برنامج عملي مقترح للصائمة في شهر رمضان

منذ 2014-11-09

أختي الصائمة، هذا البرنامج اليومي المرِن، يمكنكِ أن تعدِّلي فيه ما بدا لكِ ليكون مناسبًا، حتى لا يتعارض مع نشاطاتكِ أو مستجدات تطرق بابكِ.

بسم الله المعبود في كل زمانٍ ومكان، والحمد لله الذي شرع لعباده الصيام، وجعله طريقًا لتزكية النفوس وإصلاحها، أما بعدُ:

يا حبيبًا زارنا في كل عام، أهلًا بمقدمكَ أيا رمضان، أهلًا بالشهر الذي أُنزل فيه القرآن، تهلَّلت وجوه المشتاقين، ومُلئت الآفاق بِشرًا، فلنردّد سويًا: يا باغي الخير أقبِل، ويا باغي الشرِّ أقصِر.

إليكِ أختي الصائمة هذا البرنامج المقترح الذي يُساعدكِ على اغتنام دقائق عمركِ في موسم الطاعات، لنيل رضا ربِّ الأرض والسموات، ذيلته بمجموعةٍ من الوصايا والوقفات، تذكرة لي ولكِ، من غير إهمالٍ لحديثٍ عن برنامج الأخت المسلمة وقت الحيض والنفاس... فالفرصة بساحتكِ فهل تضيعينها؟

1- البرنامج اليومي المقترح للمرأة الصائمة في رمضان:

أختي الصائمة، هذا البرنامج اليومي المرِن، يمكنكِ أن تعدِّلي فيه ما بدا لكِ ليكون مناسبًا، حتى لا يتعارض مع نشاطاتكِ أو مستجدات تطرق بابكِ، قسَّمته كما يلي:

قبل الفجر:

• يُسن لكِ أختي الصائمة أن تتسحري، والأفضل أن تأخري السحور اقتداءً بالهدي النبوي.

عند طلوع الفجر وبعده:

• إذا تحقَّقتِ من طلوع الفجر فأمسكي عن الأكل والشرب.

• توضئي استعدادًا لأداء صلاة الفجر.

• عند سماعكِ للأذان، ردّدي مع المؤذن ألفاظ الآذان[1].

• بعد ترديدكِ لألفاظ الآذان، عليكِ بالدعاء مثلما ورد في سنة الحبيب المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، إنَّكَ لا تُخلِفُ الميعاد».

• أداء سُنَّة الفجر (راتبة الفجر) ركعتان[2].

• أداء صلاة الفجر (صلاة الصبح).

• الجلوس في المصلى وقول أذكار الصباح[3]، وقراءة ما تيسَّر من القرآن العظيم، أو الوِرد القرآني المسطَّر في جدولكِ الرمضاني، تمهيدًا لختمةٍ أو أكثر، حسب همَّتكِ واجتهادكِ، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم!

وعلى ذكر قراءة القرآن، أُذكِّر نفسي وإياكِ، إن الذكرى تنفع المؤمنين، لا تُفوِّتي أجر قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة أو في يومها[4].

• المحافظة على أداء صلاة الضحى[5]، وأقلّها ركعتان، وأكثرها ثمان ركعات، وتُصلَّى مثنى مثنى، ويبدأ وقت أدائها من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى أن يقوم قائم الظهيرة وقت الزَّوال.

• الاستعداد للذهاب للدِّراسة أو العمل -إذا كنتِ طالبة أو عاملة- مع استغلال وقت الذهاب في الذكر والدعاء، والالتزام بآداب اللباس الإسلامي عند خروجكِ من بيتكِ، والإصرار على أن تصوم جوارحكِ من نظرٍ وسمعٍ ولسانٍ عن كل ما يجرح صيامكِ ويفسد عليكِ حسناتكِ.

• القيام بالأعمال المنزلية، ودخول المطبخ من أجل تجهيز جزء من وجبة الإفطار، إذا أردتِ استغلال ما بعد الظهيرة للقيلولة وأخذ قسط من الرَّاحة، مع احتساب الأجر واستحضار النيّة وتعديدها، ولا تنسي أن وقت المطبخ والتنظيف وقت ثمين أيضًا، يمكنكِ خلاله الاستماع للقرآن الكريم، أو لأشرطةٍ دينية وعظية، أو إلى الإذاعات الإسلامية، وأُكرِّر يا فاضلة وأزيد: لا تُفوِّتي على نفسكِ استحضار النية وأنتِ بالمطبخ.

وقت الظهر وبعده:

• توضئي استعدادًا لأداء صلاة الظهر.

• عند سماعكِ للأذان، ردّدي مع المؤذن ألفاظ الأذان، ثم الدعاء.

• أداء صلاة الظهر.

• أداء راتبة الظهر: أربع ركعات قبل صلاة الظهر، وركعتان بعدها.

• الجلوس في المصلى، وقراءة ما تيسَّر من القرآن العظيم، أو الورد القرآني المسطر في جدولكِ الرمضاني، تمهيدًا لختمةٍ أو أكثر، حسب همَّتكِ واجتهادكِ.

• أخذ قسط من الراحة بخلودكِ لقيلولة ما بعد الظهر.

• القيام بواجباتكِ الدراسية، أو إنجاز بعض من واجباتكِ الأخرى.

وقت العصر وبعده:

• توضئي استعدادًا لأداء صلاة العصر.

• عند سماعكِ للأذان، ردّدي مع المؤذن ألفاظ الأذان، ثم الدعاء.

• أداء صلاة العصر.

• الجلوس في المصلى وقول أذكار المساء[6]، وقراءة ما تيسَّر من القرآن العظيم، أو الورد القرآني المسطَّر في جدولكِ الرمضاني، تمهيدًا لختمةٍ أو أكثر، حسب همَّتكِ واجتهادكِ.

وقت المغرب وبعده:

• توضئي استعدادًا لأداء صلاة المغرب.

• الدعاء قبل الإفطار عند الغروب.

• عند سماعكِ للأذان، ردّدي مع المؤذن ألفاظ الأذان، ثم الدعاء.

• أداء صلاة المغرب.

• أداء السنة الراتبة لصلاة المغرب وهي ركعتان بعدها.

• تعجيل الفطر.

- لكِ أن تأتي المسجد لصلاة التراويح في رمضان، لنيل أجر قيام الليل، غير متزينة أو متعطرة، وإن كنتِ أُمًّا فلا بأس من إحضار أطفالكِ، على أن لا يُحدِثوا في المسجد نجاسة أو يُزعِجوا النساء، فإن حدث إزعاج مُتكرِّر فيمكنكِ التفاهم مع جاراتكِ مثلًا - لتُبقي واحدة منهن الأطفال عندها ليلة، ثم الدور على بقية الأخوات، فيتم ذلك بالتناوب بينكن، ولا تنسي: إذا دخلتِ المسجد فصلي ركعتين (تحية المسجد).

وقت العشاء وبعدها:

• إذا تيسَّر لكِ الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح، فاشغلي وقتكِ قبل صلاة العشاء -وأنتِ هناك- بالذكر والدعاء ريثما تُقام الصلاة، ولا تخوضي مع الخائضات في كلامٍ هامشي لا يُسمِن ولا يُغني من جوع، بل يُعكِّر صفو المشاعر الإيمانيّة.

• إن حالت الظروف دون ذهابكِ للمسجد، فحافظي على الصلاة في وقتها، توضئي استعدادًا لأداء صلاة العشاء، ثم انشغلي بتنظيف الأواني وجمع الطعام المتبقى من الإفطار، ريثما يؤذن المؤذن لصلاة العشاء.

• أداء صلاة العشاء.

• أداء السنة الراتبة لصلاة العشاء وهي ركعتان بعدها.

• إذا حال مانع دون ذهابكِ للمسجد بغية صلاة التراويح، فلا تحرمي نفسكِ من أجرها وأنتِ ببيتكِ، وعددها إحدى عشر ركعة تُطيلين القراءة في ركعاتها، ولا حرج في زيادة عدد الركعات على العدد المذكور مع تخفيف القراءة، تُسلِّمين من كل ركعتين اثنتين،[7] ولا تنسي قراءة ما تيسَّر من القرآن العظيم، أو الوِرد القرآني المسطَّر في جدولكِ الرمضاني، تمهيدًا لختمةٍ أو أكثر، حسب همَّتكِ واجتهادكِ.

• اختمي صلاة الليل بركعة الوتر التي تُعدُّ آكد النوافل، وإن كانت لكِ نية القيام قبل الفجر، فأخرِّي الوتر إلى آخر الليل.

• إن كان لزوجكِ حاجةً لكِ، فذاك من حقِّه، -وعلى الأزواج مراعاة حال الزوجة وكدِّها وتعبها طوال النهار، ونعمة الطاعة في هذا الموسم الخيّر، وليتذكّر إخواننا الرجال أن الحبيب المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يوقظ أهله في العشر الأواخر تقرُّبًا من الله والتماسًا لمغفرته-.

• نامي على طهارة، أي: توضئي قبل الخلود إلى النوم.

2- الحيض والنِّفاس في رمضان... وقت مستقطع، فما العمل...؟!

لا يخالجني شك في إيمانكِ بأن رب العِزَّة لا يُشرِّع أمرًا إلا وهو في صالح عباده، سواءً علمنا الحكمة من ذلك أو لم نعلم، وعن الحكمة من عدم صوم الحائض؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رابطًا إيَّاها بالعدل في العبادات: "الدم الذي يخرج بالحيض فيه خروج الدم والحائض يمكنها أن تصوم في غير أوقات الدم في حال لا يخرج فيها دمها، فكان صومها في تلك الحال صومًا معتدلًا لا يخرج فيه الدم الذي يُقوي البدن الذي هو مادته، وصومها في الحيض يوجب أن يخرج فيه دمها الذي هو مادتها، ويوجب نقصان بدنها وضعفها وخروج صومها عن الاعتدال فأُمِرت أن تصوم في غير أوقات الحيض"[8].

فما العمل في هذا الوقت المستقطع إذن؟

إليكِ ما تيسَّر من الأفكار، وإن كان جُلّ ما سأذكره صالح لكِ طيلة أيام السنة، لكنه في نفس الوقت وسيلة طيّبة وسهلة لكسب الأجر والثواب أثناء الوقت المستقطع!

• رطبي فمك بذكر الله، {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد من الآية:28].

• أكثري من الاستغفار، {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا . مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح:10-13].

• صلّي على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعن أبي هريرةرضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا»[9].

• اقرئي القرآن من حفظكِ، فإن أردتِ القراءة من المصحف فاعلمي أن بعض العلماء قد أجازوا القراءة منه على أن يتوفر لديكِ حائل، فالبسي قفازًا لإمساك المصحف، أو استخدمي خرقة طاهرة لمسِّ المصحف وتقليب صفحاته.

• أخيتي، تذكري أيضًا: مسيرة طلب العلم والجلسات الايمانيَّة لا تتوقف ولا تتعطّل وقت الحيض!

• الدعاءَ الدعاءَ، {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر من الآية:60].

• عليكِ بأعمال الخير والبِر وما أكثرها! وليس لكِ حُجَّة في ذلك، إذ لا علاقة لِما تمرين به في فترة الحيض أو النفاس من منافسة الخيِّرين على إتيان هذا الأمر، فالقلوب تكون مهيئة للإحسان في شهر رمضان.

3- همسات رمضانية:

• حاسبي نفسكِ كل ليلة، ولتنظري ما قدّمتِه لغدٍ، يقول ابن القيم رحمه الله: "وترك المحاسبة والاسترسال، وتسهيل الأمور وتمشيتُها، فإن هذا يؤول به إلى الهلاك، وهذه حال أهل الغرور: يغمض عينيه عن العواقب، ويمُشِّي الحال، ويتَّكل على العفو، فيُهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة، وإذا فعل ذلك سهُل عليه مواقعة الذُّنوب، وأنِسَ بها، وعسُر عليه فطامها، ولو حضره رُشده لعلم أن الحمية أسهل من الفطام وترك المألوف والمعتاد"[10].

لماذا لا يكون رمضان فرصة لتدريب نفسكِ على هجر معصية أو إقلاعكِ وتوبتكِ من ذنب؟ إنها فرصة السرور الدنيوي والأخروي، فمن تُسارع قبل أن يتناثر العقد؟

فانْهَضْ إلى فُرَصِ السُّرورِ مبادِرًا *** فالعُمْرُ عِقْدٌ دُرُّه مَعْدود

• لا تجعلي ليلكِ وسط عبث العابثين من قنوات تبثُّ السُّموم، من مسلسلات وأغاني وكليبات ونغمات شيطانية، أو زياراتٍ تغلِب عليها النميمة والغيبة وما شاكلهما.

• أختي المسلمة، لا يكن ديدنكِ جِدٌّ واجتهاد في أوّل رمضان، وفتورٌ وكسلٌ في أواخره، فأين أنتِ من منح الكريم إذا نادت أفضل ليالي الشهر: إن نفحات الرحمن قد تنزّلت فأقبلوا...؟ وأين أنتِ من ليلة هي خيرٌ من ألف شهر!

• عادة ما تكون العشر الأواخر من شهر رمضان الفترة التي تختارها ربة البيت لشراء ملابس العيد ومستلزمات البيت التي تستقبل بها الزوار أيام العيد، لكن... هل فكرت أختنا أن هذه الأيام العشر هي أنفس الأوقات؟ فكيف تفوتين الفرصة على نفسك؟

إذن، ما الحل؟

الأفضل شراء ملابس وحاجيات العيد قبل رمضان، وإن دخل رمضان وفاتتكِ الفكرة، فلا بأس! استغلي بداية رمضان لذلك، فالأسواق لا تكون مُكتظة في أول أيام رمضان، وحتى الأسعار تكون مناسِبة مقارنة بأيام اقتراب عيد الفطر.

• جميل أن أن نُنظِّم أوقاتنا طوال السنة، والأجمل أن تكون كذلك في شهر لا ندري إن كُنا سنظفر باغتنامه السنة القادمة أم نكون بين الأجداث منقطعين عن الدنيا!

لا بد -يا رعاكِ الله- من برنامج مسطَّر ومخطط تلتزمين به، تكتبينه على ورقة قبيل رمضان، وتحاولين قدر الإمكان تطبيقه، سواءً ما تعلَّق بجدول ختم القرآن، أو جدول محاسبة النفس، أو جدول أعمال البِر والخير التي تسعين لتحقيقها في رمضان، وليس شرطًا وجود جدول سابق مُحدَّد مُصنَّف، حاولي بإبداعكِ رسمه وتزيينه بمفردكِ حتى تألفيه، ولا بد من الرجوع له يوميًا خلال شهر رمضان، لمعرفة التقدّم والتقصير.

4- والحُجَّة رمضان...!

كثرة النوم... والحُجَّة رمضان...!

ارتبط رمضان في ذهن بعض أخواتنا بالنوم وكثرته، في حين علينا استغلال أوقات رمضان وعدم تفويتها، ولعل السبب الأول في ذلك هو كثرة السَّهر والمسامرات والزيارات، ومع أن النوم لا ينافي الصيام، فإنَّ الاعتدال مطلوب، والأمر يخضع لخطة ترسمينها قبل رمضان، تحدِّدين فيها أوقات نومكِ كنوم القيلولة تجديدا للطاقة وراحة للبدن.

التقصير في الواجبات... والحُجَّة رمضان...!

لكل واحدة مِنا واجبات على عاتقها، طوال أيام السنة، سواءً كانت داخل البيت، أو داخل البيت وخارجه، وما نلاحظه على كثيرٍ من الإخوة والأخوات إهمال واجباتهم، أو التقصير فيها، والحجة التي تتكرَّر دومًا: إنني صائمة، إنه رمضان... فمتى كان رمضان يا أُخيّة موسِمًا للكسل والفشل والانتكاسات؟!

ألم تعلمي أن التاريخ سجّل انتصارات باهرة للمسلمين في شهر رمضان؟!

لم يُعطَّل الجهاد في رمضان وهو ذروة سنام الإسلام، فكيف بما دونه؟ والشاهد: غزوة بدرٍ الكبرى في السنة الثانية من الهجرة، وفتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة و فتح عمورية سنة 223 هجرية وعين جالوت سنة 658 هجرية...

لا أُنكِر أن بعض الأعمال تتطلب جُهدًا يُرهِق الصائم، وبعض المناطق تشهد ارتفاعًا لدرجة الحرارة إذا وافق رمضان الصيف، لكن في كل الأحوال فالأجر على قدر المشقة، فلنحتسِب الأجر، ولنجتهد ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا...

التبذير والإسراف في الشراب والطعام... والحُجَّة رمضان...!

لا شك أن الإسراف والتبذير في الطعام ظاهرةً تلازم الكثير ممن أنعم الله عليهم ورزقهم من فضله، وذلك على مدار السنة، وتحتد هذه الظاهرة وتتفاقم أيام رمضان، على موائد الإفطار والسحور، والحجة: لم نأكل طيلة النهار، أفنفطر على طبقين أو ثلاثة أطباق فقط؟ والواقع أننا نُحضِّر الأطباق تلبية لنداء البطن حينًا، واستجابة لنداء عيون جائعة تجد لذّتها برؤية مائدة متنوعة أحيانًا أخرى!

ولربما يُستهلك ربع ما حُضِّر، ويُهدر ما تبقى، ولا أشك في أنَّكِ تحفظين قوله تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء:26-27]، فلمَ درجتِ أخيَّاتنا على أن تكون مائدة إفطار رمضان لا تخلو من عدة أصناف متشابهة تجعل مائدة رمضان تتكرَّر ثلاثين يومًا!

فلمَ لا يكون الاعتدال والتنويع معًا؟ إن التجديد في أصناف المأكولات يجعل من المائدة أكثر قبولًا وأكثر بُعدًا عن المألوف، ولن يكون هذا إلا بإعداد جدول لما تطبخينه خلال الأسبوع الواحد أو خلال رمضان كله.

فيا رعاكِ ربي، تدبري قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف من الآية:31]، فالاعتدالَ الاعتدالَ يا أُخيّة.

إنَّها وقفاتُ محبّة لأخواتها...

اللهم اعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وجميع أخواتنا وإخواننا في هذا الشهر الفضيل، واجعلنا برحمتك من الفائزين، آمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الأطهار الطيِّبين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش والمراجع:

[1]- (المستحب أن نقول مثلما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين -حيَّ على الصلاة، حيّ على الفلاح- فإننا نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله).

[2]- (أداء السنن الرواتب الاثنتي عشرة، استنادًا لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا، غَيْرَ فَرِيضَةٍ، إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» صحيح مسلم: [1/203]، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، وهي: ركعتين قبل صلاة الصبح، وأربع ركعات قبل صلاة الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد صلاة المغرب، وركعتان بعد صلاة العشاء).

[3]- (لقد اختُلف في تحديد وقت الصباح والمساء بداية ونهاية لقول أذكار الصباح والمساء، والراجح أن العبد ينبغي له أن يحرص على الإتيان بأذكار الصباح من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فإن فاته ذلك فلا بأس أن يأتي بها إلى نهاية وقت الضحى وهو قبل صلاة الظهر بوقتٍ يسير، وأن يأتي بأذكار المساء من العصر إلى المغرب، فإن فاته فلا بأس أن يذكره إلى ثلث الليل، والدليل على هذا التفضيل ما ورد في القرآن من الحثِّ على الذكر في البكور وهو أول الصباح، والعشي وهو وقت العصر إلى المغرب، ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء).

[4]- (وردت كثير من الأحاديث النبوية في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها، من ذلك ما رُوي عن أبي سعيد الخدري أن النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» سنن الدارمي: [4/2143]، تحقيق: حسين سليم أسد الداراني، دار المغني للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط1، 1412 هـ/2000م، وصحَّح الحديث الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته: [2/1004]، المكتب الإسلامي).

[5]- (عن النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنَّه قال: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى»، صحيح مسلم: [1/491]).

[6]- (اختلف في الوقت الذي تُقال فيه أذكار المساء، منهم من يذكر أنها بعد العصر ومنهم من يذكر أنها بعد المغرب، وفي الأمر سعة، وقد أشرتُ لهذا في هامشٍ سابق).

[7]- (هذا ما اتَّفق عليه علماؤنا وأوضحوه في مجمل الفتاوى، والله أعلم).

[8]- (ابن القيم، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان: [1/82]، تحقيق: محمد حامد الفقي، مكتبة المعارف، الرياض، المملكة العربية السعودية).

[9]- (ابن تيمية، مجموع الفتاوى، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، 1416هـ/1995م).

[10]- (صحيح مسلم: [1/306]).
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

شميسة خلوي

الدكتورة شميسة خلوي كاتبة وباحثة إسلامية جزائرية

  • 7
  • 0
  • 48,368

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً