التصنع والتكلف للناس
قال الله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص:86]، قال السعدي: "أن أدعي أمرًا ليس لي، وأقفو ما ليس لي به علم، لا أتبع إلا ما يوحى إليَّ"، وعن أسماء رضي الله عنها أن امرأة قالت: "يا رسول الله إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور»".
هناك أشخاصٌ مرنون، أينما حلوا وأينما جلسوا يأنَسون ويؤنسون، يألفون ويؤلفون، ينبسطون مع من حولهم، لا تشعر أنهم غرباء، لا تحس بفوقية في سلوكهم، ولا انزواءٍ في تصرفاتهم، يتصرفون على سجيتهم في أدب وتواضع، وفي المقابل هناك أناس تشعر أن حياتهم مصطنعة كلها تصنع وتكلف، وأمثال هؤلاء هم أبعد الناس عن كسب قلوب من حولهم، وقد نهى الشرع الحنيف عن التكلف والتصنع وإظهار الإنسان وجهًا آخر غير حقيقته، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "نهينا عن التكلف" (رواه البخاري).
وقال الله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص:86]، قال السعدي: "أن أدعي أمرًا ليس لي، وأقفو ما ليس لي به علم، لا أتبع إلا ما يوحى إليَّ"، وعن أسماء رضي الله عنها أن امرأة قالت: "يا رسول الله إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « »" (متفق عليه).
قال النووي رحمه الله تعالى: "« »: هو الذي يظهر الشبع وليس بشبعان، ومعناها هنا أنه يظهر أنه حصل له فضيلة وليست حاصلة، و« » أي: ذي زور وهو الذي يزور على الناس بأن يتزي بزي أهل الزهد أو العلم أو الثروة ليغتر به الناس وليس هو بتلك الصفة، وقيل غير ذلك والله أعلم".
إن من سمات الصالحين أنهم لا يقولون ولا يفعلون ولا يتصفون بشيء ليس له حقيقةً راسخة في قلوبهم، فلا يظهرون للناس صالح أفعالهم ويخفون قبيحها، ولقد كان السلف يسترون أحوالهم وينصحون بترك التصنع.
صور من التصنع:
نظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى شاب نكس رأسه، فقال: "يا هذا ارفع رأسك؛ فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب؛ فمن أظهر للناس خشوعاً فوق ما في قلبه فإنما أظهر نفاقاً على نفاق".
عن كهمس بن الحسن: "أن رجلاً تنفس عند عمر كأنه يتحازن فلكزه عمر"، أو قال: "فلكمه".
الرياء من التصنع: الرياء الأصغر، ومثاله التصنع للمخلوق وعدم الإخلاص لله تعالى في العبادة، بل يعمل لحظ نفسه تارة ولطلب الدنيا تارة أخرى.
ومن صور التصنع ما يحدث في حفلات الزواج وغيرها من الحفلات، من تكلف في الملابس ووسائل التجميل وغيره من المظاهر الفارغة، حتى إنه في بعض المجتمعات إذا حضرت المرأة حفلاً بفستان وأقيم حفل آخر في نفس الأسبوع فإن من الطقوس أن تشتري فستانًا آخر؛ إذ من العيب أن تلبس نفس الفستان مرتين، فهل هذا إلا الإسراف والسفه والتكلف؟!
أخيرًا أيها الأحبة لنتذكر أن الله تعالى لا تخفى عليه خافية، وهو يعلم السر وأخفى: {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الأنفال من الآية:43]، وقال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر من الآية:19]، وقد كان الصالحون يقولون ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها علانية.
وصدق زهير:
ومهما تكنْ عند امرئٍ من خليقةٍ *** وإنْ خَالَها تَخْفي على الناس تُعْلَمِ
إذا علم العبد هذه الحقيقة فإنه سيبتعد عن التصنع للمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو محبة مدح من الخلق، أو أي معنى من هذه المعاني سوى التقرب إلى الله، ولنتذكر وقوفنا بين يدي الله يوم القيامة: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ . فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} [الطارق:9-10].
- التصنيف:
- المصدر: