مسلكيات - (22) التزَبُّبُ قبلَ التحَصْرُم

منذ 2014-11-08

هذا مَثَلٌ عربيٌّ يُطلَقُ على ظاهِرَةِ القَفزِ على المَراحِلِ.. أو بعِبارةٍ أوضَحَ: التَصَدُّرُ قبلَ التأهُّلِ، وهي ظاهِرَةٌ مَرَضِيَّةٌ ولا شكَّ، لها أسبابُها وأعراضُها المُختَلِفَة.

الحُصرُمُ هو العِنَبُ في مرحَلةِ ما قبلَ النُّضج.. والزبيبُ هو العِنَبُ في مرحَلةِ ما بعدَ النُّضج. فكيفَ يُمكِنُ لحُبَيباتٍ ضَعيفاتٍ بالكادِ تتشبَّثُ ببَعضِها لتكونَ مَشروعًا مُحتملًا لِلحَصرَمَةِ أن تكونَ في يومٍ واحدٍ زبيبًا حُلوًا ناضِجًا، دونَ أن تَمُرَّ بِمراحِلَ تُقاسي فيها الحموضَةَ والمرارة!

هذا مَثَلٌ عربيٌّ يُطلَقُ على ظاهِرَةِ القَفزِ على المَراحِلِ.. أو بعِبارةٍ أوضَحَ: التَصَدُّرُ قبلَ التأهُّلِ، وهي ظاهِرَةٌ مَرَضِيَّةٌ ولا شكَّ، لها أسبابُها وأعراضُها المُختَلِفَة.

من أعراضِها الظاهِرةِ مَثَلًا: حُبُّ الشُهرَةِ وانتِشارِ الصيتِ، ومُنازَعَةِ الكِبارِ والاستِدراكِ عليهم، والحِرصِ على الألقابِ، والتشَدُّقُ والتقعُّرُ في الكلام، وحِفظِ غرائبِ المَسائِل، والتصَدُّرُ للتدريسِ قبلَ التمَكُّنِ. 

ذكرَ أبو علي القالي صاحبُ كتاب (الأمالي) في اللغة أنَّ شَيخَهُ رآهُ وقد سَوَّلَتْ لهُ نفسُهُ الجلوسَ للتدريسِ في حلَقَةٍ جَمَعَ فيها بعضَ التلاميذ قبلَ أن يُجيزَهُ فزَجَرَهُ قائِلًا له كلِمَتَهُ المشهورة: "يا هذا.. تزَبَبَّتَ قبلَ أن تتَحصرَمَ.. قُمْ من هنا يا كَيْتَ وَكَيْتَ".. قال: "ورَماني بنَعلِهِ، فعَدوتُ هارباً لا ألوي على شيء!".

هذهِ الحادِثَةُ تَقفِزُ إلى ذاكِرتي كلَّما رأيتُ شابًّا في مُقتَبَلِ العُمرِ ولم يشتدَّ عودُهُ بعدُ، قد غرَّتهُ نفسُهُ ببعضِ قِراءاتٍ وبعضِ محفوظاتٍ فاغتَرَّ، وجرَّهُ إلى الصدارَةِ بعضُ صِغارِ المَدّاحينَ فانجَرَّ، فمثَلُهُ كمَثَلِ من تدَكتَرَ قبلَ أن يتَمَسْتَر! أو قُلْ تدَكتَرَ قبلَ أن يتَبَكْلَر! 

المصدر: صفحة الشيخ على الفيسبوك.

جمال الباشا

مؤهلات الشيخ جمال بن محمد الباشا: ماجستير في القضاء الشرعي، دكتوراه في الفقه وأصوله، رسالة الدكتوراه في السياسة الشرعية، مدرس في أكاديمية العلوم الشرعية.

  • 7
  • 0
  • 10,082
المقال السابق
(21) الرّياءُ الخَفيُّ
المقال التالي
(23) خُلُق التواضُع

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً