فرح على حدود الرماد!
سارة خليفة
هذا المشهد الأليم.. الذي صورتهُ الكاميرات.. وتلك المشاعر التي ظهرت في العيون كانت مؤلمة للغاية.. وبقيت الأحلام أن يجتمع ذلك الجمع يوماً ما دون جدار ودون أسلاكٍ شائكةٍ تًفرِّق بين أفراد الأسرة الواحدة.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
أمس كنت أشاهد فيلم وثائقيًا عن مدينة رفح. تلك المدينة التي قُسِّمَّت بحدودِ معاهدةِ كامب ديفيد ما بين الأسرة الواحدة. وجعلت في الأسرة الواحدة من يحمل الجنسية المصرية، ومن يحمل الجنسية الفلسطينية. وهم أسرة واحدة وملامحهم واحدة، لسانهم واحد وأنسابهم واحدة!
حدودٌ. خطٌ وهميٌ رُسِم! جدار وسلك شائك وبعض جنود للحراسة، كلها أشياء شتت الأسرة الواحدة.
جعلت أفراد الأسرة تحتاج إلى تصريح دخول لكي تزور الجزء القابع في الطرف الحدودي الآخر.
تناول الفيلم حياة أسرة فلسطينية بسيطة ومعناتاهم مع التقسيم، وصادف وقت التصوير فرح ابنهم الذي سيتزوج ولكن في الطرف الحدودي الآخر. الأم والأب في رفح الفلسطينية، والابن وعروسه في رفح المصرية. ولم يستطيع أحد من الأسرة بالجانب الفلسطيني أن يأخذ أي تصاريح للعبور لرفح المصرية لحضور العرس.
وتجلس الأم وقلبها ممزق تريد أن تكون بجانب ابنها تزفه إلى عروسه.. تُقَّبِّلُهُ وتهنيه.. تنصحه في يوم زواجه.. جالسة في شرفتها.. تشاهد أنوار وزينة العرس وقد زينت بيت العروس، وتسمع أصوات السعادة والفرح من العرس.نعم المساحة تسمح بذلك! وخرج الابن وعروسه ولفيف من الأسرة والضيوف على سطح البيت ولوحوا لأمه الملهوفة وأباه البعيد.
وبعد محاولات مضنية مع الحدود المصرية وافقت قوات الأمن المصرية على أن يتواجد الأم والأب من ناحية الحدود الفلسطينية، والابن والعروس والأهل من ناحية الحدود المصرية. لتكتحل عيون الأم والأب برؤية ابنهما وعروسه.. يفصلهما الجدار والسلك الشائك! لا تستطيع الأم لمس ابنها.. ولا تقبيل عروسه!.
هذا المشهد الأليم.. الذي صورتهُ الكاميرات.. وتلك المشاعر التي ظهرت في العيون كانت مؤلمة للغاية.. وبقيت الأحلام أن يجتمع ذلك الجمع يوماً ما دون جدار ودون أسلاكٍ شائكةٍ تًفرِّق بين أفراد الأسرة الواحدة.
ولكن.
أصبح هذا كله رماد.
فرفح المصرية.. قد تم تهجير أهلها ودُمِّرَت المنازل.. وأصبح كلٌ ما فيها رماد..
البيوت..
الأحلام..
كل شيء.
وبقى الجدار والسلك الشائك.. ورفح الفلسطينية شاهدة على ما حدث.
وكل ذلك من أجل ماذا؟!
صهاينة مغتصبون يؤمّنون داخل أراضينا. إن كان الأمر هكذا.. فهو لأمد قليل. فلا الأرض تنس دماء أولادها. ولا أولادها ينسوا أنهم أهلها. وسيرسم ذاك الرماد معه أحلاماً جديدة.
ولن تنس رفح الفلسطينية يومًا أن لها أخت ستتوحد معها قريبًا إن شاء الله ..
فلن ينسوا ولن ننس..