سبحان الذي يُمهِل كأنه يُهمِل!
أبو فهر المسلم
لقد تأمَّلتُ أمرًا عظيمًا: أنه عزَّ وجلَّ؛ يُمهل حتى كأنه يُهمل! فتَرى أيدي العُصاة مُطلقة، كأنه لا مانع، فإذا زاد الانبساط، ولم تَرعوِ العقول؛ أخَذ أخْذ جبَّار..
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
سبحان المَلك العظيم! الذي مَن عرَفه خافَه، وما أمِن مكرَه قطّ مَن عرَفه..
لقد تأمَّلتُ أمرًا عظيمًا: أنه عزَّ وجلَّ؛ يُمهل حتى كأنه يُهمل! فتَرى أيدي العُصاة مُطلقة، كأنه لا مانع، فإذا زاد الانبساط، ولم تَرعوِ العقول؛ أخَذ أخْذ جبَّار، وإنما كان ذلك الإمهال؛ ليَبلُوَ صبرَ الصابر، وليُملِي في الإمهال للظالم..
فيُثبِّتُ هذا على صبره، ويَجزي هذا بقبيح فِعله، مع أن هنالك من الحِلم في طَيِّ ذلك ما لا نَعلمه، فإذا أخَذ أخْذَ عقوبة؛
رأيتَ على كل غلطةٍ تَبِعَة، وربَّما جُمعَت فضُرب العاصي بالحجر الدامغ، وربما خَفي على الناس سببُ عقوبته..
فقيل: فلانٌ من أهل الخير، فما وجه ما جرَى له؟! فيقول القدَر: حدودٌ لذنوب خفيَّة، صار استيفاؤها ظاهرًا (ابن الجوزي رحمه الله، في صيد الخاطر).