كهنة فرعون في عصرنا الحاضر

منذ 2014-11-28

الآل هنا هم الأتباع على الطريقة والخلفاء في المنهج، ولو جاءوا بعد آلاف السنين، وقد قال الله تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فصلت:4]، سنة مطَّردة، كلما قام أتباع الأنبياء قام لهم أتباع الفراعنة، ولكن العاقبة للمتقين.

الآل هنا هم الأتباع على الطريقة والخلفاء في المنهج، ولو جاءوا بعد آلاف السنين، إنْ في الخير أو الشَّر، فآل إبراهيم وآل موسى وآل محمد وآل الأنبياء عليهم جميعاً الصلاة والسلام جميعهم هم أتباعهم على دينهم، والذين آمنوا بهم واقتفوا آثارهم واهتدوا بهداهم.. وآل إبليس وآل فرعون هم أتباعهم على مناهجهم وورثتهم في حربهم على دين الله والمؤمنين والتنكيل بهم وإقامة المذابح لهم والمشانق والمحارق: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}[البقرة:49]، سنة مطَّردة، كلما قام أتباع الأنبياء قام لهم أتباع الفراعنة، ولكن العاقبة للمتقين، وقد قال الله تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فصلت:4].

ولكثرة آل فرعون وأتباعهم عبر التاريخ، وضراوة حربهم لآل سيدنا موسى عبر التاريخ أيضًا فقد ذُكر في القرآن (آل فرعون) أربعة عشر مرة، بينما ذُكِر (آل) مع الأنبياء جميعًا عشر مرات فقط! وهذا يتناسب مع سنة القلة والكثرة بين الفريقين..

فقد كَذَب الفرعون الأول والفراعنة بعده: {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}[غافر:29]. فلا هم هدَوْهم، ولا هم قصدوا نفعهم وهدايتهم أصلًا، وما زال ولن يزال الفراعنة يقولون ذلك في كل عصر ومصر، بطريقة أو بأخرى؛ بلسان الحال أو المقال، بل ويقولون كما قال فرعونهم الأول: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:24].

الفراعنة يدَّعون الحق، ويدَّعون أنهم هم المصلحون، وأنهم يريدون الخير والحق للبلاد والعباد، وأنهم قادرون عليه، أما آل موسى عليه السلام فهم-عندهم- المفسدون في الأرض، المخرِّبون للأوطان: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} [الأعراف: 127، لا بل يُرسلون مخبريهم ووسائل إعلامهم وآلات إعدامهم: {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56)}[الشعراء: 53-56].

لما عادت حلقات التاريخ الغابر في العصر الحاضر، وعلى أرض مصر نفسها وفي شخوصٍ آخرين، فقد كِدْتُ أقرأ قول الملأ من قوم فرعون هذا الزمان أتذر مُوسى وإخوانه ليفسدوا في الأرض؟ بإبدال موسى وإخوانه بمرسي وإخوانه .

ولكنها مقروءة واقعًا فوق كل أرض يدب عليها وتحت كل سماء يستظل تحتها خلفاءُ موسى عليه السلام وتُبَّعُ فرعون عليه اللعنة: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ؛ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}[غافر:36]. فما الذي يخشى آلُ فرعون تبديله من الأديان، وما الفساد الذي يُظهِرُه آلُ سيدنا موسى في الأوطان؟!

كل ذلك يتعلق بتشديدة: لطائف يَهَدِّي في قوله تعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[يونس:35]، تتعلق بمن يهدي، ومن لا يَـهـدِّي إلا أن يُهدَى؛ ملكًا واختصاصًا وقدرة وقصدًا وسبيلًا وبلوغًا وعاقبة!

فهذا يا عباد الله المسلمين، ويا عبيد الله من غير المسلمين  لو سُئِلتم: أفمن يَخلق كمن لا يَخلق؟!
مؤكَّدٌ أنكم تتفقون على أنه ليس من يخلق كمن لا يخلق.
فإلى من تتوجهون في طلب الحاجات، وكشف الكربات..؟!
ظنِّى بكم أنكم تقولون إلى الله.. لأن له الخلق! حتى الذين أشركوا إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين!

أمَا تقرؤون في كتاب الخالق أن الذي يخلق هو – وهو فقط- الذي يستحق أن يَأمر؟! أوَليس الخالق هو القائل: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[الأعراف:54]. 

فما لكم يا عباد الله – ويا عبيده- تبتغون الهداية عند غير الله، ممن لا يستطيعون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا ولا هداية.. فضلا عن أن يملكوها لغيرهم؟!

لا يملكون أن يهتدوا إلى أيسر الأشياء، ولا إلى كيف يفتكون الذبابَ شيئاً سلبهم إياه، لا يملكون أن يَهتدوا إلى كيفية حياطة أنفسهم وإلى حماية أعراضهم... فكيف تطلبون منهم حماية أو هداية؟!

اللهم إنك الحق، وتهدي للحق، ودينك الحق.. فاجعلنا اللهم من أهل الحق، وأريناه حقًّا وارزقنا اتِّباعه بالحق وللحق.

انتهى ما عندي مما يتعلق بهذه الآية، وفيها ما لم أجد بُدًّا من الإشارة إليه، مما شدَّني إليها الشدَّة.

وها قد حططنا الرحال بعد هذا التجوال مع شدائد هذه الشدة، ومع لطائفها البديعة، ولفتاتها الرشيقة، ومعانيها العميقة، والتي أوفى الله تعالى فيها البيان وأقام الحجة، هكذا القرآن كلُّه لمن أعطاه كُلَّه، فاللهم افتح بيننا وبين كتابك الهادي العزيز، واجعله ربيع قلوبنا ونور صدورنا ودستور حياتنا، وشفيعنَا يوما القيامة.

يتبع لمقالات: لطائف: يَهَدِّي

وإلى شدَّات آخرى في آيات أخرى إن شاء الله تعالى

6 صفر 1436 (28‏/11‏/2014)

أبو محمد بن عبد الله

باحث وكاتب شرعي ماجستير في الدراسات الإسلامية من كلية الإمام الأوزاعي/ بيروت يحضر الدكتوراه بها كذلك. أستاذ مدرس، ويتابع قضايا الأمة، ويعمل على تنوير المسيرة وتصحيح المفاهيم، على منهج وسطي غير متطرف ولا متميع.

  • 3
  • 0
  • 9,412
  • محمد نجاتي سليمان

      منذ
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد لقد انتهيت مؤخرا بفضل الله من كتابي الجديد موسى كل عصر وكنت آمل منكم الاطلاع على الكتاب لتزكيته كما أريد أن تنشروه على موقعكم إن لاقى لديكم قبولا واليكم نبذة مختصرة عن مضمون الكتاب _______________________ كتاب #موسى_كل_عصر أول كتاب يتناول حياة نبي الله موسى بصورة عصرية مشوقة في ضوء مجريات الأحداث في #مصر والوطن العربي. كتاب موسى كل عصر هو جزء من سلسلة الصراع بين الحق والباطل، يتناول فيه الكاتب قصة كفاح نبي الله موسى في مصر من أجل الحصول على الحرية لبني إسرائيل والخروج بهم بعيداً عن بطش فرعون، بطريقة قصصية تسلسلية تميل إلى الجانب الروائي، مضاف فيها بعض الجوانب التربوية مع اسقاط واضح على أرض الواقع. سيُبحر بك الكتاب وبأسلوب مثير ومشوق في أعماق القصة، وستشاهد بعينك الأحداث كأنك تعيشها هناك .. وفي طيات أحداث الفصل الأول من القصة ستجد الإجابة على هذه الأسئلة .. - من هم الهكسوس وما سر قوتهم ؟ - وما حكاية تلك الرؤيا العجيبة التي رآها ملكهم فكانت سبباً لخروج سيدنا يوسف من السجن وبرأته من التهم الملفقة ضده ؟ - ولماذا أحب المصريون يوسف وكرهوا إخوته بعد موته ؟ - وما اسم هذا الفرعون الذي قتّل أبناءهم واستحى نساءهم ؟ - ولماذا استسلم بنو إسرائيل أمام هذا العدوان الغاشم عليهم ؟ - وكيف تجرأ الفرعون أن يفعل ذلك كله، ومن هم أبرز معاونيه ؟ &&&&&& أما أحداث الفصل الثاني من الكتاب فستعيش فيها مع تلك الأم البسيطة التي هي من عوام بني إسرائيل عندما ترى رؤيا، أنها ستلد طفلاً حياته - فور ولادته - محفوفة بالمخاطر والأزمات، وما عليها سوى أن تلقيه في اليم عندما تشعر عليه بالخوف! لتتعرف على التدابير الأمنية التي ستتخذها هذه الأم العظيمة للمحافظة على ولدها ؟ كما ستعرف قصة أخته الفدائية صاحبة الحس الأمني العالي ؟ وما هو دور آسية زوجة فرعون في تلك الأحداث ؟ ومن هم شيعة موسى الذين كان يلتقي بهم سراً في المدينة ؟ ولماذا اختار موسى مدّين دون بقية البلدان للهروب إليها ؟ ولماذا قرر موسى العودة إلى مصر بعد سنوات من الغياب ؟ &&&&&&&&&& أما في الفصل الثالث من الكتاب سنغوص سويا في أعماق القصة لنعرف .. - لماذا لم يسعى فرعون لقتل موسى فور علمه بوصوله إلى مصر، وقَبِلَ باستقباله في القصر ؟ - كيف استطاع موسى أن يبهر الملأ ببراعة أسلوبه، وقوة منطقه ؟ - ما هي أحداث يوم الزينة، ولماذا اختار فرعون تلك القتلة الشنيعة لإنهاء حياة السحرة ؟ - كيف تناولت الأذرع الإعلامية لفرعون أحداث مذبحة السحرة، وما هو رد فعل الجماهير التي شاهدت المذبحة ؟ - ما هي القرارات الاستثنائية الجديدة التي أصدرها فرعون ضد كل من يؤمن بدين موسى نزولاً على رغبة الملأ ؟ بالإضافة أن الكاتب سيأخذك في جولة حصرية داخل سجون فرعون، لتشاهد خلالها كيف كان يعذب المعارضين. &&&&&&&&&&&&&&& أما في الفصل الرابع من الكتاب سنتابع حكاية المرأة التي أصّر فرعون أن يُشرف على تعذيبها بنفسه ؟ ونعرف سر رائحتها الجميلة التي تعطر الجنة حتى الان ؟ ثم نشاهد كيف عذب فرعون آسية ؟ وكيف ساءت حالته النفسية بعدما قتلها بيده ؟. ثم نعرف حكاية مستشار فرعون الذي أنقذ موسى عليه السلام من محاولة اغتيال كان فرعون يُدبر لها ! ثم نستمع إلى اعترافات الفتاة التي سعت لتشويه سمعة سيدنا موسى وادعت أنها على علاقة به ؟! ثم ندخل سوياً قصر قارون ونشاهد كيف كان يعيش ببزخ؟ ونتعرف على سر انتكاسته وارتداده عن الاسلام حتى أصبح من أشد المعادين لموسى؟! &&&&&&&&&&&&&& وفي الختام وبالقرب من شاطئ الفصل الأخير من القصة والذي سيبدأ فيه نبي الله موسى مرحلة جديدة من صراعه مع فرعون، وهي مرحلة الإنذارات السبعة سنتعرف على بعض الأسرار .. - سر إصرار فرعون على العناد والكفر رغم كل يراه من معجزات خارقة ! - سر الإشاعة التي ترددت عن إعلان تنحي فرعون عن قراره بحظر خروج بني إسرائيل من مصر وإيمانه المفاجئ بدعوة موسى عليه السلام ! - سر تمسك جموع من الشعب المصري بفرعون رغم كل ما حل عليهم من بلايا ونقم بسبب عناده وطغيانه ! - وسنرى كيف كوّن موسى وهارون عليهما السلام هرماً تنظيماً لقيادة شعب بني إسرائيل، استعداداً للحظة الخروج من مصر ! مؤلف الكتاب محمد نجاتي سليمان وقد أشرف على الكتاب وراجعه فضيلة الشيخ أحمد المحلاوي وفضيلة الدكتور وصفي عاشور أبوزيد كتاب موسى كل عصر ستجدونه على الروابط التالية رابط تحميل نسخة BDF من الكتاب http://cutt.us/GbAm

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً