نملة هي خير من بني علمان!

منذ 2014-11-11

أين بني علمان من النصح والإرشاد والتوجيه، والبيان في تفريج كربات الأمة، ومآزقها ومخاطرها من عمل تلك النملة؟! فهل نصحوا وبينوا، وأوضحوا وكشفوا عور العدو وخططه، وكيفية السلامة منه؟! فإنه لا يخفى على كل ذي لب ومن معه مسكة عقل الإجابة على هذا، أنهم تخاذلوا عن ذلك، إن لم يكن أعانوا العدو، ومهدوا له، وأنجزوا مهمته.

قد يستنكر الموضوع أو قد يستغرب، بل لن نكون مبالغين إن لم نقل قد يستهجن، أحقًا أن من أكرمه ربه، فأكمل خلقته وأحسن صورته وأنطق لسانه وسوى بنانه، تعلوه نملة، ويعظم شأنها شأنه؟!

أخي القارئ: حق لك أن تعجب، ولكن لو تأملت وتفكرت وتدبرت، لوجدت صدق عنواني، فإليك ما رمت بيانه:
لقد قص الله تعالى علينا في محكم التنزيل قصة نبينا سليمان عليه السلام، وأنه حشر له ذلك الجيش العظيم من الجن والإنس والطير، فهم يوزعون، وسار بهم حتى وصلوا إلى ذلك الوادي، الذي سماه ربنا عز وجل بوادي النمل، من اسمه تتضح لك صورته، أنه وادي قد ملئ بهذا المخلوق..

 

ولا يخفى على كل ذي لب ما للنمل من دأب، ونشاط في ممارسة عمله، من غير هوادة ولا تقصير، فضلاً أن يكون فيه تأجيل أو تأخير هذا جانب، وأيضا لا يغيب عنا حجمها وصغرها، حتى إنه لربما يطأ الشخص بقدمه هذا المخلوق من غير شعور بوجوده، وحجمها بالنسبة لهذا الجيش العظيم السائر في طريقه المتمثل لأمر قائده، هذه لمحة بسيطة للجانبين.



نعود لقصتنا: فبينما النمل مشتغل بعمله، منهمك بدوره، إذا بصائح ومنذر ومنادي لبني جلدته، نملة من هذا الوادي قد أفزعها ما رأت، وأخافها ما شاهدت، فنادت منذره، ووضعت حلاً للمشكلة، وبينت الأسباب وقدمت الأعذار، بأسلوب يحمل النصح والصدق والأدب، وحسن الظن، وما لا يحصيه إلا رب السماء والأرض من العبر والعظات في هذه القصة.

فانظر -يرعاك الله- لهذه النملة عندما رأت هذا الخطر متوجه إلى بني جلدتها، فعملت واجتهدت، وأفرغت جهدها في إبعاد قومها عن هذا الخطر..

ومع تباين واختلاف الخطر، وكيفية حصوله بين تلكم القصة، وبين خطر العدو الحقيقي من شرق حاقد أو غرب متربص، أقول مع البون الشاسع، والاختلاف الواضح والظاهر، بين نية ذلك الجيش، وبين نوايا ذلك العدو الحقيقي، -مع هذا الاختلاف- إلا أن وجه الربط بين الأمرين كما لا يخفى هو حتمية الخطر القائم .

فأين بني علمان من النصح والإرشاد والتوجيه، والبيان في تفريج كربات الأمة، ومآزقها ومخاطرها من عمل تلك النملة؟! فهل نصحوا وبينوا، وأوضحوا وكشفوا عور العدو وخططه، وكيفية السلامة منه؟! فإنه لا يخفى على كل ذي لب ومن معه مسكة عقل الإجابة على هذا، أنهم تخاذلوا عن ذلك، إن لم يكن أعانوا العدو، ومهدوا له وأنجزوا مهمته.

فيا للعجب بين نملة آثرت مصلحة قومها على الصمت والإعراض، وبين قوم أعانوا عدوهم على قومهم، من هدم وفساد، فشتان بين هذا وذاك، فلا خير في شرذمة النمل خير منهم في الصدق والنصح والإرشاد..
والله المستعان وعليه التكلان.


أبو عبد الرحمن الرحيمي

  • 0
  • 0
  • 2,892

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً