(31) تحكيم القوانين الوضعية (الإدارية منها، والتشريعية)
أبو فهر المسلم
كلامنا في تحكيم القوانين الوضعية البشرية، وحُكم مَن حَكم بها لا ينطبق على الأحكام الوضعية الإدارية، التي تُنظّم حياةَ الناس، وأمورَ دُنياهُم ومَعاشهم، طالما أنها لا تخالف شرعًا ولا نصًّا.. ولكن! كلامنا على الأحكام الوضعية التي تَحلّ مَحلّ التشريع الإلهي في الحُكم بين الناس..
- التصنيفات: السياسة الشرعية -
التفصيل بين: تحكيم القوانين الوضعية (الإدارية منها، والتشريعية).
كلامنا في تحكيم القوانين الوضعية البشرية، وحُكم مَن حَكم بها لا ينطبق على الأحكام الوضعية الإدارية، التي تُنظّم حياةَ الناس، وأمورَ دُنياهُم ومَعاشهم، طالما أنها لا تخالف شرعًا ولا نصًّا..
ولكن! كلامنا على الأحكام الوضعية التي تَحلّ مَحلّ التشريع الإلهي في الحُكم بين الناس، في دينهم وأعراضهم وأنفسهم وأموالهم، والتي هي حقٌّ خالصٌ لله وحده، لا شريك له، لذا يَحسُن بنا ذِكر التفصيل بين النظامين، فنقول:
"اعلم، أنه يجب التفصيلُ بين النظام الوضعي الذي يقتضي تحكيمُه الكفرَ بخالق السماوات والأرض؛ وبين النظام الذي لا يقتضي ذلك، وإيضاح ذلك أن النظام قسمان: إداري، وشرعي..
أما الإداري الذي يُراد به ضبط الأمور وإتقانها، على وجهٍ غير مخالف للشرع؛ فهذا لا مانع منه، ولا مُخالف فيه من الصحابة، فمَن بعدهم، وقد عمِل عمرُ رضي الله عنه من ذلك أشياء كثيرة، ما كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كَكتْبه أسماءَ الجُند في ديوانٍ لأجل الضبط، ومعرفة مَن غاب ومَن حضر..
وكاشْترائه -أعني عمر رضي الله عنه- دارَ صفوان بن أمية، وجعله إياها سجنًا في مكة المكرمة، مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يتخذ سجنًا هو ولا أبو بكر، فمِثل هذا من الأمور الإدارية، التي تُفعل لإتقان الأمور مما لا يخالف الشرع؛ لا بأس به كتنظيم شئون المُوظفين، وتنظيم إدارة الأعمال على وجهٍ لا يخالف الشرع؛ فهذا النوع من الأنظمة الوضعية لا بأس به، ولا يَخرج عن قواعد الشرع من مراعاة المصالح العامة..
وأما النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض: فتحكيمُه كفرٌ بخالق السماوات والأرض، كدَعْوى أن تفضيل الذكَر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف، وأنهما يلزم استواؤهما في الميراث، وكدَعْوى أن تعدُّد الزوجات ظلم، وأن الطلاق ظلمٌ للمرأة، وأن الرَّجم والقَطع ونحوَهما أعمالٌ وحشيةٌ، لا يَسوغ فِعلها بالإنسان، ونحو ذلك..!
فتحكيمُ هذا النوع من النظام في أنْفُس المجتمع، وأموالهم، وأعراضهم، وأنسابهم، وعقولهم، وأديانهم؛ كفرٌ بخالق السماوات والأرض، وتَمرُّد على نظام السماء، الذي وضعه مَن خلقَ الخلائق كلَّها، وهو أعلمُ بمصالحها، سبحانه وتعالى عن أن يكون معه مُشرِّع آخر علوًّا كبيرًا" (الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان).