دعوة إلى إحياء حياتنا بذكر الله عزًّ وجلًّ
إن من أفضل ذكر الله عز وجل ما جاء تسميته في نصوص الوحي الشريف بـ (الباقيات الصالحات)؛ كما قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف:46]، وقال تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا} [مريم:76].
- التصنيفات: الطريق إلى الله -
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد؛ فهذه دعوة حانية إلى إحياء حياتنا بذكر الله عز وجل والبُعد عن كل ما من شأنه أن يعكّر صفْو هذه الحياة أو يُحيلها مواتًا لا روح فيها مما حرَّم الله عز وجل من الغِيبة والنميمة والكذب والبهتان، وما كان على شاكلتها من آفات اللسان.
ومُنطلق هذه الدعوة: ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه بسنده عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « »، وما أخرجه أحمد بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ».
وإن من أفضل ذكر الله عز وجل ما جاء تسميته في نصوص الوحي الشريف بـ (الباقيات الصالحات)؛ كما قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف:46]، وقال تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا} [مريم:76].
فما هي الباقيات الصالحات؟ وما فضائلها العظيمة الثابتة في محكم الكتاب وصحيح السنة؟
قول جمهور العلماء -وهو الصواب إن شاء الله-: إن الباقيات الصالحات هي: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"؛ كما قرر ذلك الحافظ الإمام صلاح الدين العلائي (ت: 761هـ) في كتابه النفيس (جزء في تفسير الباقيات الصالحات وفضلها) (ص: 40)؛ إذ ناقش رحمه الله الأدلة الواردة في هذا الباب، وخلص إلى هذه النتيجة؛ استنادًا إلى الأدلة الآتية:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذكر، وكذا الشيخ الإمام الألباني رحمه الله في: (صحيح الجامع) رقم: [3214]).
» قالوا: "يا رسول الله، أمن عدوٍّ قد حضر؟" قال: « » (أخرجه النسائي في: (السنن الكبرى) برقم: [10617]، وصححه الحافظ العلائي في جزئه الآنف2- عن عبدالملك، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} قال: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"؛ أخرجه الطبري في: (تفسيره [18 / 33])، وإسناده صحيح على شرط مسلم؛ كما جزم بذلك الحافظ العلائي في جزئه السابق.
وقرَّر ذلك أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في غير ما موضع له من (مجموع الفتاوى [10 / 554، 22 / 394، و396، و478، 23 / 56، 24 / 241])، وفي (جامع المسائل [3 / 271]) في قاعدة نفيسة له بعنوان: (قاعدة حسنة في الباقيات الصالحات وبيان اقتران التهليل بالتكبير والتسبيح بالتحميد).
أما فضائلها العظيمة؛ فهي ثابتة في محكم الكتاب وصحيح السنة؛ فيما يلي:
1- إن لقائلها خيرَ الثواب عند الله، ولصاحبها خير العاقبة والمرد عند الله فيما يأمله من الفضل والعطاء؛ كما قال تعالى: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف:46]، وقال تعالى: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا} [مريم:76].
2- إنها أحب الكلام إلى الله؛ فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (أخرجه مسلم في صحيحه برقم: [2137]).3- إنها أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم مما طلعَت عليه الشمس؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (أخرجه مسلم في صحيحه برقم: [2695]).4- إنها مسقطة للذنوب؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بشجرة يابسة الورق فضربها بعصاه فتناثر الورق، فقال: «
» (أخرجه الترمذي في سننه برقم: [3533]، وحسَّنه الألباني في صحيح سنن الترمذي).5- إنها غرس الجنة؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (أخرجه الترمذي في سننه برقم: [3462]، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي).
6- إنها كلمات اصطفاها الله جل وعلا واختارها من بين سائر الكلام، ورتَّب عليها نَيل الحسنات ومحو السيئات؛ فعن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «
» (أخرجه أحمد في مسنده برقم: [8012]، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم: [1554]).7- إنها جُنَّة لقائلها من النار، وحامية له يوم القيامة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » قالوا: "يا رسول الله، أمن عدو قد حضر؟" قال: « » تقدم تخريجه.
8- إنها تنعطف حول عرش الرحمن، ولها دوي كدوي النحل، تُذكِّر بصاحبها؛ فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (أخرجه أحمد في مسنده برقم: [18362]، وصححه الألباني في مختصر العلو للعلي العظيم برقم: [32]).9- إنها ثقيلات في الميزان؛ فعن أبي سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «
» (أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم: [830]، وصححه الألباني في: (الصحيحة) رقم: [1204]).10- إنها صدقة للعبد؛ فعن أبي ذر رضي الله عنه أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يُصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم"، قال: «
» (أخرجه مسلم في صحيحه برقم: [1006]).هذا، وأسأل الله العلي الأعلى أن يوفقنا جميعًا للعلم النافع والعمل الصالح، ونَيل محبته ورضوانه، وصلِّ اللهمَّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
النميري بن محمد الصبار