بمن تستأنس؟!
سهام عبيد
وعليك برفقة الصالحين من حولك.. فإن لم تجد فاعلم أنك في زمنٍ عزّ أن تجد فيه صديقًا يصدقك أو رفيقًا ينصحك، فاستأنس إذًا بهؤلاء السلف الصالح لتنجو وتَسلَم
- التصنيفات: تربية النفس -
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الطريق إلى الله سبحانه وتعالى طويلة، والرفقة قليلة، والأعداء كُثر، وقَلّ من ينجو ويصل! والطريق فعلًا وعرة وتحتاج لمن يأخذ بيدك، ويشد عضدك، ويقوي ساعده ساعدك.. فماذا ستفعل إذًا؟ وبمن تستأنس في تلك الطريق الوعرة؟ ومن تتخذ رفيقًا لدربك حتى تصل إلى منتهاه؟
قد يكون الجوابُ صعبًا.. فأنت إن رمتَ طريق الحقِ ستجد قلة في السالكين.. وستجد نفسك غريبًا وقد تستوحش وتنقلب على عقبيك؛ لكنك إن علمت أن الله سبحانه وتعالى قد عرّفك إلى أطيب رفقة وجعلك تدعوه في كل صلاة أن تكون منهم ومعهم قائلًا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَليهِم} [الفاتحة:6-7]- إن علمت ذلك وتيقنته اطمأن قلبك، وزدت من سيرك على الطريق نحو الغاية الأسمى.
إن السائرَ على الطريق إلى الله سبحانه وتعالى وعلى صراطه المستقيم: "طالبُ أمرٍ أكثر الناس ناكبون عنه؛ مُريدًا لسلوكِ طريقٍ مرافقه فيها في غاية القلة والعزة.. والنفوس مجبولة على وحشة التفرد وعلى الأنس بالرفيق لذا نبّه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق، وأنهم هم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.. فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له وهم الذين أنعم الله عليهم ليزول عن الطالبِ للهداية وسلوك الصراط وحشةُ تفرده عن أهل زمانه وبنى جنسه، وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له فإنهم هم الأقلون قدرًا، وإن كانوا الأكثرين عددًا؛ كما قال بعض السلف: "عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين، وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين". وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئًا" (مدارج السالكين: لابن قيم الجوزية).
وعليك برفقة الصالحين من حولك.. فإن لم تجد فاعلم أنك في زمنٍ عزّ أن تجد فيه صديقًا يصدقك أو رفيقًا ينصحك، فاستأنس إذًا بهؤلاء السلف الصالح لتنجو وتَسلَم، واجعلهم الرفيق في دربك ففي ذكرهم: "ما يزيل وحشة التفرد ويحث على السير والتشمير للحاق بهم" (مدارج السالكين: لابن قيم الجوزية).