(7) الإسلام دين العدل لا المساواة
سليمان بن صالح الخراشي
يخطئ بعض الكتّاب والمؤلفين والمتحدثين عندما يصفون الإسلام بأنه (دين المساواة) هكذا بإطلاق، ويعدون هذا الوصف منقبة له إذ ساوى بين الناس جميعًا كما يزعمون.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أعمال القلوب -
يخطئ بعض الكتّاب والمؤلفين والمتحدثين عندما يصفون الإسلام بأنه (دين المساواة) هكذا بإطلاق، ويعدون هذا الوصف منقبة له إذ ساوى بين الناس جميعًا كما يزعمون.
وتجد هذا كثيرًا عند حديثهم عن موقف الإسلام من غير المسلمين، أو موقفه من حقوق الإنسان، أو موقفه من المرأة متوهمين أن (صفة المساواة) صفة مدح في جميع أحوالها، فيلزمهم على هذا أن يساووا بين أحكام المسلم وأحكام الكافر، وبين أحكام الرجل وأحكام المرأة، وهي مما جاءت الشريعة بالتفريق بينها.
وقد فعل هذا العصريون للأسف! عندما واجهتهم النصوص الشرعية التي تمايز بين من سبق، فأخذوا يتكلفون طريقة التخلص منها! إما بردها، أو التغافل عنها، أو تأويلها.. حتى وصل بهم الحال إلى أن جعلوا المسلم في الدنيا كالكافر والعياذ بالله. بل تجاوز بعضهم في الضلال حتى جعلهم متساوين في أحكام الآخرة! مشاقة لله عز وجل، واتهامًا مبطنًا له جل جلاله بالظلم في أحكامه.
ومن طالع كتاباتهم علم هذا.
فيصدق على هؤلاء قوله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم:35]، وقوله تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص:28]، وقوله: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية:21].
وكذلك فعلوا في أحكام الرجل وأحكام المرأة إذ ساووا بينهما، معتقدين أنهم بهذه الطريقة ينصرون المرأة المسلمة، محملينها ما لم يُحمّلها الله.
وماعلم هؤلاء أن المساواة المطلقة لا وجود لها إلا في أذهانهم، وأنها مخالفة ومعاندة لقضاء الله الشرعي والقدري.
فقد فاوت سبحانه بين مخلوقاته، ويسر كلّ مخلوق لما خُلق له. فالشمس غير القمر، والرجل غير المرأة... وهكذا. وفاوت كذلك بين من أطاع أمره ممن خالفه، فجعل لكل واحد أحكامه التي تخصه بسبب اختياره وعمله.
فلو وفق هؤلاء الكتاب لأنزلوا كل مخلوق منزلته التي أنزله الله إياها، موقنين بأن الله لا يظلم أحداً.
ولو وفق هؤلاء لقيدوا مساواتهم تلك ولم يُطلقوها، فقالوا مثلاً: الناس متساوون في الخلقة، أو متساوون في حب زينة الحياة الدنيا، أو في كراهية الظلم.. إلخ مما جاءت الشريعة بتقرير المساواة فيه بين الناس.
وقل مثل ذلك في قضية الرجل والمرأة؛ فتقيد المساواة ولا تُطلق؛ فيقال مثلا: المرأة مساوية للرجل في التكليف، أو في الجزاء الأخروي.... وهكذا، مما جاءت الشريعة بتقرير مساواتهما فيه.
أما الإطلاق فلا..
لأنه يلبس على الناس، ويعارض قضاء الله وأحكامه كما سبق.
ومن الأمثلة على ماسبق: مافعله الدكتور فؤاد عبدالمنعم في كتابه (مبدأ المساواة في الإسلام) من محاولة متكلفة لتحقيق هذه المساواة التي لعلها ترضي الآخرين! فأثبت الجهاد على النساء لعلهن يساوين الرجل! (ص 97).
ادعى أن للكفار ما للمسلمين وعليهم ما عليهم! (ص 110). وتبرأ من أن يكون للرق مكان في عالمنا الإسلامي! (ص 147).... إلخ تكلفاته الباردة التي دعاه عليها افتتانه بهذه المساواة المطلقة الباطلة. رغم أنه اعترف في (ص 67): "أن فقهاء الشريعة الإسلامية القدامى لم يتعرضوا في أبحاثهم لمبدأ المساواة". وقد صدق! لأن علماء المسلمين لايقولون بهذا الباطل المناقض للنصوص الشرعية.. بل يرددون كثيرًا اتباعًا للنصوص أن الإسلام دين العدل.
ومن الأمثلة أيضًا:
ما فعله صاحب كتاب (الإسلام والمساواة بين المسلمين وغير المسلمين) د.عبدالمنعم بركه عندما زعم أن الكفار الذميين لهم الحق في تولي الوظائف العليا في دولة الإسلام ولو كانت الوزارة! (198، 240). وأن شهادتهم كشهادة المسلم! (256). وأن الجزية تسقط عنهم في هذا الزمان! (ص 312). وأنهم يساوون المسلمين في القصاص والدية! (226). وأنهم وأنهم.... إلخ تمحلاته وتكلفاته التي يريد من خلالها إظهار الإسلام بمظهر المساواة الباطلة.
هذان مثالان لما جرته هذه العبارة الباطلة المخادعة.
فالواجب أن تُستبدل عبارة (الإسلام دين المساواة) بعبارة (الإسلام دين العدل)؛ لأن العدل وضع الشيء في موضعه الذي أراده الله له، دون مجاوزة أو نقص.
وماعلمتُ أحدًا نبه على هذه المسألة كما نبه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله في دروسه وكتبه إذ أفاد وأجاد في تقريرها.
ومن ذلك قوله رحمه الله في (شرح العقيدة الواسطية [1 / 180181]): "إن من الناس من يستعمل بدل العدل المساواة؛ وهذا خطأ، لا يقال: مساواة؛ لأن المساواة تقتضي التسوية بين شيئين، الحكمة تقتضي التفريق بينهما، ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون: أي فرق بين الذكر والأنثى؟ سووا بين الذكور والإناث، حتى إن الشيوعية قالت: أي فرق بين الحاكم والمحكوم؟ لا يمكن أن يكون لأحد سلطة على أحد حتى بين الوالد والولد، ليس للوالد سلطة على الولد، وهلمَّ جرًّا.
لكن إذا قلنا بالعدل وهو (إعطاء كل أحدٍ ما يستحقه): زال هذا المحذور، وصارت العبارة سليمة، ولهذا لم يأت في القران أبداً: "إن الله يأمر بالتسوية" لكن جاء: {إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} [النحل من الآية:90]، {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء من الآية:58].
وكذب على الإسلام مَن قال: إن دين الإسلام دين المساواة، بل دين الإسلام دين العدل، وهو الجمع بين المتساوين والتفريق بين المفترقين. أما أنه دين مساواة فهذه لا يقولها مَن يعرف دين الإسلام، بل الذي يدلك على بطلان هذه القاعدة أن أكثر ما جاء في القرآن هو نفي المساواة: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر من الآية:9]، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرعد من الآية:16]، {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد من الآية:10]، {لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ} [النساء من الآية:95]، ما جاء ولا حرف في القرآن يأمر بالمساواة أبدًا إنما يأمر بالعدل، وكلمة العدل أيضا تجدونها مقبولة لدى النفوس، فأنا أشعر أن لي فضلاً على هذا الرجل بالعلم، أو بالمال، أو بالورع، أو ببذل المعروف، ثم لا أرضى بأن يكون مساوياً لي أبدًا ".. اهـ كلامه رحمه الله.
وهذه بعض الأحكام الشرعية التي يختلف فيها الرجل عن المرأة استفدتها بتصرف من كتاب الدكتور مروان القيسي (المرأة المسلمة بين اجتهادات الفقهاء وممارسات المسلمين، ص 123 134)، ومن أراد الزيادة في هذا فعليه برسالة (الأحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل) للأستاذ سعد الحربي، وخاتمة كتاب (حسن الأسوة) لصديق حسن خان.
الأحكام والمسائل التي ثبت فيها التفريق بين الرجل والمرأة:
1- الميراث: قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء من الآية:11]، وقال تعالى:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم} [النساء من الآية:12].
2- الشهادة وفيها تفصيل كما يأتي:
أ- لا تُقْبَل شهادة النساء في القصاص والحدود كافةً كحد الشُّرْب وقطع الطريق والقتل بالرِّدة وكذلك التعزيز فلا بد في كل هذه من شهادة رجلين إلا الزنا واللواط وإتيان البهائم فلا يُقْبَل فيها أقلُّ من أربعة رجالٍ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور من الآية:4].
ب- ما يَطَّلِع عليه الرجال عادة كالنَّسب والطلاق والرَّجْعة والخُلْع والولادة والنكاح والوصية والتوكيل في المال فلابد فيها من شهادة رجلين.
ج- المعاملات المالية كالبيع والقَرْض والإجارة والرهن والوديعة والإقرار والغَصْب والوقْف، وكذلك قتل الخطأ لأن حقًا ماليًا يترتب عليه، فيكفي في هذا كله رجلان أو رجل وامرأتان لقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة من الآية:282].
د- ما لا يطَّلِعُ عليه الرجال عادةً وتَغْلِب على النساء معرفته والاطلاع عليه فتُقْبل فيه شهادة امرأتين كعُيُوب النساء تحت ثيابهن والولادة والبَكارة والثيوبة والقرْن (انسداد مَحَل الجماع بِعَظْم) والرتق (انسداد محل الجماع بلحم) والبَرَص. ولا يصح ما رُوِي عن حُذَيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة وحدها.
هـ- الرضاعة: وتقبل فيها شهادة امرأة واحدة عدل لقوله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البخاري من حديث عقبة بن الحارث رضي الله عنه: « » وتَرجم له البخاري بقوله: باب شهادة المُرْضِعة.
و رؤية هلال رمضان وتُقبل فيه شهادة رجل مسلم واحدٍ عدلٍ أو شهادة مسلمةٍ واحدةٍ على السواء.
3- العقيقة: وهي ما يُذْبح من الأنعام عند الولادة إذ يُعَق عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة. قال صلى الله عليه وسلم « » (الألباني، السلسلة الصحيحة [4/213]).
4- الجهاد بالنفس فلا يجب على المرأة، وإنما تُجاهد بِمالها وكذلك بالحج، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "يا رسول الله هل على النساء جهادٌ؟" قال: « » (ابن تيمية، شرح العمدة [1/96]).
5- زيارة القبور.
6- العورة: ففي حين أن عورة الرجل من السرة إلى الركبة فإن المرأة كلها عورة في النظر. وينشأ عن هذا الفرق تَفْرِقةٌ في اللباس. ذلك أن المرأة مأمورةٌ بسَتر جسدها كله. وفي حين أن الرجل مأمورٌ بألا يتجاوز ثوبه كعبيه والأفضل أن يكون لمنتصف ساقيه فإن للمرأة رخصةً في جر الإزار لأنه يكون أستر لهن قال صلى الله عليه وسلم: «صحيح البخاري [3665]).
» فَقَالتْ أُمُّ سَلمةَ: "فَكَيْفَ يَصْنَعُ النساءُ بِذِيُولِهِنَّ؟" قال: « »، فقالت: "إِذَنْ تَنْكَشِفُ أقْدامُهنَّ"، قال: « » (البخاري،7- بول الصبي والصبية: ذلك أن بول الصبي الذي لم يُجاوِز سنَتَين يكفيه النَّضْح. أما بول الصبية فلابد فيه من الغَسل، قال صلى الله عليه وسلم: «
» (البيهقي، السنن الكبرى للبيهقي [2/415]).8- السفر: فلا يجوز للمرأة أن تسافر سفرًا مُعتَبَرًا عُرْفًا إلا بِصُحبَة زَوج أو مَحْرَم حتى لو كان السفر للحج. وما ذهبت إليه بعض المذاهب من جواز سفرها في رِفْقَة النساء فلا يصح، وذلك لمعارضَتِهِ للأحاديث الصحيحة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «
» (السيوطي، الجامع الصغير [9781]).9- ومما تفترق به المرأة عن الرجل اختصاص الأم بقدْرٍ زائدٍ من البِرِّ عن الأبِ. فعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: جاء رَجَلٌ إلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: "مَنْ أَحَقُّ الناسِ بِحُسْنِ صَحابَتي؟" قال: «عقوق الوالدين كليهما مُحَرَّمٌ.
». قال: "ثُم مَن؟" قال: « ». قال: "ثم من؟" قال: « ». قال: "ثم من؟" قال: « » (البخاري، صحيح البخاري [5971]). وعن المُغِيرة بن شُعْبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « » (البخاري، صحيح البخاري [2408]). فَخَص الحديثُ بالذكر عقوق الأمهات عِلمًا بأن10- ومما تفترق فيه النساء عن الرجال أنه ليس لهن وسَط الطريق، وأنه ينبغي عليهن اجتناب الرجال في الطُّرُقات قال صلى الله عليه وسلم: «
» (ابن حبان، صحيح ابن حبان [5601]).11- اختصاص البنات بقدْرٍ زائدٍ في التربية عن الأنباء. قال صلى الله عليه وسلم: « » (ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز [25/365])، وقال صلى الله عليه وسلم: « » (السيوطي، الجامع الصغير [8278]).
12- تقديم النساء على الرجال في الحضانة، ذلك أنه في حالة افتراق الزوجين عن بعضٍ فإن الأم أحق بحضانة الأولاد من الأب ما لم تتزوج، فعن عمرو بن العاص أن امرأةً قالت: "يا رسولَ اللهِ إنَّ ابْنِي هذا كان بطْنِي له وِعاءً وحِجْري له حِواءً، وثَدْيِي له سِقاءً، وزَعَم أبوه أن ينْزِعَه مِنِّي"، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «
» (أبو داود، سنن أبي داود [2276] خلاصة حكم المحدث: سكت عنه،وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح).13- الاغتسال في الحمامات العامة: فقد حَرَّمهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء. ومن أباحَهُ من الفقهاء للنُّفَساء والمريضة فقد استدل على ذلك بحديثٍ غير صحيح. والصواب أن دخول المسلمة الحمام العمومي لا يصح. ولو بمئزرٍ لما ثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: «
» (المباركفوري، تحفة الأحوذي [7/220]).14- الملاعنة: فهي خاصة بالرجل دون المرأة. فللرجل أن يَشْهَد أربع شهاداتٍ على زوجته بالزنا. قال تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النور:6].
وبما أنه لم يَرِدْ نَصٌّ بخصوص قذف المرأة لزوجها بالزنا فيظل الحكم كما هو، أي أنه يُطْلَب منها إحضار ما يَكْمُل به نِصاب الشهادة وإلا جُلِدت حد القذف.
15- الوِلاية في الزواج: فليس للمرأة أن تُزوِّج امرأةً أُخْرى، ولا أن تُزَوِّج نَفْسَها قال صلى الله عليه وسلم: « » (البيهقي، السنن الكبرى للبيهقي [7/110]).
16- وجوب استئذان الزوجة زوجها إن أرادت أن تصوم تَطَوُّعًا في حين لا يجب عليه أن يستأذنها إن أراد أن يفعل ذلك.
17- التعدد في الزواج: فقد أباح الشرع الإسلامي للرجل أن يتزوج أربعاً دون أن يبيح للمرأة أن تتزوج بأكثر من رجل. ولا يصح أبدًا التساؤل عن الحكمة في ذلك؛ لأنه أمرٌ واضحٌ لا يحتاج لجواب، فاختلاط ُالأنساب أمرٌ واردٌ في تَعَدُّدِ الأزواج دون تعدد الزوجات.كما أن الفِطرة والذَّوق البشرِيَّين يَسْتهجِنانِ أشد الاستهجان تعدد الأزواج بينما يَقْبلان تعدد الزوجات.
18- ولاية أمور المسلمين ويشمل المنع من السياسة والقضاء قال صلى الله عليه وسلم: «
» (البخاري، صحيح البخاري [4425]).19- التعطُّر خارج المنزل فَيَحْرُم عليها ذلك بخلاف الرجل، قال صلى الله عليه وسلم: «
» (السيوطي، الجامع الصغير [2971]).20- إباحة الذهب والحرير، فهو أمرٌ خاص بالنساء دون الرجال. قال صلى الله عليه وسلم: «
» (الترمذي، سنن الترمذي [1720]).21- الحداد، فلم يُشْرَع للرجل على زوجته المتوفاة، وشُرِع للمرأة على زوجها المتوفَّى. قال صلى الله عليه وسلم:«
» (ابن حبان، صحيح ابن حبان [4304]).22- العدة للمُتوفَّى عنها زوجها والمطلقة قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة من الآية:234]، وقال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة من الآية:228]. وليس على الرجل عِدةٌ لكنه يمُنَع من الزواج حتى تنتهي عدة زوجته الرابعة.
23- اتباع الجنائز، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم النساء عن اتباع الجنائز وهو ماصح عن أم عطية رضي الله عنها قولها: "نهانا رسول الله عن اتباعِ الجنائز.. ". أما الرجال فإن اتباع الجنائز في حقهم مُستَحَبٌ.
24- إنزال الميت في القبر: فهو خاص بالرجال يَتَوَلَّوْنَه.
25- اقتسام غنائم الحرب: فالمرأة ليست مُكَلفةٌ بالقتال، لكن إذا أَذِن لها الإمام واشتركت في المعركة يُرضَخ لها إن قاتلت؛ بمعني أن الإمام يعطيها عطاءً غير محدد، لكن دون أن تُعْطَي حِصةً كحِصَص المُقاتلين.
26- الختان: ففي حين أن الختان فَرْضٌ على كل مسلمٍ ذكر، فإنه ليس كذلك بالنسبة للنساء فلا يُخْتَن إلا إن ظهرت لختان بعضهن حاجة. أما إن لم تكن حاجة فلا ختان، وذلك يختلف من امرأةٍ لامرأة.
27- وثَقْب الأُذُنِ جائزٌ بحق النساء حرامٌ على الذكور؛ لأنهم ممنوعون من جَعْل الأقراط في آذانهم.
28- وفي حين أن للمرأة خَضْب يَديْها ورِجْليها بالحناء فإنه ليس للرجل أن يفعل ذلك قال صلى الله عليه وسلم «
» (ابن عساكر، معجم الشيوخ [2/1134]).29- ولا يجوز للمرأة أن تحْلِق رأسها بخلاف الرجل؛ لما في ذلك من المُثْلَة، ولما فيه من التشبُّه بالرجال وكل ذلك مُحرَّم.
30- استحقاقها المهر عند الزواج وليس ذلك للرجل.
وبعد فإن الدارس للفروق آنفةَ الذِكْرِ بين الرجل والمرأة يجد أن تلك الفروق راجعةٌ لأسبابٍ معينةٍ اقتضاها العدل بين الجنسين، وأن المساواة بينهما في مثل هذه الحالات من التفريق تؤدي إلى الظلم. وكما هو معلومٌ أن المساواة في كثيرٍ من الأحيان تؤدي إلى الظلم، وأن العدل كثيرًا ما يقتضي التفرقة والتفريق بإعطاء كلَّ ذِي حقٍ حقَّه، وتكليف كل مُكَلَّفٍ بما يناسب قدراته ويتناسب مع طبيعته. ولذا فإن كل مساواةٍ يقتضيها العدل وتقتضيها الفطرة حققها الإسلام فعلاً بين الجنسين كالمساواة في الكرامة الإنسانية وفي أصل التكليف وفي الثواب والعقاب. أما التكاليف الشرعية فقد سَوَّى الإسلام بين الرجل والمرأة في كل ما من شأنه أن لا يُلْحِق ظلمًا بأحدهما بتحميله فوق طاقته. أو بتكليفه بما لا يتناسب مع طبيعته الذَّكَرِية أو الأُنثوية؛ كإعفاء المرأة من الجهاد، والاختلاف في اللباس نظرًا لاختلاف أجساد الجنسين. وإن الفاحص لكثيرٍ من الفروق بين الجنسين في التكاليف يجد أنها من باب التنوع والاختصاص في المهام والوظائف،. فهما يكملان بعضهما بعضاً والمجتمع بحاجةٍ لكِليهما، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال:«
» (أبو داود، سنن أبي داود [236] خلاصة حكم المحدث: سكت عنه، وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح)".