عدم قدرته على التنفيس والتعبير عن رأيه بالرفض أو بالقبول خاصةً في القضايا التي تخصُّه بالدرجة الأولى.
تنبيه:
ليست المشكلة إذا كان طفلك عنيد بل المشكلة إذا كان طفلك مُطيعًا لا يُعارِض.
كثيرٌ يشتكي من أطفاله وتتكرَّر شكواه.. طفلي عنيد..
فكيف نقضي على عناد الأطفال؟
عناد الأطفال هو الوضع الطبيعي والطفل العنيد هو الطفل السليم نفسيًا ويحتاج إلى توجيهٍ متزن، وتعامل واعي، الطفل المطيع جدًا الذي لا يستطيع أن يرفض خوفًا من ردة فعل الآخرين هو طفل ضعيف نفسيًا ويحتاج إلى رعاية واعية تساعده على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار يحتاج إلى رعاية تطور قدراته في ما يعرف بالذكاء العاطفي بحيث يصبح قادرًا على تعامله مع مشاعره السلبية وبالتعبير عنها بطريقة متزنة ومع مشاعر الآخرين ولا سيما السلبية كيف يتفهمها ولا يخشاها، فكثيرٌ من لديه خوف شديد من غضب الآخرين في بعض القرارات طبيعي أن يغضب الآخرين.. الطفل الذي لا يُدرّب على هذه المهارات سوف يتحوّل الضعف إلى إعاقةٍ نفسية تجعله عاجزًا عن بناء علاقات ناجحة مستمرة.
خطوات صناعة الإعاقة:
1- قاعدة عامة مساعدة الآخرين فيما يُحسِنون:
هي أول خطوة في صناعة الإعاقة، وهذه القاعدة تنطبق على الأطفال والمراهقين والبالغين؛ فعندما تساعد شخص في أمرٍ يستطيع القيام به أنت تسلبه الممارسة والتجربة والقدرة فيصبح عاجزًا على القيام به، ويصبح معتمِدٌ عليك اعتمادًا كليًا، وهذا يحدث كثيرًا داخل الأسرة فتجد الوالدين يتحملون كامل المسؤولية عن أبنائهم حتى في قضاياهم الخاصة مثل الدراسة وحل الواجبات والقيام للصلاة وغيرها...
والطفل هنا يمارس دوره بذكاء فيسلم المسؤولية للوالدين ولا يتحمل أي مسؤولية ولا يهتم، وتموت الدوافع الداخلية له وينتظر الأوامر بشكلٍ مباشر من الوالدين ولا يشعر بألم الإخفاق؛ لأن هذه القضايا ليست من مسؤولياته بل هي من مسؤوليات الوالدين، هذا النوع من التربية يُخرِج لنا شخص معاق نفسيًا غير ناضج غير قادر على التعامل مع المتغيرات والتحديات في هذه الحياة.
عزيزتي الأم.. عندما تحملين طفلكِ وهو يستطيع المشي أنتِ تصنعين من طفلكِ معاقًا، وعندما تُأكلين طفلك الذي يستطيع الأكل أنتِ تصنعين منه معاقًا، وعندما تتحدَّثين عن طفلكِ الذي يستطيع التحدُّث أنتِ تصنعين منه معاقًا..!
2- الخطوة الثانية:
الحماية الزائدة إن الحماية الزائدة المبالغ بها للطفل تجعل منه طفلًا ضعيفًا لا يستطيع التعامل مع معطيات الحياة، تحرمه هذه الحماية من التجربة والتعلّثم خاصةً في بداية حياته لأن خبراتنا تصقل في بداية حياتنا فالطفل تصقل خبراته في مرحلة الطفولة فنجد أن تجاربه لا تتجاوز قدراته بشكلٍ كبير، ونجد أن مشاكله وتجاربه المؤلمة متناسبة مع مرحلته العمرية، وهذه التجربة وهذا الألم يُنمي قدراته على تحمل الآلام ومواجهة المشاكل بحيث ينمو جسديًا وعقليًا ونفسيًا بشكلٍ متوازن، أما في حالة الحماية الزائدة فإنه ينمو جسديًا وعقليًا ولكنه لا ينمو نفسيًا بشكلٍ متزن؛ وذلك بسبب حماية الوالدين من تعرضِه لبعض التجارب بحجة أنه ضعيفٌ لا يستطيع.. صغيرٌ لا يُحسِن التصرُّف...! وحقيقة الحياة أننا في يومٍ ما سوف نواجهها منفردين ولن تفرق بيننا وسوف يصدم بتجربةٍ مؤلمة تفوق قدراته النفسية التي لم تكتمل بسبب الحماية الزائدة..!
3- الخطوة الثالثة:
"أحلامك أوامر يا سعادة البيه"..!
يعاني بعض الآباء والأمهات من فوبيا الحرمان وعقد من النقص ويعتقدون الحرمان شرٌ محض؛ وذلك بسبب أنهم عانو منه في طفولتهم! ولذا.. يُلبون كل طلبات أبنائهم بدافع أن لا يشعر أبنائهم بالحرمان أو بدافع أنني لا أريد أن يشعر أبنائي أنهم أقل من الآخرين!
ويسعى الأب والأم جاهدين لتحقيق كل طلبات أبنائهم؛ وهذا التدليل المبالغ فيه يجعل الأطفال عاجزين عن معرفة قيمة الأشياء وعاجزين عن تحقيق الغايات، ويزرع في داخلهم اتكالية على الآخرين في أبسط أمورهم. وهنا ترى الأم خادمة لأبنائها في بيتها...!
يعجز المراهق عن إحضار كأسَ ماءٍ بل يطلب من الآخرين ذلك! وهكذا يصبح الأب أشبه بخادم توصيل الطلبات وكأنه العبيد ولدوا أسياده، هذه الشخصية المدللة عاجزة نفسيًا غير قادرة على مواجهة الحياة ضعيفة تنهار أمام أول التحديات لا تملك العزم والإرادة على تحقيق أهدافها، تعتمد على الآخرين بشكلٍ دائم كأعمى الذي لا يستطيع السير بدون مُرشِد، لا يستطيع تقبُّل الرفض من الآخرين تعتقد أن الجميع يجب أن يكونوا خدمٍ لها لا تدرك قيمة الأشياء ولا تدرك قيمة الآخرين ولا تفقه شيء عن مشاعرهم...!
الحرمان ليس شرٍ محض ولا خيرٍ مُطلَق.. قليل من الحرمان يُربي النفس على كثير من الأشياء التي تجهلها.
لا تحرموا أبنائكم نعمة الحرمان..
أحمد الرفاعي