الخدمة في بيوتنا

منذ 2014-11-20

إن اهتمام الزوجة بزوجها ونظافته وملابسه وطعامه هو دليل على صلاح الزوجة، ولا شك ينعكس هذا على استقرار الزوجين واستقرار الأسرة أيضًا. فالزوج يحب الزوجة التي تهتم به، وتهتم بما يحب من الطعام والشراب والملبس، فاحرصي أيتها الزوجة على ما يرضيه في مطعمه ومشربه، وعلى ما يبرز نظافته وأناقته في ملبسه، وعليكِ أن تتفقديها فتصلحي ما يحتاج إلى إصلاح.

ما تآلف قلبا زوجين واتفقا وكانا سكنًا إلا ورأيت جمال التعاون وحب الخدمة مرفرًا بجناحه في بيتهما، فالخدمة المتبادلة بين الزوجين من أهم أساسيات البيوت الناجحة، فهي تبعث برسائل للزوجين تخبر كلًا منهما أن الطرف الآخر يحبك بصدق ويحترم مشاعرك ويحب لك الراحة ويود دائمًا أن يكون في عونك..

فما أعذبها من رسائل تصل إلى الزوج والزوجة فيزيد بينهما الرضا عن العلاقة، ويزدادا بها تمسكًا ويقطع دابر الشيطان.

ولم لا وقد تحملا سويًا تكاليف الحياة، فتارة يتقدم الزوج لخدمة زوجته مضحيًا من أجل زوجته الحبيبة، وتارة أخرى تتقدم هي مضحية من أجل زوجها الغالي.

حينها يصبح البيت جنة تفوح بالحب والتعاون، ولا تنتظر الزوجة أن يلح عليها في الطلب بل تهرع هي إلى خدمته، ولا ينتظر الزوج من الزوجة أن تتوسل إليه ليعاونها بل يتقدم طوايعة بدافع الحب والشفقة.

إلى الزوجة

أيتها الزوجة الغالية، إن خدمتك لشريك تتمثل في إعداد الطعام له، وتنظيف ملابسه وتجهيزها له، وتهيئة البيت ليكون واحة راحته، وإكرام ضيفه، واحترام مواعيد نومه واستيقاظه وعودته من العمل، والمرأة كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم» [متفق عليه].

ولنتأمل في الحوارين التاليين:

الحوار الأول:

في تمام الساعة الخامسة مساء كعادته عاد أحمد للتو من عمله منهكًا، اجتر قدميه إلى داخل البيت، غير ملابسه، ثم غسل وجهه ويديه، وانطلق مسرعًا صوب مائدة الطعام، فكانت المفاجأة.

أحمد: أمال، أين الطعام؟!

أمال: انتظر قليلًا سأحضره لك.

أحمد -في غضب وبصوت مرتفع-: ألا تعلمين أني أعود من عملي متعبًا، وأكون في قمة الجوع، وأود أن آكل سريعًا لأرتاح قليلًا قبل أن أعاود العمل من المنزل؟!

أمال: لا أرى داعي لكل هذا!

أحمد: أنت لا تحبين إلا نفسك ولا تخدمين إلا نفسك، لقد بدأت أمل من هذه العيشة، ثم دخل إلى غرفته مسرعًا وأغلق الباب خلفه.

أرأيت أيتها الزوجة، كيف أن شعور الشخص بعدم رغبة زوجته في خدمته جلب له شعورًا بعدم حبها له، وصنع من ذلك مشكلة ربما تتفاقم وتهدد حياتهما الزوجية.

لذا أوصت أُم إياس ابنتها وهي مقبلة على الزواج بنصائح؛ كان منها: "التعاهد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه، فحرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة" [محاضرات الأدباء، الراغب الأصفهاني، (1/415)].

"وشئون البيت متعددة ومتداخلة، ولذلك فإن قرار المرأة في بيتها وسعي الرجل خارجه؛ جعل أكثر ما يتعلق بشئون البيت من مسئوليات المرأة بحكم الواقع" [بالمعروف... حتى يعود الدفء العاطفي إلى بيوتنا، د.أكرم رضا، ص(242)].

"إن اهتمام الزوجة بزوجها ونظافته وملابسه وطعامه هو دليل على صلاح الزوجة، ولا شك ينعكس هذا على استقرار الزوجين واستقرار الأسرة أيضًا. فالزوج يحب الزوجة التي تهتم به، وتهتم بما يحب من الطعام والشراب والملبس، فاحرصي أيتها الزوجة على ما يرضيه في مطعمه ومشربه، وعلى ما يبرز نظافته وأناقته في ملبسه، وعليكِ أن تتفقديها فتصلحي ما يحتاج إلى إصلاح. أعدي له طعامه في الوقت الذي يرغبه، فلا يعود من عمله خارج البيت متعبًا جائعًا والطعام لم يُعد بعد، أو لا يزال يُطهى، فإن ذلك يغضبه غضبًا شديدًا، إن هذه الأمور سهلة ويسيرة ولكن التهاون بها قد يجعل منها مشكلة؛ فانتبهي" [دروس تربوية للمرأة المسلمة، عصام محمد الشريف، ص(63)].

إلى الزوج

أما أنت عزيزي الزوج، فتأكد تمامًا أن من أهم السلوكيات التي تقدرها المرأة وتورث في قلبها حبًا كبيرًا لك، شعورها بشفقتك عليها في خدمة البيت، والحرص على تقديم العون لها في أعمال المنزل، فالمرأة تحتاج أن تسمع إلى كلمات الثناء والتشجيع على خدمتها لزوجها وأسرتها، وتحب كذلك أن تسمع إلى رغبتك في مساعدتها، حينها لن تبخل أبدًا بتقديم كل ما في وسعها من أجل خدمة زوجها وأسرتها.

ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي هذا منهن، فكان لا يكلفهن مؤونة نفسه، فقد كان يخدم نفسه، ويسارع في مساعدة أهله، حتى لربما وضع رجله لإحداهن لتصعد على البعير.

"إن وعي الرجال بذلك، وملاطفتهم للزوجات في المعاملة، وتقديم شيء من الخدمة، كل ذلك له أثره البالغ في سكون نفوسهن، واستقرار عواطفهن، بحيث تقبل إحد?هن على زوجها في غاية السعادة والرضى، حتى وإن كن في شدة من ضيق العيش، وقلة ذات اليد" [حتى يبقى الحب، د.محمد محمد بدري، ص(692)].

المصطفى صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله

لقد ضرب المصطفى صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في خدمته لأهله، تقول عنه السيدة عائشة رضي الله عنها: "كان صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله فإذا نودي بالصلاة خرج إليها وكأنه لا يعرفنا" [رواه البخاري].

وسئلت عائشة عنه: ما كان يصنع في بيته؟ قالت: "يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة" [رواه البخاري].

وكان بنفسه صلى الله عليه وسلم يرقع الثوب ويخصف النعل، معاونة لزوجاته وتخفيفًا عنهم.

فلئن كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق ويتحمل مسئولية الأمة بكاملها، فلماذا لا تقتدي به وتكون في خدمة أهلك، فتعاون زوجتك في تنظيف الأواني أو ترتيب بعض الأشياء أو حمل أخرى عنها، وتربي أبناءك على ذلك وتدعوهم للمشاركة فيه، فإن لهذا بالغ الأثر في زيادة الحب وتدفق المودة بين الزوجين.

دراسة علمية: أثر الخادمات في البيوت على الأولاد.

أجرت بعض مراكز الدراسات في قطر دراسة جاءت تحت عنوان "الاتجاهات نحو الخادمات وأثره على أساليب التنشئة الأسرية والتوافق النفسي للأبناء بدولة قطر"، والتي كشفت أن الخادمات يؤثرن بصورة كبيرة على لغة الطفل الأم الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى خلق لغة غير متماسكة لدى هؤلاء الأطفال وخلق عجز لديهم في استيعاب اللغة الأم من خلال عملية التنشئة الاجتماعية.

وأوضحت الدراسة أن 45.7% من الأمهات يجدن مشكلة في تأثير الخادمات على الأطفال بسبب ما يغرسنه فيهم من عادات سلبية كالكذب والتكاسل والاتكالية والتدليل المفرط الذي يفقد الطفل التوجيه السليم ويدفعه للتمادي في الأخطاء.

وقد استعرضت الدكتورة بتول خليفة -أستاذ الصحة النفسية المساعد-كلية التربية جامعة قطر- هذه الدراسة خلال فعاليات المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بيوم الأسرة القطرية الذي يصادف الخامس عشر من أبريل من كل عام، صباح أمس الثلاثاء، مشيرة إلى أن حجم انتشار ظاهرة الخدم في المنازل يبلغ حوالي %1.29، وأظهرت الدراسة أن من أهم أسباب الاستعانة بالخادمات هو لرعاية الأطفال ما نسبته %44، كما جاء انشغال المرأة بالعمل في المرتبة الثانية الذي شكل ما نسبته %32.5، إلى جانب كثرة المسؤوليات الأسرية والأعباء المنزلية، وبينت الدراسة أن %77.5 من الأمهات القطريات يرين ضرورة الاعتماد على الخادمات.

وأشارت الدراسة إلى أن نسبة الخادمات المتزوجات بلغت %55.4 وغير المتزوجات بنسبة %37.6 مما يوضح أثر هؤلاء الخادمات من الناحية الأخلاقية والاجتماعية خاصة أنها بالإمكان أن تستخدم طرقا غير مقبولة اجتماعياً للحصول على ما تحتاجه داخل الأسرة ولو بطرق غير شرعية، كما أن هؤلاء الخادمات يشعرنَ بالحرمان العاطفي نتيجة لابتعادهن عن أسرهن الطبيعية مما يكون له أكبر الأثر على الأبناء خاصة الأطفال منهم.

وعرجت الدراسة على الأساليب التي تعامل بها الخادمة الأطفال، مشيرة إلى أن الوصف الإحصائي لمقياس الخادمة يوضح أن الخادمة تقوم برعاية وخدمة الأبناء -خاصة الأطفال الصغار- حيث بلغت نسبة ما يوافقن عليه الخادمات في أنهنَّ يقمنَ برعاية الأطفال %99.8، وأقرت الدراسة أن %41.3 يقمنَ بمعاقبة الأطفال بنسب متفاوتة عند إزعاج الطفل لها أثناء قيامها بالخدمة المنزلية.

وأن أساليب العقاب الذي تستخدمه الخادمات يتراوح ما بين ضرب الطفل %3.5 وتهديد الطفل أو حرمان الطفل من شيء يحبه %14.2، وبعضهنَّ يحكين له قصة ما نسبته %78.1، وما بنسبة %1.2 يلجأن لاستخدام الدواء لتنويم الأطفال، و%6.8 تصرخ على الطفل كي يؤوي للفراش، و%27.5 تدفعه للنوم وهو مكره.

وتضمنت الدراسة إحصائية صادرة عن المجلس الأعلى للقضاء توضح بعض التهم الموجهة لخدم المنازل من 2005م - 2006م حيث كشفت عن 66 جريمة زنا، و5 حالات جريمة السرقة، وحالتي سرقة الخادم لمخدومه، وعن حالتين لتسهيل الدخول لملك الغير، وكانت جنسياتهنَّ مابين هندية، وسريلانكية، وأندونيسية، وفلبينية.
 

أم عبد الرحمن محمد يوسف
 

المصدر: مفكرة الإسلام
  • 4
  • 2
  • 4,409

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً