الفوضى الموعودة
عندما ترصد نتائج الحادث الذي جرى مؤخراً في سيناء سواء على المستوى الرسمي أو الإعلامي تعرف بدقة ما الهدف ومن المستفيد، فقد كان أول تصريح إعلامي للمجلس العسكري فيه إشارة لأن المسلحين قد أتوا من غزة بدون دليل، وقبل إجراء تحقيق، واعتماداً على المصادر الإسرائيلية، وإغلاق معبر رفح، ثم توجيه التهمة إعلامياً لحماس والفلسطينيين، ثم توجيه النقد لرئيسنا، وأن سماحه بفتح المعبر وعلاقاته بحماس مهدت لهذا العمل الإجرامي، وإفراجه عن إسلاميين محبوسين من الثمانينات وخلفيته الإسلامية والإخوانية ستجعل يده رخوة مع المسلحين ذوي اللحى، كل هذا قيل وتداول.
عندما ترصد نتائج الحادث الذي جرى مؤخراً في سيناء سواء على المستوى الرسمي أو الإعلامي تعرف بدقة ما الهدف ومن المستفيد، فقد كان أول تصريح إعلامي للمجلس العسكري فيه إشارة لأن المسلحين قد أتوا من غزة بدون دليل، وقبل إجراء تحقيق، واعتماداً على المصادر الإسرائيلية، وإغلاق معبر رفح، ثم توجيه التهمة إعلامياً لحماس والفلسطينيين، ثم توجيه النقد لرئيسنا، وأن سماحه بفتح المعبر وعلاقاته بحماس مهدت لهذا العمل الإجرامي، وإفراجه عن إسلاميين محبوسين من الثمانينات وخلفيته الإسلامية والإخوانية ستجعل يده رخوة مع المسلحين ذوي اللحى، كل هذا قيل وتداول.
هذا يوضح مدى ذكاء من كانوا وراء هذه العملية؛ لأنهم أصابوا عدة عصافير بحجر واحد، وأن كل هذه النتائج التي تصب في مصلحة أمن إسرائيل الأمر الذي يؤكد أن المدبر هو إسرائيل أو عملائهم المنتشرين في كل مفاصل الدولة المصرية خاصة ورثة الكنز الإستراتيجي لإسرائيل.
وتفنيد هذه التهم التي وجهت للفلسطينيين لا تحتاج إلى كثير مجهود؛ لأنهم هم أول من تضرر من هذا الفعل الإجرامي بإغلاق المعبر وتدمير الأنفاق وإساءة الظن بالأشقاء، فكيف يدمرون مصالحهم بأيديهم؟ هكذا بالطبع قادة حماس ليسوا بهذا الغباء لكي يخدموا إسرائيل بأيديهم وكيف لهم أن يفعلوا ذلك الآن في ظل علاقات جديدة أكثر حميمية من تلك التي كانت أثناء حكم مبارك وحصاره لهم، كان أولى بهم أن يفعلوا ذلك كراهية في مبارك ونظامه أثناء مشاركته في حصارهم ولكنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا بل هم ينتظرون بفارغ الصبر انبعاث مصر خروجها من قمقم التخلف والفقر والفوضى والضعف لكي تساعدهم على تحرير أراضيهم وهذا الذي يُغضب الصهاينة سواء في إسرائيل أو مصر.
أما التهم التي وجهت لمرسي استغلالاً للحدث، فإن مرسي حينما أفرج عن بعض المعتقلين كان هذا بتوصية من اللجنة المشكلة من عسكريين وشرطيين وقانونيين وناشطين حقوقيين وسياسيين لبحث حالات المعتقلين فإن كان ثمة خطأ فهو في خبث من وجهوا التهمة لهذا الإجراء الرئاسي الذي لا يعقل أن يكون رد الجميل له هو هذا العمل الإجرامي من قبل من أفرج عنهم أو أنصارهم كما يدعي سدنة الأمن الإسرائيلي في إعلامنا المخترق.
حدث في غزة منذ أربع سنوات تقريباً أن مجموعة مسلحة اجتمعت في مسجد بن تيمية بالقرب من رفح رفضت اتفاق التهدئة بين حماس بالاشتراك مع كافة فصائل المقاومة والصهاينة وكانت تريد أن تدخل القطاع في مذبحة أخرى بيد إسرائيل، وبعد مداولات بين حماس والمجموعة المسلحة التي بدأت بقتل الوسيط في المباحثات لم تتهاون حماس في حماية أمن القطاع بقتل واعتقال المجموعة المسلحة التي كان ضررها بلا نفع، وكذلك الإخوان المسلمون في مصر كانوا يعتبرون العمل المسلح ضد الدولة هو خصم من الإسلام وتعطيل للمسيرة فلم تخفي معارضتها لاتخاذ العنف وسيلة للتغيير ولا اعتقد أن مرسي ستكون يده مرتخية مع أي تنظيم مسلح مهما ادعى صلته بالإسلام؛ لأنه يعلم جيداً أن العمل كما يعلم كل الشعب المصري أن الجماعات المسلحة لم تجر على الدول إلا الخراب والتدخل الأجنبي وتشويه صور المشروع الإسلامي.
أظهر الحادث مدى استخفاف ورخاوة الأجهزة الأمنية وعلى رأسها المخابرات؛ لأنها لم تأخذ التحذير الإسرائيلي لرعاياها بمغادرة سيناء؛ لاحتمال تعرضها لحادث إرهابي مأخذ الجد، فضلاً عن رخاوتها المسبقة عند ظهور مسلحين بسيارتهم وأسلحتهم في فيديو خلال عملية الهجوم على العريش وعن المعلومات المتداولة أن رجال دحلان موجودون في سيناء بعلم من رئيس المخابرات الهالك عمر سليمان، والاعتداء المتكرر على خطوط الغاز الذي لا استنكره بل فقط الفت النظر إلى أن الأجهزة الأمنية فشلت في معرفة من وراءه، الأمر الذي دعا نشطاء الفيس بوك للسخرية من المخابرات المصرية وأنها فالحة فقط في السينما والمسلسلات.
واتضح لنا بجلاء مدى اختراق الإعلام المصري من قبل إسرائيل؛ لأنهم سارعوا بتقديم المتهم كما تريد إسرائيل وتطالب بنفس مطالب إسرائيل في إغلاق المعبر والأنفاق بل بفك العلاقات مع غزة والمشاركة في الحصار من جديد كما كان هو الحال في عهد الكنز الإستراتيجي لإسرائيل، فضلاً عن مدى إفلاس الإعلام المصري؛ لأنه اعتمد في نقل كل أخبار الحادث عن الإعلام الإسرائيلي؛ لأنه مشغول بالمهمة الإستراتيجية الصهيونية لمقاومة الإسلام والإسلاميين، ألا يدل هذا على روابط الأخوة ومشاعر الود التي تربط الإعلام المصري بالإسرائيلي.
وكل المحللين العسكريين الذي دعاهم سواء إعلام رجال الأعمال أو الحكومي للتعليق على الحادث كانوا يتبارون في تبرئة الأجهزة الأمنية والجيش في عدم تحملها أي مسئولية عن الحادث ولو بشكل غير مباشر.
أما عن أسباب الحادث فكلم بلا حرج فاغلب التحليلات تتحدث عن انشغال المجلس العسكري بالسيطرة على السلطة والعمل السياسي وزرع الصحاري وعصر الزيتون وتربية المواشي كان من أهم أسباب هذا الإهمال الشديد في إحكام السيطرة على الحدود، فضلاً عن تقديسهم وإخلاصهم الشديد لاتفاقية كامب ديفيد على حساب أمن الوطن وجنوده فهي لم تؤمن سيناء بالعدد الكافي من الجنود ولم تستطيع تأمينها من أنشطة الجماعات المسلحة.
أختم بقولي أليست هذه من ضمن الفوضى التي هدد بها مبارك واعترف بها عاموس يادلين (*)رئيس المخابرات الإسرائيلي السابق حين أقر بأنه تمكن من اختراق كل مفاصل الدولة المصرية بحيث يستحيل استقرار أي نظام آخر إلا نظام الكنز الإستراتيجي، وسؤال اطرحه وكلي أمل أن يكون من سوء الظن المنهي عنه شرعاً..هل وصل الاختراق الإسرائيلي لأجهزتنا الأمنية؟
مصطفى الكومي
- التصنيف:
- المصدر: