أحلامٌ مؤجَّلة!
حنان لاشين
لكل فتاة حلم، ولكل حلم مميزاته تختلف الطبائع وتتنوع الشخصيات.. ويبقى حلمٌ واحد مشترك لكل الفتيات.. (الزواج). ربما تأخُّر زواجكِ أو حتى عدم حدوثه نعمة كبيرة أنتِ مغمورة فيها، ولو اطلعنا على الغيب لاخترنا الواقع. فلنرضى بما قسمه الله تعالى لنا... ولا نتأفّف. تعلّمي الصبر وتذكّري أن الدنيا فانية والجنة باقية.
- التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة - قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - قضايا المرأة المسلمة -
لكل فتاة حلم، ولكل حلم مميزاته تختلف الطبائع وتتنوع الشخصيات.. ويبقى حلمٌ واحد مشترك لكل الفتيات.. (الزواج).
أحيانًا يكون حلمها الوحيد لهذا هي تتعب لو تأخر.
وأحيانًا تكون هي على قدرٍ من الذكاء فتُرتِّب أحلامها وتُنجِز وترتفِع إلى مكانةٍ تُحقق فيها ذاتها فلا تشعر أنه تأخر.
ولأن لحياتنا ظروف مختلفة تتقلّب من مجتمعٍ لآخر وتتفاوت من طبقةٍ إلى أخرى تغير سن الزواج.
فهناك مجتمعات تتزوج فيها الفتيات مُبكِّرًا ولهذا أصبح سن العنوسة قبل العشرين.
وهناك مجتمعات -وخاصةً المجتمعات المثقفة- يرتفع فيها سن الزواج بسبب إصرار الفتاة أو أهلها على إتمام الدراسة! ولهذا أصبح سن العنوسة التي يزعمونها عند الثلاثين.
حكموا على مستقبلها بالإعدام شنقًا إن تخطتها بعامٍ أو اثنين! هدّدوها ودفعوها لتقبل الزواج من أي شخصٍ يطرق باب قصرها! كسروا تاجها وتبعثرت اللآليء!
أزاحوها من فوق كرسي العرش، سرقوا منها ابتسامتها وأطفأوا بريق عينيها في محكمة شهودها أفراد مجتمع لا يعرف عن عالمها الخاص أي شيء.
لا يعرفون أنها مثقفة أحيانًا، قوية كثيرًا، نشيطة وناجحة عندما تُحدِّد من البداية أن الزواج ليس حلمها الوحيد ولكنه ضمن مجموعةٍ من الأحلام الجميلة.. تلك هي الأميرة.
سيأتي بإذن الله رزقكِ في موعده.. زوجٌ صالحٌ تقرّ له عينكِ، فلا تؤخريه وخذي بالأسباب.
أحيانًا قد تكونين أنتِ جزءٌ من السبب في تأخر زواجكِ يا أميرتي.. عندما تتعلّلين بعيوبٍ تافهة لرفض شخص على دينٍ وخُلق أكثر من مرة لمجرد أن مواصفات فتى الأحلام لم تتوفر بعد!
وأحيانًا عندما لا تكونين على قدرٍ كاف من النضج والإتزان ليُلاحِظ الآخرون أنكِ أصبحت الآن (عروس) تصلح للزواج.
كثيرًا ما أتألّم وأنا أرى فتيات تتصرّفن بطريقةٍ بعيدة عن الرزانة أمام الناس؛ رغم أنهن في سنٍ لا يتناسب مع تلك التصرُّفات...!
الهدوء والعقل والتسلُّح بالحجاب والدين هم جنودكِ حتى يُيسر لكِ الله زوجًا صالحًا يليق بكِ.
نعم لا بد أن يليق بكِ لأنكِ أميرة.
أحيانًا يتسبّب أهلكِ في تأخر زواجكِ بالطلبات الكثيرة والمبالغ فيها!
لماذا لا يتوقف العم والخال وزوجتاهما عن التدخل في الأمور المادية التي لا تعنيهم؟!
لماذا تعطين أذنكِ لابنة عمكِ وجارتكِ وزميلتكِ فتعكِّرين صفو زيجة يسيرة سهلة اقترب موعد ميلادها؟!
لماذا لا يتوقفون مع كلمات الله: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِه} [النور من الآية:32]، {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة من الآية:286]، {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق من الآية:7].
ولا تتعلّلي أبدًا بمستوى جمالكِ، أنتِ جميلة لأنكِ من صنع الله.. إن الجمال متفاوت ويختلف من شخصٍ لآخر، وما يعجبكِ لا يعجبني وما يعجبني ربما لا يعجبكِ بتاتًا، وربما نتفق على جمال فتاة وتأتي ثالثة تراها قبيحة، والعكس صحيح.
كما أن الجمال داخلي وينبع من الروح المستقرة التي تتمتع بسلامٍ داخلي ورضًا وقناعةً بما قسمه الله تعالى لها، فلتفتشي في ذاتكِ وتفتحي قلبكِ وصدركِ.
الجمال نبتةٌ رائعة تحتاج للري والعناية المستمرة.. أنتِ جميلة... صدِّقيني.
وعندما تثقين في نفسكِ ستتغير هيئتكِ وتتبدّل تصرفاتكِ وسيثق بكِ الآخرون، وسيرى الناس جمال وجهكِ ونفسكِ، واحترسي لأنهم ينظرون إليكِ! نعم كل الناس.
ولأنكِ مِنبرٌ مُتحرِّك يُعلِن عن الإسلام لا بد أن تنتبهي.. الأخت والأم والخالة والعمة تبحث دومًا عن عروسٍ لقريبها الشاب، لا بد من الوقوف مع النفس.. واصلاح الهيئة والاهتمام بالمنظر والشكل، رتبي نفسكِ.. وحياتكِ.. ونظمي واجباتكِ، وإياكِ والاهمال!
من يحب أن ينظر لفتاةٍ يداها غير نظيفة؟!
من يحب أن يقترّب من فتاةٍ رائحة عرقها نفاذة؟!
من يحب أن يتعامل مع فتاةٍ ثيابها غير مرتبة بل ومنفرة؟!
ومن يحب أن يُلقي السلام على فتاةٍ عابسة الوجه ليلًا ونهارًا؟
أنا لا أقول تبرّجي، ولا أقول اخضعي في القول، لا أقول تعطري بالعطر ومُرِّي بالقوم، لا أقول تنمصي وتلوني؛ ولكن كوني نظيفة ومحترمة وبشوشة.
وقبل أن تكوني جميلة المظهر احرصي على جمال الجوهر وصفاء النفس؛ فالكل يكره الحقد والحقوده، والكل ينبذ ذات اللسان اللاذع وتذكري أنكِ بتعففكِ عن الجدال والرد - أنكِ تفعلين هذا لله تعالى، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق من الآية:2-3].
وأخيرًا..
الزواج ليس النهاية بل هو البداية!
الزواج مسئولية وشراكة تبدأ بقبولكِ له وقبوله لكِ.
الزواج طاعة وما يأتي بعده بإذن الله تعالى لا بد أن يكون طاعة.
لا تجعليه فقط هدفًا رمزيًا بل اجعليه هدفًا مُتفرِّعًا ومُتشعِبًا لتبني مع زوجكِ بيتًا مُسلِمًا تقيًا.
لا تظني أنه صندوق ممتلء بالأحلام الوردية! ولا أقول لكِ أنه ليس ورديًا؛ ولكن تأكدي أن لكل مرحلة جمالها ولكل خطوة نجاحاتها، اسألي الله في سجودكِ أن يرزقكٍ زوجًا صالِحًا تقيًا يُقرِّبكِ إلى الله، وعندما يتأخر وقتيًا يا مليكتي فأنتِ في (مهمة)!
ربما يسّركِ الله لشيءٍ آخر، ربما هيأكِ الله وفرّغكِ لمهمةٍ ما.. بِرٌ بوالدةٍ ربما ستَبقى وحيدة إن تزوجتِ الآن وستتعذّب، وبِرّكِ بها سيُدخلكِ الجنة.
وقتٌ إضافي لتحفظي القرآن وترتلينه وتجودينه بل وتُحفِّظينه لأخريات.
عملٌ أنتِ ناجحةً فيه وتُحقِّقين شيئًا جديدًا نافِعًا للإسلام.
مجهودًا عمليًا لمساعدة الأيتام والفقراء والمحتاجين، بل وعيادة المرضى لو تزوجتِ ما تفرّغتِ له.
كم من فتاةٍ تأخر زواجها.. حتى نبت الشيب في رأسها، وإذا بالزوج الصالح يسعى إليها دون جهد منها!
كم من فتاةٍ تزوجت بفارس أحلامٍ لامعٍ وسيم، وأرتدت أبهى الحُلل وأغلى وأثمن الحُلي والذهب، ثم انتهى بها الحال مُطلّقةً مذبوحةً حزينة!
كم من فتاةٍ هي أمامنا متزوجة وسعيدة وهي في الحقيقة مسجونة! وربما تتمنى ما أنتِ فيه! ولا أقصد هنا إلا كلمة واحدة.. (لُطف الله الخفي).
فربما تأخُّر زواجكِ أو حتى عدم حدوثه نعمة كبيرة أنتِ مغمورة فيها، ولو اطلعنا على الغيب لاخترنا الواقع.
فلنرضَ بما قسمه الله تعالى لنا... ولا نتأفّف.
تعلّمي الصبر وتذكّري أن الدنيا فانية والجنة باقية.
أسأل الله أن يُسعِدكُن في الدنيا وفي الآخرة.