لآلئ دعوية ومناهج تربوية

منذ 2014-11-20

في مقالتي هذه سَنتعرَّف بعونِ الله على نهج النبي صلى الله عليه وسلم في التدرُّج بدعوة الصحابة رضوان الله عليهم، ثم سأتطرّق بعد ذلك إلى بعض المناهج الدعوية المستخدمة في توصيل المعلومة للمدعوين.

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:

فللدعوة إلى الله أهمية كبيرة في حياتنا اليومية؛ فهي من أفضل الأعمال، وأجلِّ القربات التي يتقرَّب بها العبد إلى الله عز وجل، لكنها في نفس الوقت فنٌّ لا يتقنه الكثيرون؛ حيث لها قواعد وشروط، فالدعوة كالبنيان الذي يحتاج لوضع أساس وقواعد أولاً قبل أن تشرع في بناء البيت؛ حتى يصير بيتًا صلبًا وقويًّا، يتحمل العواصف والتيارات.

وأهم قاعدة لا بد من غرسها في أنفس المدعوِّين، هي تذكيرهم بعظمة الله عز وجل، يقول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:67].

"فلا بد لنا من التعرّف على الله عز وجل، وعظمته وقدرته، وتنزيهه عن كل نقص، فإذا علمنا ذلك زادتْ محبته في قلوبنا، وزدنا له إجلالاً وتعظيمًا، وطاعة لأوامره، وبُعدًا عن نواهيه، فالمؤمن إذا تعلّق بالله تعالى، صار لا يُمسي ويُصبح إلا وقلبه مُعلّقٌ بالله، يقوم لله، ويقعد لله، ويتكلّم لله، يُراقِب الله في حركاته، في سكونه، في أنفاسه، في كلماته، ويترسم كل شيء فيه محبة الله" (هكذا كان الصالحون؛ خالد بن عبد الرحمن الحسينان، بتصرُّفٍ واختصار).

ولو تأمّلنا حولنا، لوجدنا أن كثيرًا من المشاكل سببها في الأساس هو البُعد عن الله وعدم استشعار عظمته وقدرته؛ فتجد أختًا تقول: "أخي مُدخن، ولا أعلم كيف أنصحه".

وأخرى تقول: "أختي مُتبرِّجة اللباس، ونصحتها كثيرًا بدون فائدة".

وثالثة تقول: "صديقتي فُتِنَت بالغناء والأفلام، ولم يعُد يُجدي النصح معها".

ورابعة وخامسة وسادسة.

وحينما نتأمّل ردودَ بعض المستشارين على تلك المشكلات، نجد أن الردود مُنصبَّة على المشكلة، وبدون البحث عن الأسباب التي أدَّت لتلك المشكلة: فمن تشتكي من الغناء، يتم نُصحها بالاستماع إلى محاضرات عن حُرمة الغناء.

ومن تشتكي من تبرُّج صديقتها، يتم نُصحها بمطوياتٍ ومحاضرات عن الحجاب وشروطه.

ومع اتباع نصائح تلك الفئة من المستشارين، نجد أنه غالبًا إما أن المشكلة تُحل حلاًّ مؤقتًا، ثم ما تلبث أن تعود، أو أنها لا تُحل أبدًا، والسبب هو أنهم ركّزوا على ظاهر المشكلة ولم يعالجوا سببها.

ولتوضيح الأمر؛ دعُوني أقص عليكم موقفًا سمعته من أحد الدعاة:

فقد تمَّت دعوتُه لإلقاء كلمة على النساء عن الحجاب، فقام بتحضير كلمة عن الفضاء وعظمة الخالق في صنعه، وذهب للموعد، وهناك حينما عَلِم المسؤولون بذلك تضايقوا واعترضوا.

فقال لهم: ألم ترغبوا في محاضرةٍ لحثِّهن على الحجاب الشرعي؟! فلتدعوا الأمر لي ولا تقلقوا.

وبعد نهاية المحاضرة قامت حوالي عشر أخوات بشراء حجاب شرعي وتحجَّبن، فتعجب المسؤولون من ذلك، وتساءلوا عن السبب!

فأخبرهم الداعية أن هؤلاء الفتيات يعلمن شروط الحجاب الشرعي وحكمه، لكن ما ينقصهن هو استشعار عظمة الخالق، وحينما رأَوْا وسمعوا عن عظمته وقدرته وإبداعه في خلق الفضاء، كان ذلك سببًا كافيًا لهن ليلبسن الحجاب.

وفي مقالتي هذه سَنتعرَّف بعونِ الله على نهج النبي صلى الله عليه وسلم في التدرُّج بدعوة الصحابة رضوان الله عليهم، ثم سأتطرّق بعد ذلك إلى بعض المناهج الدعوية المستخدمة في توصيل المعلومة للمدعوين.

أولاً: التدرُّج الدعوي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:

"انقسم التشريع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مرحلتين:

1- ففي بداية النبوة في مكة بدأ التشريع من خلال تعليم المسلمين التوحيد، وإثبات الرسالة، والبعث والجزاء، من خلال آيات الله الكونية، ثم الرد على المشركين ومجادلتهم من خلال البراهين العقلية، وذكر القيامة وأهوالها، والنار والجنة وما أُعِد لأهلها.

2- ثم تغيرت طريقة التشريع بعد الهجرة إلى المدينة؛ حيث ترسّخت العقيدة في النفوس، وبدأت الحاجة إلى التركيز على التشريعات العملية (العبادات والمعاملات)، بعد أن كانت مُركّزة على أصول الاعتقاد.

وبالتالي كانت المرحلة الأولى بمثابة تهيئة الأرض الصالحة لبناء كيانٍ إسلامي مُنظّم، والمرحلة الثانية كانت لوضع القواعد والأسس والتشريعات التي تحفظ هذا الكيان وتنظم الحياة فيه" (مقدمات في الفقه وأصوله؛ محمد المبارك، بتصرُّفٍ واختصار).

• فإن سأل سائل: هل يعني ذلك أننا لا بد أن نقوم بتدريس الناس العقيدة قبل أن نُوجِّههم إلى أخطائهم؟

فالجواب: ليس هذا هو المقصد، فبالطبع لا بد من التوجيه والنصح وقت الخطأ، لكن لا بد أن يبدأ التوجيه والنصح بالتذكير بالله وبعقيدتنا، وتهيئة السامع للنصح الذي سيقال؛ ليكون مُقبِلًا على طاعة الله، والبُعد عن اتباع الشهوات.

ثانيًا: المناهج الدعوية[1]:

تتنوَّع المناهج الدعوية على حسب الفطرة الإنسانية إلى:

1- المنهج العاطفي، والذي يعتمد على القلب.

2- المنهج العقلي، والذي يعتمد على العقل.

3- المنهج الحسي أو التجريبي، والذي يعتمد على الحواس المختلفة.

وسنقوم -إن شاء الله- بالتحدُّث عن كل نوعٍ باختصار.

1- المنهج العاطفي:

يعتمد في الأساس على مجموعة من الأساليب الدعوية التي تُحرِّك المشاعر والوجدان، فهو يتميز بـ:

أ- لطف الأسلوب واختيار العبارات المؤثرة.
ب- سرعة تأثُّر المدعوين به، واستجابتهم لمن يُحسِن استخدامه.
ج- سرعة التحول في آثاره تبعًا لتحوّل العواطف والمشاعر.
د- سَعة دائرة استعماله؛ لأن الطابع العاطفي في الناس أغلب على غيره.

ومن أبرز أساليبه:

أ- الموعظة الحسنة: كالخطابة، والتذكير بنعمة الله على عبده المستوجبة للشكر، الترغيب والترهيب، الوعد بالنصر والتمكين، وغيرها، وقد نص القرآن الكريم على أسلوب الموعظة الحسنة نصًّا صريحًا، وأمَر باستخدامه، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل من الآية:125].

ب- إظهار الرأفة والرحمة بالمدعوين: مثل المناداة بكلمة "يا أبتِ، ويا بني، ويا قومِ...".

أو قول الداعي للمدعو: "إني أحبك في الله، أخشى عليك...".

أو مشاركة وجدانية في موقف.

أو مساعدة شخصية في أزمة.

قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران من الآية:159].

ومن مواطن استعمالِه المتعددة والمتنوعة:

أ- دعوة الجاهل: فهو في حاجة للرفق والاهتمام، وتعليمه ما يفيده عن طريق ترغيبه بالعلم.

ب- دعوة من تجهل حاله، ولا يُعرف مستوى إيمانه (قوةً أو ضعفًا)؛ حيث يعمل الداعية على كشف حاله باستثارة عواطفه وكوامن نفسه؛ ليُحدِّد الداعي حاجته، ويختار الأسلوب الذي يناسبه.

ج- دعوة أصحاب القلوب الضعيفة؛ كالنساء، والأطفال، واليتامى، والمساكين، وغيرهم.

د- دعوة الآباء للأبناء، والأبناء للآباء، ودعوة الأقارب والأرحام والأصدقاء فيما بينهم.

هـ- في مواطن ضعف الدعوة والشدة على المدعوين؛ ليُحرِّك الداعية مشاعر المعادين، ويستميل قلوبهم لدعوته، فيستجيبوا له، أو يُخِّفف من شدتهم وبطشهم.

2- المنهج العقلي:

يعتمد على الأساليب الدعوية التي تدعو للتفكر والتدبُّر والاعتبار، ويتميز بـ:

أ- اعتماده على الاستنتاجات العقلية والقواعد المنطقية والفطرية.

ب- عمق تأثيره في المدعوين، ورسوخ الفكرة التي يوصل إليها عن طريقه؛ إذ ليس من السهل تغيير القناعة والأفكار.

ج- إفحام الخصم المعاند.

من أبرز أساليبه:

أ- المحاكمات العقلية والقياس بجميع أشكاله:

• كقوله تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [التوبة:13].

• وقوله صلى الله عليه وسلم في الأمر بحفظ العورة، حينما قال الصحابي رضي الله عنه: يا رسول الله، فإن كان أحدنا خاليًا؟ قال: «فالله أحق أن يُستحيا منه من الناس» (سنن ابن ماجة).

• وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم للشاب الذي يستأذن في الزنا: «أتحبُّه لأمك؟»، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم...» (مسند أحمد).

• وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «وفي بُضْعِ أحدِكم صدقة»، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجرٌ؟! قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيه وِزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر» (صحيح ابن حبان).

• وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا نسي فأكل وشَرِب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» (صحيح البخاري).

ب- الجدل والمناظرة والحوار:

فالمجادلة بالحسنى من الأساليب الدعوية التي أمرَنا بها الله، فقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل من الآية:125]، وقال: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت من الآية:46].

ج- ضرْب الأمثال بأنواعها، صريحةً كانت أو كامنة، يقول تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر من الآية:21].

ومن الأمثلة: قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة من الآية:17].

وقوله صلى الله عليه وسلم: «مثل المدَّهنِ في حدود الله، والواقع فيها، مثل قوم استهموا سفينة...» (صحيح البخاري).

وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن فارق الجماعة شِبرًا، فقد خلع رِبقة الإسلام من عنقه» (سنن أبي داود).

د- القصص التي يغلِب عليها الجانب الفكري وتساق من أجل الاعتبار بها؛ يقول تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف من الآية:111].

وقال تعالى: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف من الآية:176].

من مواطن استخدامه:

أ- عند إنكار المدعوين للأمور الظاهرة، والبدهيات العقلية: قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور:35].

وقال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء من الآية:22].

ب- مع المعتدِّين بعقولهم وأفكارهم من المدعوين؛ لأنهم أسرع من يتأثر بالمنهج العقلي السليم.

ج- مع المنصِفين من الناس، البعيدين عن التعصب لآرائهم، والمتجردين من الأغراض الخاصة.

د- مع المتأثِّرين بالشبهات، والمخدوعين بالباطل، وغيرهم.

وأخيرًا المنهج الحسي:

وهو يعتمد على المشاهَدات والتجارِب؛ ولذلك يُطلَق عليه مصطلح (المنهج العلمي)، ويتميز بـ:

أ- سرعة تأثيره؛ لاعتماده على المحسوسات.

ب- عمق تأثيره في النفوس البشرية؛ لمعاينتها الشيء المحسوس.

ج- سَعة دائرته؛ لاشتراك الناس جميعًا في أنواع الحس أو بعضها.

د- يحتاج في استخدامه في كثير من المواطن إلى خبرة واختصاص، ولا سيما إذا كانت الدعوة لطبقة العلماء المتخصصين في العلوم التطبيقية.

من أبرز أساليبه:

أ- لفت الحس إلى التعرُّف على المحسوسات، للوصول عن طريقها إلى القناعات؛ كقوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ . وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ . وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ . فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات:20-23].

وقوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت:53].

ب- أسلوب التعليم التطبيقي: كما فعل صلى الله عليه وسلم في دعوته لتعلم الصلاة والحج، فقال: «صلّوا كما رأيتموني أُصلِّي» (صحيح البخاري)، وقال: «خُذوا عني مناسككم» (مسند أحمد).

ج- القدوة العملية في تعليم الأخلاق والسلوك: كما جعل اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم قدوة عملية للمؤمنين، فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].

وكذلك قال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159].

د- تغيير المُنكَر باليد وإزالته أمام صاحب المُنكَر، وهذا من أقوى درجات الإنكار، قال صلى الله عليه وسلم: «مَن رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده...» (صحيح مسلم).

كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بالأصنام المحيطة بالكعبة لما فتح مكة، حيث طعنها بعود في يده، فتساقطت على وجهها، وبعث سراياه إلى الأوثان (اللات، والعزى، ومَناة) فكُسرت.

هـ- تأييد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام بالمعجزات الحسية والخوارق، كما حدث مع كثير من الأنبياء السابقين، ومع رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.

ومن مواطن استخدامه:

أ- تعليم الأمور التطبيقية العملية والدعوة إليها، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في تعليم الوضوء والصلاة والحج.

ب- يُستخدَم في دعوة العلماء والمتخصصين في العلوم التطبيقية التجريبية، ويُعين على ذلك الاستدلال بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ومراعاة عدم التوسع في استخدام النصوص الشرعية لتأييد النظريات العلمية والفرضيات، ويكتفى بالاستشهاد بها على الحقائق العلمية الثابتة، وبأسلوب مناسب.

ج- يُستخدَم في دعوة الجاهلين للسنن الكونية، والمنكرين للبدهيات العقلية.

مخرج:

قال ابن تيمية: "والله سبحانه وتعالى قد أمرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأمر بالشيء مسبوق بمعرفته، فمن لا يعلم المعروف لا يمكنه الأمرُ به، والنهي عن المنكر مسبوق بمعرفته، فمن لم يعلمه لا يمكنه النهيُ عنه" (مجموع فتاوى ابن تيمية).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بلِّغوا عني ولو آية» (صحيح البخاري).

_____________________


[1]- (المدخل إلى علم الدعوة؛ محمد أبو الفتح البيانوني، بتصرُّفٍ واختصار).

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

سوزان بنت مصطفى بخيت

كاتبة مصرية

  • 1
  • 0
  • 5,935

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً