حول التسخير والتوكل!
{وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} نجد أن الفلك لن يكون تسخيرها مُفَعَّلًا لو لم نصمم ونصنع الفلك من الأساس! فإذا قمنا بمجهودنا البشري في تصميم وتصنيع الفلك كان تسخيرُها مُفَعَّلًا لأنها أصبحت موجودة من جهة، وتسير في البحر -حسب قوانين الطبيعة (بأمره)- من جهةٍ أخرى.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحج:65].
بتدبر هذه الآية الكريمة نجد أن تسخير الله العالم لنا ليس هو (للاستخدام الفوري!) بل هو تسخير لا يتم تفعيله إلا بالجهد البشري! وفي قوله تعالى: {وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} نجد أن الفلك لن يكون تسخيرها مُفَعَّلًا لو لم نصمم ونصنع الفلك من الأساس! فإذا قمنا بمجهودنا البشري في تصميم وتصنيع الفلك كان تسخيرُها مُفَعَّلًا لأنها أصبحت موجودة من جهة، وتسير في البحر -حسب قوانين الطبيعة (بأمره)- من جهةٍ أخرى.
وبنظرة أخرى للآية نجد أن {سَخَّرَ لَكُم} فيها خطاب للمسلمين الذين هم مخاطبون بالقرآن، وهذا أمر ضمني لنا نحن المسلمين أن نجتهد في صناعة الفلك، وربما جاءت بعدها كلمة {بِأَمْرِهِ} لتكون أمرًا شرعيًا وأمرًا كونيًا في الآن ذاته، فهي أمر شرعي لنا بصناعة الفلك وأمر كوني للفلك والبحر والرياح أن يتضافروا في سير السفينة، إلا أنه يبدو أن من عمل بالآية هم غير المسلمين فملأوا بحار الدنيا بسفنهم المدنية وبوارجهم العسكرية، بينما خلدنا -نحن المسلمين- إلى الأرض مشاهدين ولسنا فاعلين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي نظرة متأملة في نفس الآية يتضح لنا كيف نتوكل على الله!
إننا نتوكل على الله بتصميم وتصنيع السفينة من جهة، والتيقن أن السفينة التي صممناها وصنعناها لن تجري في البحر إلا بأمر الله من جهة أخرى.
وبالتالي فقد اكتمل عنصرا التوكل وتكاملا! وهذان العنصران هما:
1- بذل الجهد العقلي والبدني.
2- التيقن أن هذا الجهد ليس هو سبب الثمرة، بل سبب الثمرة أن الله يريد أن يعطينا إياها ثوابًا على جهدنا المبذول.
والله أعلم.
- التصنيف: